بعد جدال طويل بين أرباب العمل من جهة والاتحاد العام لنقابات العمال من جهة ثانية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من جهة ثالثة، ونقاش تفصيلي في الحكومة ومن ثم مجلس الشعب صدر القانون رقم 17 لعام 2010 متضمناً الأحكام الجديدة لقانون العمل بالقطاع الخاص في الجمهورية العربية السورية.
وأهم ما تضمنه القانون هو تكريس القاعدة القانونية "العقد شريعة المتعاقدين".. هذه القاعدة الشهيرة التي باتت سيدة الموقف في معظم أنواع العقود في العالم التي تشيع حالة من التوازن في الموقف بين طرفي العقد.
القانون الجديد تضمن تعديلات عديدة أهمها على الإطلاق موضوع التسريح المنصوص عنه بالمادة 65 من القانون الذي أعطى الحق لرب العمل تسريح العامل في أي وقت بإرادته المنفردة قبل انتهاء مدة العقد مقابل تعويض بمقدار أجر شهرين عن كل سنة خدمة على ألا يزيد مجموع هذا التعويض على 150 مثلاً من الحد الأدنى العام للأجور، ويستحق تعويضاً عن كسور السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل، وعلى أن يحسب التعويض على أساس الأجر الشهري الأخير الذي تقاضاه العامل ولا يخل ذلك بحق العامل في باقي استحقاقاته المقررة قانوناً أو اتفاقاً وأن يبقى صاحب العمل مع ذلك ملزماً بتطبيق أحكام الإخطار المنصوص عليها في القانون.
كما تضمن القانون الجديد تعديلاً في أحكام الإجازات والعطل وحسَّن من طريقة الزيادات ورفع من أيام الأمومة.
لابد من التنويه بجانب مضيء نص عليه القانون في المادة 38 وهو إلزام صاحب العمل بتدوين عقد العمل على ثلاث نسخ وتسجيل العقد في التأمينات الاجتماعية بعد أن كان الكثير من أرباب العمل يمتنعون عن توقيع أي عقد مع العامل.
كما تضمنت المادة 51 إمكانية قيام صاحب العمل بتبديل وظيفة الموظف عن تلك المتفق عليها في العقد إذا وجدت تقنيات حديثة في المستقبل تقتضي ذلك أو في حالات الضرورة القصوى.
في حين تناولت المادة 52 إمكانية نقل مكان العمل إذا أجبر صاحب العمل على ذلك مع تأمين الوسيلة المناسبة، أما إذا لم يجبر على ذلك وأراد نقل مكان العمل عن ذلك المحدد في العقد فوقتها يحق للعامل فسخ عقد العمل مع تطبيق بنود التسريح التعسفي المنصوص عليها في المادة 65 التي تقضي بدفع رب العمل أجور شهرين عن كل سنة عمل قضاها العامل وفقاً لآخر أجر وصل إليه.
كما نصت المادة 62 على آلية إنهاء العقد إما باتفاق الطرفين أو في حالة الوفاة للعامل وعندها يدفع رب العمل أجرة شهرين إضافة لأجرة الشهر الذي حصلت به الوفاة كإعانة وفاة، أو عجز العامل عن أدائه للعمل كلياً وعندها لا يستحق العامل التعويض المشار إليه بالمادة 65.
وجاءت المادة 64 لتبين حالات إلغاء العقد الناتجة عن إخلال العامل بأحد شروط السلامة، أو قيامه بعمل نجم عنه خسائر كبيرة للشركة أو قيامه بإفشاء أسرارها أو اعتدائه على صاحب العمل أو المدير المسؤول، وعندها أيضاً لا يتقاضى أياً من التعويضات المشار إليها بالمادة 65.
ومع ذلك وفي أي حالة من حالات التسريح لابد لرب العمل من إخطار عامله قبل شهرين كاملين يحق للعامل خلالهما بالتغيب عن العمل لمدة يوم أسبوعياً إضافة إلى يوم الإجازة للبحث عن عمل آخر.
