تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
التوعية التأمينية
التطور التاريخي للتأمين البحري

لم يتوصل الباحثون في تاريخ التأمين إلى معرفة زمان ومكان وبداية ظهوره على وجه التحديد، وقد ذكر الكتَّاب والمؤرخون أن التأمين البحري هو أقدم أنواع التأمين، حيث عرفه البابليون وعُرف قديماً باسم (القرض البحري على السفينة) وهو أن بعض الأفراد يقرضون أصحاب السفن أموالاً تعادل قيمة السفينة وما عليها من بضائع، مقابل فوائد كبيرة يتحملها صاحب السفينة، وفي حال عودة السفينة سالمة فإن المبلغ وفوائده يدفعه صاحب السفينة إلى المقرض، أما إذا غرقت ولم تعد فلا يسترد القرض ولا يسترد فوائده.

وعرف القرض البحري بالهند سنة 600 قبل الميلاد، وانتشرت هذه القروض في جميع دول البحر الأبيض المتوسط.

وفي رودوس سنة 1916 قبل الميلاد صدر أول تشريع بحري يبحث الخسارة العامة وهي الخسارة التي تنشأ عن أوامر ربان السفينة بإلقاء بعض البضائع في البحر لإنقاذ السفينة، ولهذا يجري توزيع الخسارة على جميع الشحنات بما فيها الشحنة المضحى بها والسفينة، حيث إن سلامة السفينة سيستفيد منها الجميع. ومنذ ذلك العهد وحتى الآن مازال المبدأ مستمراً وهو مبدأ الخسارة العامة.

وقد مارس البابليون في القرن السادس الميلادي التأمين البحري بمعناه التبادلي، فكان البحارة يتفقون بينهم على أنه إذا فقد أحدهم سفينة تشيد له سفينة أخرى، أما إذا فقدها نتيجة خطئه فلا يحق له المطالبة بغيرها، وإذا فقد البحار سفينة نتيجة لعدم سيره في خط ملاحي معروف فلا يحق له المطالبة بتشييد سفينة أخرى.

ويعد اللومبارديون وهم سكان مدن فلورنسا وجنوة بشمال ايطاليا أول من مارس التأمين على البضائع وتحديد قسط التأمين الواجب دفعه. وأول عقد تأمين بحري صدرت له تشريعات صدر في البرتغال وإسبانيا وذلك في القرن الخامس عشر، ومن أشهر تلك التشريعات أوامر برشلونة الأربعة التي صدرت في سنة 1436م، 1458م، 1461م، 1484م، ثم صدر القانون الإنكليزي سنة 1601م والذي يعد أول قانون للتأمين البحري، ونظم هذا القانون طرف الفصل في المنازعات بين أطراف عقد التأمين وفي عام 1667م افتتح إدوارد لويدز مقهى في لندن واقترن اسم إدوارد لويدز بالتأمين البحري، فقد كان المقهى مركز تجمع التجار لإجراء معاملات التأمين البحري -وبشكل فردي- حيث يكتتب كل منهم لحسابه وعلى مسؤوليته الخاصة، كما كان رواد المقهى من العاملين بالشؤون البحرية وأصحاب السفن والبحارة، وبعد وفاة إدوارد لويدز تطور المقهى فأصبح أشبه بناد ثم سوق للتأمين، وسميت الهيئة باسم هيئة لويدز للتأمين أو جماعة اللويدز للتأمين، وسميت جمعيتهم بقرار برلماني في سنة 1871م باسم "جماعة لويدز للتأمين" وأطلقوا على مبناهم اسم "مبنى لويدز"، وينحصر معظم نشاطها في التأمين البحري، ثم امتد نشاطها إلى جميع أنواع التأمين، كما تعد الهيئة الوحيدة في العالم التي تمارس التأمينات الشاذة.

وقد اهتمت جميع دول العالم بعقد التأمين البحري ووضعت قواعده، ففي مصر صدر القانون التجاري البحري سنة 1883م وفي الفصل الحادي عشر منه وتحت عنوان السيكورتاه حدد قواعد وشروط عقد التأمين البحري، وفي عام 1906 صدر قانون التأمين البحري الإنكليزي ووضع موضع التنفيذ بدءاً من اليوم الأول من كانون الثاني عام 1907م ويتضمن 94 مادة لاتزال المرجع الرئيسي في التأمين البحري في العالم.