جميعنا نتفق بأن أمهر الأشخاص تفاوضاً هم السيدات لما لهن من بال طويل في النقاش وفي إثبات أن السلعة التي يردن شراءها لا تتمتع بمواصفات النخب الأول مع اقتناعهن الكامل بها، ولكن يقمن بإظهار ذلك كنوع من التكتيك و الاستراتيجية التي غالباً ما تثمر و خصوصاً إذا كان البائع قد قرر أن يربح أقل من المقرر على أن يدفع ثمن شراء حبوب لوجع الرأس بعد كل ذلك التفاوض..!
إذا كان لدى السيدات تلك القدرة على النقاش و استقصاء الحقائق بهدف الوصول الى السعر المناسب ، فهل نستعين بهن لنناقش عرضاً لأحد أنواع التامين؟؟..
إن علاقة السيدة بالبائع قد تنتهي حال انتهاء الشراء و قد تعود للشراء مرة أخرى أو لا.. فالأمر مقترن بمدى رضاها و قناعتها بالسعر الذي حصلت عليه و جودة السلعة، ( إلا أن الأمر يختلف تماماً عند شراء عقد تأمين ) . إن العلاقة بين المؤمن له و شركة التأمين هي أقرب ما تكون إلى علاقة تشاركية تعاضدية ولا يمكن قياسها كما نختبر جودة سلعة ملموسة لأن التأمين عبارة عن وعد بالتعويض و لعله من غير المألوف لدينا بعد أن ندفع ثمن خدمة دون الحصول عليها.. فأنت تدفع ثمن فاتورة مطعم أو ثياب جديدة وتسمتع بها وهذا ما تعودنا عليه في عمليات البيع و الشراء، أما عندما تدفع ثمن عقد التأمين فأنت لا تستعمله فعلياً إلى أن يقع حادث و يتم عندها تعويضك عن الخسائر التي تعرضت لها.
يعتبر مبدأ " منتهى حسن النية" من مبادئ التأمين الأساسية التي تقوم عليها عملية شراء عقد تأمين.. و تطلب الشركة من طالب التأمين الإدلاء بجميع الحقائق الجوهرية التي تمكنها من تحديد القسط المناسب و معرفة درجة خطورة الشيء المراد تأمينه، وبالتالي فإن قرار الشركة يتأثر سلباً أو إيجاباً بتلك المعلومات و الحقائق.
وهنا يعمد البعض الى إخفاء بعض الحقائق عن شركة التأمين بهدف التخفيف من قيمة القسط ، و بما أن صاحب العلاقة هو الشخص الوحيد الذي يعلم بتلك الحقيقة الجوهرية فإن شركة التأمين لا تملك إلا أن تأخذ بتصريحاته على أنها صحيحة و سليمة . ولكن إذا تبين خلاف ذلك فإن الشركة تصبح في حلّ من التعويض إذ أن إخفاء تلك الحقائق ربما أدى الى التأثير على قرار الشركة في التعامل مع ذلك الخطر و تحديد شروط خاصة لقبوله أو لا .
إن تعاملنا مع شركة التأمين يجب أن يكون بمنتهى الشفافية ويجب أن نعلم أنها الشريك الذي سيهبّ لنجدتنا و مساعدتنا في الشدائد أو عند تعرضنا لخسائر لا سمح الله و لا يجب النظر إليها كما ننظر إلى غريم أو منافس لنا في التجارة أوغيرها.
إن وجود شركات التأمين اليوم يأتي ليكون ركناً أساسياً من خطة اقتصادية وطنية من شأنها حماية المواطنين بجميع شرائحهم من موظفين و صناعيين وتجار.. فتكون صمام الأمان لتجارتهم وصناعتهم وحياتهم دون الخوف من أي خطر مفاجئ يهدد استقرارهم الاقتصادي..
ويبقى السؤال هل نزيد من ثقافتنا ووعينا بالتأمين أم نطلب مساعدة من أمهاتنا في المفاوضات التقليدية التي لا تخلو من الطرافة ؟؟