ولابد من الإشارة إلى أن هنالك آلية سوف تصدر بتحديد الحد الأدنى للرواتب والأجور من خلال لجان ستشكل من الوزارة المختصة واتحاد نقابات العمال والغرف المختصة.
أما القانون الجديد فألزم كل منشاة أو شركة تستخدم أكثر من 15 عاملاً بإحداث نظام داخلي لها يبين حقوق رب العمل وحقوق العمال، وطريقة أداء الأجور والإجازات والبدلات والتعويضات والترفيعات.
كما حدد القانون في المادة 106 أوقات العمل بحيث لا يتجاوز 48 ساعة أسبوعياً بمعدل لا يتجاوز 8 ساعات لليوم الواحد، تتضمن يومياً فترة لا تقل عن الساعة لتناول الطعام، وعشر ساعات كحد أقصى في حالات الضرورة تتضمن ساعتين تعدان عملاً إضافياً.
في حين بيّنت المادة 107 بأنه إذا اقتضت الحاجة أن يعمل العامل في يوم العطلة الأسبوعية فعلى رب العمل إعطاؤه يوماً بديلاً في الأسبوع الذي يليه إضافة إلى دفع أجرة اليوم وأجرة يوم مقابل كإضافي، أما إذا كان العمل ضمن الأعياد أو العطل الرسمية فيستحق العامل أجرة مثلي هذا اليوم كإضافي.
أما المرأة العاملة فقد نص القانون في المادة 121 على حق الأمومة للأم العاملة التي اشترط أن يكون قد مضى على تعاقدها مدة ستة أشهر في الشركة، إذ تستحق إجازة أمومة بكامل الأجر مدتها أربعة أشهر عن الولد الأول وثلاثة أشهر عن الولد الثاني و75 يوماً عن الولد الثالث، علاوة على منحها ساعة راحة للأم المرضع إضافة إلى ساعة الطعام اليومية، ويمكن أن تقسم فترة الرضاعة إلى قسمين بواقع نصف ساعة كل يوم.
أما الإجازات في الباب السادس فقد بيّن القانون بالتفصيل نظام الإجازات التي قسمها إلى ثلاثة أنواع: الإجازة السنويّة لمدة 14 يوماً سنوياً للعمال الذين عملوا لمدة تقل عن خمسة أعوام ولمدة 21 يوماً لمن مضى على عملهم فترة تزيد على خمس سنوات ولمدة شهر كامل لمن أصبح لهم خدمة تزيد على خمسة عشر عاماً أو تجاوزوا الخمسين من العمر، وأقرّ القانون أحقيّة رب العمل بتحديد موعد جزء مهم من هذه الإجازة حسب برنامجه السنوي.
أما إجازة الأعياد والعطل الرسمية فهي حسب قرارات الحكومة، بحيث لا تقل عن 13 يوماً سنوياً.
أما الإجازة المرضية فتمنح بموجب تقرير طبي وتكون مأجورة بنسبة (70%) طوال التسعين يوماً الأولى لها.
والإجازة من دون أجر تصل لمدة ثلاثين يوماً متصلة سنوياً تُمنح بعد موافقة رب العمل على أن يقوم العامل بتسديد الالتزامات الخاصة به وبصاحب العمل عن عقده للتأمينات الاجتماعية.
إن القانون السابق رقم 91 لعام 1959 قد صدر أيام الجمهورية العربية المتحدة، وقد تغيرت الظروف الاجتماعية والاقتصادية فكان لابد من صدور القانون رقم 17 لعام 2010 متضمناً أحكاماً جديدة أهمها العقد شريعة المتعاقدين القائمة على التوازن بين الطرفين، والتي نأمل ألا ينتهكها أرباب العمل باستعمال المادة 65 كيفما أرادوا من دون توفر المبررات الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية التي تسمو على أي نص أو قاعدة قانونية.