يرى مدير عام الشركة السورية الكويتية للتأمين أنه يجب وضع الخطط والاستراتيجيات وتهيئة أنفسنا لمرحلة إعادة الإعمار والنهوض من الأزمة بعزيمة وتصميم لدعم الاقتصاد الوطني عن طريق كل ما هو متاح من خلال برامج جديدة ، استهداف شرائح جديدة ، التركيز على التأمينات الصغيرة والشخصية ، العمل على أقنية توزيع جديدة ،إضافة إلى تضافر الجهود ما بين الجهات الوصائية والاتحاد السوري لشركات التأمين والشركات الخاصة ...
التأمين والمعرفة التقت مدير عام الشركة السورية الكويتية- الأستاذ سامر بكداش في الحوار التالي:
- بعد عامين من الأزمة ، أين هي السورية الكويتية في سوق التأمين السورية؟
بداية أرحب بكم في مبنى شركتنا الجديد، الذي انتقلت أعمالنا إليه منذ فترة قريبة، ونتمنى أن يمكننا هذا الانتقال من تقديم أعلى مستوى من الخدمات الفنية لعملائنا حيث أنه مجهز بكافة الوسائل التقنية التي تضمن تقديم أفضل الخدمات.
فيما يتعلق بسؤالكم ، لا شك في أن هذه الأزمة ألقت بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية في بلدنا الحبيب، وكما هو معروف، يقوم قطاع التأمين بدور حامل الخطر ويعتبر القطاع الضامن لجميع قطاعات المجتمع، كما أنه قطاع غير مستقل وغير فاعل بحد ذاته فهو صدى للواقع الاقتصادي والمعيشي، -بالإضافة إلى تأثره الكبير بالدخل الفردي الذي انخفض بشكل عام وكذلك بالوضع الاقتصادي العام.
وتتوجه الأوساط الاقتصادية العالمية اليوم إلى اعتبار تأثير تبعات الأزمات على قطاع التأمين أكبر على أرض الواقع من تأثيرها على قطاع المصارف الذي تسلط عادةً الأضواء عليه ، حيث أن قطاع التأمين يتحمل الخسائر المالية التي تصيب القطاعات الأخرى في الأزمات بالإضافة إلى كونه يمس قاعدة شعبية أكبر من العملاء.
وفي هذا المجال لا يمكننا إغفال الصعوبات التي نعانيها كشركات تأمين نتيجة العقوبات وما يتبع ذلك من صعوبات في إيجاد معيد تأمين يوافق على توفير الحماية للشركات السورية في ظل العقوبات المفروضة على سورية. ومما رتب علينا صعوبات إضافية أن سوقنا التأمينية خام وبحاجة إلى الدعم وإلى نشر التوعية والثقافة التأمينية ، خاصة وأن مصطلح التأمين ارتبط لمدة أربعة عقود بتأمين السيارات الإلزامي بشكل رئيسي. وما زاد المشكلة تعقيداً القصور في الوعي التأميني نتيجة لعدم وجود برامج تهدف إلى رفع الوعي التأميني مما أدى إلى جمود في المنظومة التأمينية ككل بالإضافة إلى إحجام الأفراد والشركات عن التأمين لعدم وجود الوعي اللازم لضرورة حماية الممتلكات والأموال من خلال نقل الخطر الى شركات متخصصة. وفي هذا المجال تشير الإحصائيات إلى أن جميع شركات التأمين السورية اليوم تغطي ما يقارب 25% من التأمينات الاختيارية فقط وما يزيد عن 95% من الممتلكات غير مؤمنة تحت أي غطاء تأميني.
ما أريد قوله هو أن كل ما ذكر سابقاً لا ينفي أن سوقنا واعدة وفتية ووجود الكثير من الصعوبات والعراقيل التي تعيق العمل التأميني، والتأثيرات الكبيرة للأزمة علينا كل هذه أسباب تدفعنا إلى العمل الجدّي على أرض الواقع . ويمكنني اعتبار هذه الأزمة فترة كمون بالنسبة لنا وسيتبعها فترة نجاح وازدهار كبيرين خاصة وأن الأوضاع تسير نحو الأفضل إن شاء الله.
- تظهر نتائج 2012-2013 تحقيق شركات التأمين لأرباح بشكل عام ، فهل حققت السورية الكويتية أرباحاً يمكن الحديث عنها؟
كما أشرنا سابقاً الأمور المذكورة آنفاً مجتمعة جعلت أرقام وترتيب جميع شركات التأمين في السوق السورية تتراوح بين الارتفاع والانخفاض، فمثلاً في عام 2012 كانت السورية الكويتية في الصدارة من حيث الأرباح، أما في عام 2013 ونتيجة للأوضاع الراهنة انخفض إنتاج شركات التأمين في السوق السورية حوالي مليار ليرة سورية مقارنة بعام 2012 وتفاوت ترتيب الشركات باختلاف المنتجات التأمينية حيث تقدمت بعض الشركات في أنواع من التأمين كانت حصتها منخفضة فيها العام الماضي وتراجعت في البعض الأخر وكل ذلك بسبب عدم تجديد بعض الأخطار الواقعة في مناطق ساخنة أو إغلاقها وتأمين أخطار جديدة لم تكن لدى الشركة في نوع آخر من التأمينات.
