شهدت شركات التأمين السورية خلال الأزمة الحالية الكثير من المعوقات والصعوبات التي أثرت على أدائها بشكل عام من إغلاق لعدد كبير من فروعها في المحافظات بسبب الظروف الأمنية، إلى الحصار الاقتصادي المتمثل بمقاطعة شركات إعادة التأمين الأجنبية للسوق السورية، وكذلك ارتفاع المصاريف الإدارية وغير الإدارية (التشغيلية)،وكذلك الموارد البشرية حيث شكلت هجرة الكثير من الخبرات الفنية والإدارية العاملة في قطاع التأمين مشكلة لا يستهان بها بالإضافة للعامل الأهم وهو عدم استقرار أسعار صرف العملة المحلية.
و على الجانب الخدمي تمثلت أبرز المشكلات في انخفاض مستوى الخدمات العامة وانقطاعها مثل الاتصالات والكهرباء . إضافة لتضرر أنواع معينة من التأمين كتأمين السيارات بشقيه الإلزامي والشامل وذلك بسبب توقف استيراد المركبات ،وتوقف الكثير من المشاريع والذي أثر على حجم بدلات التأمين الهندسي والحريق .
ورغم كل هذه المعوقات إلا أن شركات التأمين السورية لعبت دوراً مهما خلال الأزمة حيث حافظت على الموارد البشرية من العاملين لديها ولم تقم بتسريح أي منهم، كذلك قامت بطرح منتجات تأمينية جديدة كوثائق الحرب والشغب السياسي و بوليصة تأمين الأخطار السياسية، أو ما يسمَّى «تأمين أخطار العنف السياسي» لتشمل الأضرار الناجمة عن الحرب وأعمال الشغب. وقد أخذت بعض الشركات على عاتقها أخطار هذه البوالص دون إبرام اتفاقيات إعادة على التأمين .
إضافة للنشاط الإعلامي في كافة الفعاليات والمؤتمرات لمواجهة الحرب الاعلامية المضادة على سورية، و الدعم المستمر للجمعيات الأهلية والمنظمات التي تعنى بالعمل الإنساني لمواجهة الأوضاع المعيشية الراهنة .
إن نجاح شركات التأمين السورية في لعب هذا الدور المهم خلال الأزمة والمحافظة على استمراريتها ونجاحها يعود لاستفادة هذه الشركات من تجارب الدول التي عاشت ظروف مشابهة للظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا،بالإضافة لقيامها بصياغة منتجات تناسب ظروف الأزمات، ووجود معيدي تأمين في دول عدة يمكن التعامل معهم و القفز فوق الحصار المفروض على سورية ورغبة كافة الشركات للعمل معاً على إجاد منتجات جديدة و تطوير منتجات موجودة و توزيع الأخطار فيما بينها بما فيها تأسيس مجمع للأخطار الخاصة لتشمل أخطار الحرب والإرهاب .
إن الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد هي فرصة لزيادة الثقة بقطاع التأمين السوري من خلال التركيز على التغييرات التي طالت ثقافة المواطن السوري بأهمية التأمين في ظل الأخطار المحدقة بنا من كل جانب والتي أوجدتها وأرزتها الخسائر والأضرار الناجمة عن الحرب.