يلعب قطاع التأمين في أي بلد دوراً اقتصادياً واجتماعياً هاماًً ، وقد شهد قطاع التأمين العالمي تطوراً مهماً بحيث لم يعد يمكن أن نتصور وجود نشاط اقتصادي قد يتعرض في وقت من الأوقات للخطر بدون وجود نوع من أنواع التأمين الذي يضمن ويحمي رغبات المؤسسات والأفراد ونشاطاتهم وأموالهم.
وفي بلدنا سورية ، وعلى الرغم من اهتمام شرائح اجتماعية مختلفة بمتابعة التطورات التي حدثت في قطاع التأمين السوري ، والإقبال على شركات التأمين لإبرام عقود مختلفة منها ما هو إلزامي مثل التأمين على السيارات أو اختياري مثل التأمين التكميلي للسيارات أو التأمين الصحي والتأمين على الحياة وغيرها..
إلا أن الكثير من المهتمين ، يتساءلون دوماً عن الفارق بين الدور الذي يؤديه كلٌّ من هيئة الإشراف على التأمين المحدثة بموجب المرسوم التشريعي رقم /68/ لعام 2004 والاتحاد السوري لشركات التأمين المحدث بموجب المرسوم التشريعي رقم /43/ لعام 2005 ، وما هي أهداف صلاحيات وواجبات كلّ منهما ؟
قبل الدخول في الإجابة على هذا التساؤل ، يجب التوضيح بأن الجهتين القياديتين في قطاع التأمين السوري تؤديان في النهاية دوراً منسجماً فيما بينهما ومتناسقاً يصب في هدف عريض وهو تنظيم سوق التأمين وتنظيم المنافسة والارتقاء بقطاع التأمين السوري إلى أفضل حالٍ ممكن.
أما بالنسبة لأهداف الهيئة فهي تتمثل في تنظيم قطاع التأمين وإعادة التأمين والإشراف عليه بما يكفل تطوير وتعزيز دور صناعة التأمين في ضمان الأشخاص والممتلكات وتغطية المسؤوليات والإشراف على تجميع المدخرات الوطنية التي يتيحها النشاط التأميني وتنميتها واستثمارها لدعم التنمية الاقتصادية في الجمهورية العربية السورية بما يضمن حماية حقوق المؤمَّن لهم والمستفيدين والمستثمرين ويوفر الأغطية التأمينية لحماية هذه الحقوق ، وأما بالنسبة لأهداف الاتحاد فهو يهدف إلى رعاية مصالح أعضائه وتطبيق قواعد ممارسة المهنة وتمثيلهم لدى أي جهة فيما يتعلق بأعمال التأمين وإلى تقوية الروابط بين شركات التأمين وإعادة التأمين السورية وتقوية التعاون فيما بينها بما يتماشى مع أحكام المرسوم التشريعي /43/ لعام 2005 .
نظرة على مهام كلٍّ من الهيئة والاتحاد :
أ_ بالنسبة لهيئة الإشراف على التأمين التي تأسست وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم /68/ لعام 2004 فقد حددَّ المشرع مهامها بحماية حقوق المؤمَّن لهم والمستفيدين من أعمال التأمين ومراقبة أوضاع شركات التأمين وإعادة التأمين من خلال مراقبة ملاءتها المالية لضمان قدرتها على توفير غطاء تأميني كافٍ لحماية هذه الحقوق ، وقد أناطها المشرع دوراً هاماً من خلال العمل على رفع أداء شركات مجال التأمين وإعادة التأمين وزيادة كفاءتها وإلزامها بقواعد ممارسة المهنة لزيادة قدرتها على تقديم خدمات أفضل للمستفيدين من التأمين وتحقيق المنافسة الإيجابية بينها والمشاركة بتنمية الوعي التأميني وإعداد الدراسات والبحوث المتعلقة بأعمال التأمين وتعميمها ، وللهيئة دورٌ إقليمي ودولي من خلال التعاون مع هيئات تنظيم التأمين في الوطن العربي والعالم.