وعلى الرغم من انخفاض الإنتاج خلال عام 2013 مقارنة بـ 2012 إلا أننا و الحمد لله يمكننا الحديث عن أرباح جيدة في ظل التحديات الحقيقية التي تعاني منها السوق السورية في ظل الأزمة، وقد توزعت أرباحنا بين عوائد النشاط التأميني وعوائد استثمارية.
- سواء في عام 2012 أو في 2013، ما هي القطاعات التأمينية التي نمت لديكم ، وهل هناك نمو لافت في بيع منتج تأميني بالتحديد:
فيما يتعلق بعام 2013: كان هناك نمو لافت في قطاع التأمين الصحي والتأمين على الحياة ، حيث أن هناك توجه من مختلف القطاعات للاهتمام بهذا التأمين وخاصة في الظروف الحالية.
فيما يتعلق بالسيارات ، هل طرأ تغير سواء في جهة نمو التأمين الإلزامي أو الشامل أو لجهة التأمين ضد مخاطر الشغب والإرهاب وغيرها؟
حصل انخفاض بنسبة 12 % على التأمين الإلزامي خلال عام 2013 مقارنة بعام 2012 وذلك يعود إلى إغلاق مراكز ترسيم السيارات في بعض مناطق ريف دمشق وحلب وانخفاض إنتاجية فرع دمشق بشكل عام كما كان لانخفاض عدد السيارات الداخلة إلى سورية عبر المعابر الحدودية الأثر المباشر لانخفاض التأمين الحدودي وعدم مشاركة الشركة في مجمع التأمين الإلزامي في طرطوس لاعتبارات خاصة .
أما فيما يتعلق بتأمين السيارات الشامل، فقد حصل انخفاض في إنتاج هذا القطاع بسبب انخفاض عمليات الإقراض المصرفي وتوقفها تماماً خلال 2103 وعدم وجود استيراد للسيارات الجديدة تماماً خلال عام 2013 إضافة الى تضرر العديد من السيارات بسبب العمليات الإرهابية مما أدى الى عدم تجديد هذه السيارات وخروج الكثير من السيارات الفخمة وغيرها من القطر بمغادرة أصحابها ناهيك عن ارتفاع أقساط التأمين بسبب ارتفاع القيمة السوقية للسيارات وارتفاع أسعار قطع التبديل وتكاليف الإصلاح، إضافة إلى اتجاه الكثير من المؤمنين إلى التأمين لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين حيث أنها تنفرد بتقديم منتج تأمين السيارات ضد مخاطر الشغب والإرهاب مقابل قسط إضافي إضافة إلى كبر المحفظة الـتأمينية لديها وتفردها بتأمينات القطاع العام بما يساعدها على تجميع أقساط كثيرة مقارنة مع مطالبات أقل بناء على مبدأ قانون الأرقام الكبيرة law of large Numbers
- على ذكر تأمينات الشغب والإرهاب ، ما هي التغطيات التي تبيعها السورية الكويتية في هذا الإطار؟
كما هو معروف ، اتفاقيات إعادة التأمين لا تغطي التأمينات الاختيارية، و تغطيات الشغب والإرهاب تعتبر من التغطيات الاختيارية وفي ظل هذه الظروف أصبح من الصعب الحصول على هذه التغطيات أكثر من السنوات الماضية، نظراً لارتفاع أسعارها بشكل كبير وإحجام المعيدين عن توفير التغطية للأخطار في سورية .
إلا أن الشركة وسعياً منها للمساهمة في تحمل جزء من الأعباء الناتجة عن الأضرار التي تصيب سيارات المؤمنين بسبب أعمال الشغب والإرهاب قدمت تغطية جزئية وبدون قسط إضافي لتغطية هذا النوع من الأخطار.
مع دخول الأزمة كان هناك مشكلة في إعادة التأمين خاصة مع الشركات الأوروبية، كيف هو الوضع حالياً وهل تجاوزتم الأمر؟
بالتأكيد أثرت الأزمة كثيراً على إعادة التأمين ، وعلى الرغم من هذا تمكنت جميع شركات التأمين المحلية من تجديد اتفاقيات التأمين ولكن بأسعار أعلى واستثناءات أكثر وشروط أصعب ، حيث أن التغير الكبير في أسعار صرف الدولار أثّر سلباً علينا في هذا الخصوص، بالإضافة إلى الأثر السلبي للعقوبات المفروضة على بلدنا والتي جعلت من الصعوبة إيجاد معيد تأمين يقبل بتغطية شركات تأمين سورية ، كما أن معيدي التأمين في الخارج يعتبرون سورية خطراً محتماً ، وقد لجأت شركات إعادة التأمين العالمية التي قبلت بتغطية شركات التأمين السورية إلى رفع الأسعار والتشدد في قبول الأخطار ووضع شروط جديدة بالإضافة إلى زيادة نسبة احتفاظ شركات التأمين المحلية من الأخطار.
