عندما نُقدم على التأمين على شيء ما فإن هناك هاجساً أو سبباً يدفعنا للقيام بذلك، وهذا السبب يكمن في
مصلحتنا في التأمين على هذا الشيء، أو ما يُعرف بالمصلحة التأمينية. ويمكن تعريف المصلحة التأمينية بأنها «الحق القانوني في التأمين الناشئ من علاقة مالية قانونية بين الشخص والشيء موضوع التأمين ». بمعنى آخر، فإنه لابد من وجود مصلحة مُعتبرة قانوناً بين طالب التأمين والشيء أو الشخص موضوع التأمين، حيث ينتفع طالب التأمين بسلامة وعدم تضرر موضوع التأمين، ويتضرر إذا لحق بموضوع التأمين أي ضرر. فأي شخص يُقدم على التأمين على شيء أو شخص ما، لابد أن يهدف من وراء هذا التأمين على جبر الضرر الذي قد يصيبه إذا ما لحق بذلك الشيء أو الشخص أي ضرر. ومبدأ المصلحة التأمينية Insurable Interest هو أحد المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها أي عقد تأمين. وهناك شرطان جوهريان يجب أن يتوافرا في المصلحة التأمينية لقيامها واعتبارها، أولهما هو أن تكون هناك مصلحة مادية، فلا عبرة بالمصلحة المعنوية، أي إنه لابد أن يستفيد طالب التأمين مادياً من سلامة وبقاء الممتلكات أو الأشخاص المؤمَّن عليهم، ويتضرر مادياً بضرر هذه الممتلكات أو هؤلاء الأشخاص، وبرغم ذلك، فقد يُكتفى في التأمين على الحياة بالمصلحة المعنوية إن لم تتوافر المصلحة المادية، بشرط وجود صلة الدم أو توافر درجة قرابة معينة. ولعل من أوضح الأمثلة على المصلحة المادية كمقوم أساسي في المصلحة التأمينية هو مصلحة الشخص في الممتلكات التي يملكها، فلمالك المركبة مثلاً مصلحة مادية في بقاء مركبته سليمة، حيث إنه سيتعرض لخسارة مالية لو لحق بمركبته أي ضرر، ولمالك المنزل مصلحة مادية في سلامة وبقاء منزله، حيث إنه سيتعرض حتماً لخسارة مالية لو لحق بمنزله أي ضرر أو خسارة كنشوب حريق في منزله، كما أن للمستأجر أيضاً مصلحة مادية في سلامة المنزل الذي استأجره والذي ربما سيكون مسؤولاً عن دفع تكاليف الإصلاح في حالة تعرض المنزل للضرر، وسيكون عليه أيضاً دفع الإيجار حتى لو كان المنزل غير صالح للسكن. أما الشرط الثاني الذي يجب أن يتوافر في المصلحة التأمينية فهو أن تكون المصلحة مشروعة أو قانونية، حيث لا تُخل بالنظام العام أو الآداب العامة، إذ لا يصح التأمين على المسروقات والممنوعات مثلاً، ورغم وجود مصلحة لطالب التأمين في التأمين على هذه الممتلكات، إلا أنها مصلحة لا يُقرها أو يعترف بها القانون. ويمكن إيعاز ضرورة توافر المصلحة التأمينية في جميع عقود التأمين لسببين رئيسين، أولهما هو الحد من مؤثرات الخطر المعنوية، أو بمعنى آخر الحد من الخطر الأخلاقي، فلو سلَّمنا بعدم ضرورة وجود المصلحة التأمينية في عقود التأمين، فإننا بذلك سنسمح بظهور من يُملي عليه ضميره التأمين على ممتلكات أو حياة غيره بنية إلحاق الضرر بها والحصول على مكاسب غير مشروعة من وراء ذلك، فقد يعمد شخص ما إلى التأمين على يخت فاخر تعود ملكيته لشخص آخر، ومن ثم يقوم بحرقه أو إغراقه من أجل الحصول على تعويض مجز من شركة التأمين، وقد يندفع شخص آخر للتأمين على حياة شخص ما لا تربطه به أي رابطة، ليُفضي به الحال إلى قتل ذلك الشخص الذي أمَّن على حياته، ولسبب وحيد فقط وهو الحصول على التعويض من شركة التأمين. أما السبب الثاني الذي يحتم ضرورة توافر المصلحة التأمينية في عقود التأمين، فهو لمنع المقامرة أو المراهنة فيها، فثبوت المصلحة التأمينية في عقود التأمين ضروري لمنع عمليات المقامرة أو المراهنة، ففي ظل عدم وجود هذه المصلحة سيُفسح المجال ليتحول عقد التأمين إلى ساحة من المراهنة والمقامرة، ما يخالف أحكام ديننا الشريف ويضر بالمصلحة العامة. ففي عصور مضت كان يتم اللجوء في بعض الدول الغربية إلى عقود التأمين كغطاء وستار لعمليات المقامرة والمراهنة، حيث كان بإمكان الشخص التأمين على ممتلكات غيره، كأن يؤمِّن على سفينة في عرض البحر أو قافلة في طريقها لمالكها، وينتظر خبر غرق تلك السفينة أو هلاك تلك القافلة ليحصل على قيمة تأمينها. وقد كان هذا أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت ببعض المجتمعات قديماً للمناداة بضرورة توافر المصلحة التأمينية في عقود التأمين