ب- وأما بالنسبة للاتحاد السوري لشركات التأمين الذي أحدث بموجب المرسوم التشريعي رقم /43/ لعام 2005 الخاص بتنظيم قطاع التأمين السوري فقد حدد المشرع دوره برعاية مصالح أعضائه وتطبيق قواعد ممارسة المهنة وتمثيل شركات التأمين لدى أية جهة فيما يتعلق بأعمال التأمين.
وقد وضع النظام الأساسي للاتحاد مهمات كبيرة في مجال رعاية مصالح شركات التأمين من خلال تنظيم علمية التسعير في قطاع التأمين ومجال التقليل والحد من الخسائر من خلال إجراء الدراسات الخاصة لتقليل الخسائر والحد منها ، وإنشاء مركز معلومات واستعلام لخدمة أعضاء الاتحاد وسوق التأمين الوطنية ، وفي مجال دعم وتطوير سوق التأمين السورية من خلال دراسة سوق التأمين وتحليل عواملها وتحقيق التعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة به محلياً وعربياً و دولياً ، وعقد الندوات والمؤتمرات المهنية والدورات التدريبية الهادفة إلى تنشيط أعمال التأمين وإجراء البحوث العلمية وإعداد الإحصائيات التي من شأنها خدمة قطاع التأمين وجمع وتحليل ونشر المعلومات الخاصة بسوق التأمين السورية وأسواق التأمين العالمية ودعم التعاون الفني بين الشركات من خلال تبادل المعلومات والخبرات والإحصائيات والسعي إلى تقديم مقترحات بشأن تطوير التشريعات التأمينية في سورية والتشريعات ذات الصلة بهذا النشاط والعمل على رفع مستوى صناعة التأمين والمهن التأمينية المرتبطة به والعمل على تحديثها والإسهام في توفير الخبرات والكوادر الفنية والمشاركة في تنمية الوعي التأميني لدى المواطنين بالتعاون مع الأجهزة المتخصصة وتوثيق التعاون بين أعضاء الاتحاد والعمل على رفع مستوى خدمات التأمين للعملاء وإنشاء مجمعات التأمين وإعادة التأمين وفقاً لحاجة سوق التأمين ، كما أن للاتحاد دور في مجال تنظيم المنافسة بين الشركات الأعضاء من خلال تنظيم حملات الدعاية المشتركة، والارتقاء بالسلوك المهني للشركات والتشاور في المسائل المشتركة التي تهم الأعضاء والعمل على تسوية الخلافات والمشاكل التي تنشأ فيما بينهم ومراعاة أسس وأصول ممارسة المهنة وإلزام الأعضاء بالتقيد بها، وترسيخ تقاليد وأخلاقيات المهنة بينهم والعمل على إعداد نماذج أساسيات عقود التأمين.
مما تقدمَّ نجد أن المشرع السوري قد أولى كلاً من جناحي قطاع التأمين هيئة الإشراف على التأمين والاتحاد السوري لشركات التأمين دوراً هاماً متناسقاً ومكملاً بحيث تكمل الواحدة الأخرى سواء تجاه الشركات أو تجاه الغير أو تجاه كلّ منهما بحيث يكون الهدف واحد وهو الارتقاء بسوق التأمين السورية إلى أفصل المستويات.
هنا ، لا بد من الإضاءة ولو قليلاً على المشروع الرائد الذي قام به الاتحاد السوري لشركات التأمين بالتنسيق والتعاون مع السيد وزير المالية / رئيس مجلس إدارة هيئة الإشراف على التأمين وهو إنشاء تجمعات التأمين الإلزامي في المراكز الحدودية حيث أثمر هذا التنسيق والدعم عن أجمل تعبير على أرض الواقع عن العلاقة التكاملية التي تحكم مسيرة عمل كل من الهيئة والاتحاد وبالنتيجة الشركات الأعضاء في الاتحاد ، والتي سوف تخلق البيئة الملائمة لوجود صناعة تأمين ناجحة في بلدنا الحبيب سورية.