بقلم المستشار القانوني للتحاد السوري لشركات التأمين المحامي الأستاذ عمر غباش
يشكل الخطر الركن الرئيس لعقد التأمين، ويرتبط قبول المؤمِّن للتعاقد وتقدير قيمة القسط على مدى جسامة هذا الخطر، ورغم الجهود التي يبذلها المؤمِّن لتقدير الخطر ومعرفة الظروف المحيطة به، إلا أن ما يصرح به المؤمَّن له من معلومات عن الخطر هو الأهم. ما يجعل المؤمَّن له ملزماً بتقديم البيانات الصحيحة والإفصاح بشفافية عن كل الظروف المحيطة بالخطر.
1- تقديم المؤمَّن له جميع البيانات اللازمة عند إبرام العقد:
يتعين أن يقدم المؤمَّن له البيانات اللازمة وقت إبرام العقد، ولا يتأخر عن هذا الوقت إذ إن المؤمِّن يقرر قبوله للتعاقد ومقدار القسط اعتماداً عليها. والبيانات التي يلتزم المؤمَّن له بتقديمها هي البيانات التي تمكن المؤمِّن من تقدير الخطر، فإن كان البيان ليس من شأنه أن يغير من محل الخطر ولا يؤثر في تقدير جسامته لا يكون المؤمَّن له ملزماً بتقديمه حتى لو طلب منه ذلك .
إن المؤمَّن له ملزم بتقديم البيانات الموضوعية التي تتعلق بموضوع الخطر المؤمَّن منه وهي البيانات التي تتناول الصفات الجوهرية للخطر وما يحيط به من ظروف وملابسات، ويكون من شأنها تكييفه تكييفاً دقيقاً. كما الحال في التأمين من الحريق، حيث يدخل في هذه المعلومات وجهة استخدام العقار والمواد الموجودة فيه ووسائل الحماية من الأخطار .
ولا تقل البيانات الشخصة للمؤمَّن له والتي تتناول شخصه أو ماضيه التأميني أهمية عن البيانات الموضوعية وتأتي أهمية هذه البيانات لتأثيرها في قرار المؤمِّن قبول للتعاقد .
والبيانات التي يلتزم المؤمَّن له بتقديمها يجب أن تكون معلومة من قبله وإلا سقط عنه هذا الالتزام، وهذا يدل على أننا أمام التزام خاص بعقد التأمين، فإذا كان هناك بيان جوهري من شأنه أن يجعل المؤمِّن، لو علم به، يرفض التعاقد، جاز له أن يبطل العقد للغلط، حتى لو كان هذا البيان غير معلوم من المؤمَّن له. أما لو كان علم المؤمِّن لا أثر له في قراره بالتعاقد، ولكن يؤثر في تحديد مقدار القسط، فيخرج التحلل من الإلتزام من إطار نظرية الغلط، ويقوم مقامها الالتزام الخاص بعقد التأمين، فيشترط علم المؤمَّن له حتى يكون ملزماً بتقديم البيان المتعلق بالخطر.
وعلم المؤمَّن له يشمل العلم الفعلي والقدرة على ذلك، فكل بيان يتعلق بالخطر يعلم به المؤمَّن له أو كان يستطيع أن يعلم به ومن شأنه أن يمكِّن المؤمِّن من تقدير الخطر يتعين تقديمه من المؤمَّن له عند إبرام العقد، وجهله بواقعة جوهرية تتعلق بالخطر لا تعفيه من التزامه بتقديم بيان عنها.
2- إفصاح المؤمَّن له عما يستجد من وقائع تؤدي إلى زيادة الخطر:
إن طبيعة عقد التأمين تهدف إلى استمرار التغطية التأمينية للخطر ما أمكن ذلك، الأمر الذي يقتضي بإفساح المجال للـطرفين أن يستبقيا العقد بعد تعديل قسـط التأمين، كما يحق للمؤمِّن فسخ العقد طبقاً للقواعد القانونية العامة أو تجديده من
دون تعديل الأقساط. وبذلك يلتزم المؤمَّن له بالإبلاغ عن الظروف المستجدة التي تزيد في الخطر.
ويجب أن تكون الوقائع قد طرأت بعد إبرام العقد وأثناء سريانه ومن شأنها أن تزيد الخطر زيادة جسيمة تجعل المؤمِّن لو علم بها يحجم عن التعاقد أو يرفع قيمة القسط التأميني، وذلك لزيادة إحتمال حدوث الخطر كأن يغير المؤمَّن له في المسؤولية عن حوادث السير إستعمال مركبته من الاستعمال الشخصي إلى النقل العام أو لزيادة جسامته كأن يتنازل المؤمَّن له عن حق الرجوع على غير المسؤول.
وكذلك يجب أن تكون هذه الظروف معلومة من المؤمَّن له وخاصة إذا كانت نتيجة لأفعاله فهنا لا مجال لإنكار علمه بها .
3- المؤيد القانوني لالتزام المؤمَّن له بالتصريح عن الخطر:
رغم أن القانون السوري لم يحوِ نصاً خاصاً يتضمن الجزاء المترتب على عدم قيام المؤمَّن له بالتصريح عن الخطر، إلا أنه يمكن الاستناد إلى القواعد القانونية العامة لاستنباط مؤيد لهذا الالتزام المترتب على المؤمَّن له .
كما يمكن تدارك ذلك من خلال بيانات عقد التأمين وتضمينها شروطاً صريحة عن وجوب التصريح عن الخطر كما عليه الحال في وثيقة التأمين من الحريق الصادرة عن المؤسسة السورية الفقرة الأولى من المادة السادسة :
((يتم التعاقد ويحدد نطاق التأمين ومقدار الجعالة على أساس ما يطلبه المتعاقد وما يدلي به من تصريحات. وإذا أخفى المتعاقد على المؤسسة حقيقة الواقع أو أدلى بمعلومات كاذبة أو بيانات مخالفة للواقع من شأنها خداع المؤسسة في تقدير أهمية الخطر أو حساب الجعالة اعتبر العقد باطلاً حكماً من دون أن يمس ذلك حقوق المؤسسة في استرداد ما دفعته من تعويضات من الحوادث السابقة والمطالبة بالعطل والضرر، وتبقى الجعالة حقاً مكتسباً للمؤسسة)
وهذا لا يقتصر على وثيقة التأمين من الحريق بل نجده بأغلب الوثائق الصادرة عن شركات التأمين والتي تشمل مختلف التغطيات التأمينية .وغني عن البيان أن الوضوح في شروط التعاقد وتضمين وثيقة التأمين بيانات واضحة بالتزامات المؤمَّن له تحمى المؤمِّن حال نشوب أي نزاع حول وثيقة التأمين.