أما فيما يتعلق بالسورية الكويتية للتأمين فإن شركتنا عضو في مجموعة الخليج للتأمين وتتمتع بتغطية إعادة تأمين للمجموعة بمعيد قائد أوروبي Hannover Re بسعة إكتتابية مرتفعة مقارنة بالشركات المحلية الشقيقة وغير متقاطعة مع نفس المعيدين بما يمكننا من اكتتاب أخطار بمبالغ كبيرة نسبياً مع تمكننا من قبول حصص واردة من الشركات المحلية بسبب اختلاف المعيد، مما يمنحنا ميزة تنافسية نأمل أن نستطيع إفادة السوق منها والمشاركة في رفد القطاع والمؤمنين بحماية مناسبة.
ما هي توقعاتكم لهذا العام وما هي الخطط التي تعملون عليها؟
نحن متفائلون ، حيث أن شركات التأمين حققت في عام 2013 أرباحاً زادت عن أرباح عام 2012 ، كما أننا لم نشهد أية خسارة لأي شركة تأمين سورية في ميزانية عام 2013 على الرغم من التراجع الملحوظ في الإنتاج، وهذا ما يشجعنا ويجعل المسؤولية على عاتقنا أكبر، حيث لدينا في عام 2014 خطة إستراتيجية طموحة تقوم على زيادة الحصة السوقية بالإضافة إلى زيادة الربحية ، وسنعمل على تحقيق هذا من خلال سياسة تسويقية جديدة جوهرها رفع الوعي التأميني لدى الأفراد والشركات ، بالإضافة إلى تطوير المنتجات التأمينية الحالية وطرح منتجات تأمينية جديدة تناسب متطلبات السوق في الوقت الراهن.
تابعنا تعرض الكثير من المنشآت الصناعية والاقتصادية للسرقة والنهب والتدمير، هل رفع ذلك من فاتورة التعويض لديكم (بمعنى هل كانت هناك شركات مؤمنة لديكم وتعرضت للسرقة والتدمير واضطررتم للتعويض عليها) ؟
- بالتأكيد كان هناك ارتفاع كبير في فاتورة التعويضات، فقد ارتفع لدينا صافي مدفوعات المطالبات المتكبدة بمقدار 27% في عام 2013 بالمقارنة مع عام 2012 .
وأيضاً ارتفع الرقم كثيراً في عام 2012 بالمقارنة مع العام الذي سبقه.
ولكن كما هو معلوم للجميع فإن التغطيات التأمينية تستثني تغطية الأضرار الناجمة عن أعمال الشغب والإرهاب والعنف السياسي الذي تندرج تحته معظم الأضرار التي أصابت المنشآت الواقعة في مناطق ساخنة مع أملنا بأن يكون هذا النوع من المطالبات بالحد الأدنى حماية لمصالح المؤمنين والشركات والوطن.
- بماذا تنصح شركات التأمين بهذه الظروف ؟ وماذا تقترح على الجهات الوصائية فعله لتجاوز أي أخطار يمكن أن تواجه قطاع التأمين بشكل عام؟
جميع المعطيات تغيرت، وهو ما يرتب علينا وضع الخطط والاستراتيجيات وتهيئة أنفسنا لمرحلة إعادة الإعمار والنهوض من الأزمة بعزيمة وتصميم لدعم الاقتصاد الوطني عن طريق كل ما هو متاح من خلال برامج جديدة ، استهداف شرائح جديدة ، التركيز على التأمينات الصغيرة والشخصية ، العمل على أقنية توزيع جديدة ، وأخيراً وليس آخراً تضافر الجهود ما بين الجهات الوصائية والاتحاد السوري لشركات التأمين والشركات الخاصة لتوجيه الشركات كافة للالتزام بالتعليمات والقرارات الصادرة بما يختص بإكتتاب الأعمال .
كما نتمنى على الجهات الوصائية الإشرافية تسهيل عمل التأمين ومراقبة الأسعار غير الفنية المطبقة والابتعاد عن المنافسة السعرية المحمومة غير المبررة وتقديم المنتج التأميني المناسب لحاجات السوق والمدروس فنياً بما يحمي مصالح المؤمن له وشركة التأمين لتعزيز الثقة بهذا القطاع الناشئ.
أخيراً أتقدم بالشكر إلى الإتحاد السوري لشركات التأمين على الجهود الكبيرة المبذولة من قبله للتنسيق بين شركات التأمين كافة والعمل الدائم على تذليل الصعوبات التي تعيق العمل التأميني في سورية بالإضافة إلى رفع الوعي التأميني لدى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.