تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
التوعية التأمينية
التأمين لها بالمرصاد البدانة – قنبلة موقوته في أجسادنا

تعريف و انتشارها البدانة:
يشكل مؤشر كتلة البدنBody Mass Index (BMI) من أهم المعايير المستخدمة عالمياَ لتعريف البدانة، و هو الناتج من قسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر. و الوزن الطبيعي هو عندما يكون BMI (18,5 – 24,9 ) و زيادة الوزن (25 – 29,9 ) و البدانة (أكثر من 30) و البدانة المفرطة المرضية (أكثر من 40 ).

يخشى العديد من خبراء الصحة في العالم من انتشار البدانة السريع في مختلف شرائح المجتمع بسبب مرافقتها للعديد من الأمراض مثل أمرض القلب و الشرايين و ارتفاع كولسترول الدم و الداء السكري من النمط الثاني و بعض أنواع السرطانات. كما يعتبر انتشارها عند الأطفال تحدياَ كبيراَ لأنظمة الصحة العالمية و خاصة منها البرامج الوقائية و التعلمية في المدارس و المعاهد المختصة لعلاج حالات البدانة المفرطة.

لم تكن هناك إحصائيات حول البدانة قبل 50 عاما فهي مشكلة حديثة و تتم دراستها بشكل مكثف و النتائج عنها تتغير باستمرار حيث تقول الإحصائيات أن 1,6 بليون شخص في عام 2005 هم من فئة الوزن الزائد لكن 400 مليون منهم فقط يعانون من البدانة. و نورد هنا بعض الإحصائيات الهامة حول البدانة من مركز خدمات الصحة الوطنية في جامعة اكسفورد:
• زادت نسبة البدانة عند الرجال في بريطانيا من 14% في عام 1994 إلى 24% في عام 2006 و عند النساء من 17% إلى 24% لنفس الفترة الزمنية.
• تتساوى نسب البدانة بين الرجال و النساء و لكن النساء يتفوقن على الرجال بنسبة 3% إلى 1% من حيث البدانة المفرطة (BMI أكبر من 40 ).
• 16% من الأطفال (تحت عمر 15 سنة) يعانون من البدانة والفتيان أكثر من الفتيات.
• تبلغ نسبة الأشخاص البدينين إلى عدد السكان في بعض البلاد: 35,6% في السعودية، 33,7% في الإمارات العربية المتحدة، 32,2% في أميركا، 28,8% في الكويت، 24,2% في بريطانيا.
• قد تصل كلفة علاج البدانة 45,5 بليون جنيه استرليني حتى عام 2050 .
• تم صرف 1,06 مليون وصفة لعلاج البدانة في عام 2006 حيث تتضاعفت ثمانية مرات عن عددها في عام 1999 .

• أسباب البدانة: تقسم أسباب البدانة إلى ثلاثة:
1) زيادة الوارد من السعرات الحرورية:
a) زيادة نسبة الأكل خارج المنزل حيث تكون الأطعمة غنية بالدسم.
b) طريقة الأكل من خلال الـ Delivery أو فكرة الـ TV Dinner و استقدام الوجبات السريعة.
c) وجود بعض الأطعمة الرخيصة غير المتوازنة صحياَ و هي متوفرة بسهولة، مما يعطينا فكرة واضحة عن سبب انتشار البدانة في طبقات المجتمع المنخفضة اقتصادياَ.
d) فشل العديد من الأشخاص في تنظيم طريقة الأكل لديهم من خلال طريقة صحية.
2) نقص المصروف من السعرات الحرارية:
a) ازدياد استخدام طرق الأتمتة في المنزل و العمل في كافة المهن.
b) ازدياد استخدام طرق المواصلات السهلة التي لا تتطلب جهداَ عضلياَ مثل السيارات الخاصة عوضاَ عن المشي أو استخدام الدراجة.
c) قلة الأعمال اليدوية في العديد من أنواع العمل و الإستعاضة عنها بأعمال مريحة تعتمد على الفكر و الآلة.
d) ازدياد استخدام الحاسب الإلكتروني و ألعاب الكمبيوتر و مشاهدة التلفاز و استخدام الأنترنت لفترات طويلة خلال اليوم مما قلل من استخدام النشاطات الفيزيائية حتى في صفوف الأطفال و اليافعين.
e) اعتماد العديد من الأشخاص فكرة أن إنقاص الوزن يمكن أن نحصل عليه من خلال اتباع طرق الحمية الكثيرة الأنواع أو استخدام الأدوية الخاصة لعلاج البدانة عوضاَ عن اعتماد فكرة زيادة التمارين الرياضية و الإنقطاع عن تناول الوجبات السريعة.
3) أسباب أخرى:
a) وجود علاقة بسيطة بين البدانة و طبقات المجتمع المنخفض اقتصادياَ
b) زيادة معدل البدانة لدى الأشخاص ال ين عانوا في طفولتهم من اضطراب في النمو.
c) ازدياد حالات البدانة من منشأ وراثي.

• ما هي تأثيرات البدانة على أعمال شركات التأمين و شركات إعادة التأمين، و كيف تواجهها؟:
لدى معظم شركات الإعادة تتم دراسة تسعير البدانة بناء على عوامل عديدة منها: BMI ، محيط الخصر، نسبة محيط الخصر إلى محيط الوركين، قائمة الطول مقابل الوزن و هذه التسعيرة تكون خاضعة باستمرار لإحصائيات منظمة الصحة العالمية. تبلغ الكلفة الإجمالية التي تدفعها شركات التأمين في أميركا تجاه خطر البدانة (في تأمينات الحياة و الصحة) حوالي 13 بليون دولار امريكي في السنة، حيث تعتبر البدانة من أهم الأسباب الأساسية المسؤولة عن قصر عمر الإنسان و أيضاَ تلك المسببة للعجز و الإمراض و زيادة نسبة الوفيات بشكل ملحوظ مما جعل شركات التأمين و الإعادة تدرس خطر البدانة باستمرار و تضع السبل الأساسية لمواجهته كما تشجع البرامج التعليمية و التربوية و الوقائية لمكافحة خطر البدانة.

بما أن شركات التأمين تحلل معطيات الأسعار بناء على افتراضات أساسية تجاه مستويات الخطورة النسبية Relative Risk للبدانة و ليس نسبة شيوع او انتشار البدانة، فقد وجدت أن الخطورة النسبية للوفاة الناجمة عن البدانة تكون مرتفعة عند الذكور، البالغين الشباب (30-45) سنة، غير المدخنين، و الأشخاص الذين لا يوجد لديهم قصة مرضية سابقة و هذه المجموعات هي التي تشتري تأمينات الحياة أكثر من غيرها و تكون نسبة انتشار البدانة فيها قليلة، لذلك فالبدانة اليوم تتحدى الأنظمة الصحية في العديد من شركات التأمين العالمية حيث تؤثر تأثيراَ مباشراَ على محفظتها التأمينية و على نسبة الربح لديها.

في أسواق التأمين العالمية مثل أمريكا حيث تكون المنافسة شديدة في بيع منتوجات تأمينات الحياة التي تعطي ضمانات طويلة الأمد أو تكون أسعارها لمدد طويلة قد تؤثر أيضاَ في محافظ التأمين لدى هذه الشركات و ربحيتها. كما أن خضوع هؤلاء الأشخاص الذين لديهم تاميناَ على الحياة لبرامج مكافحة أو علاج البدانة و التي يمكن أن تكون مفروضة من قبل الحكومة سيكون له الأثر الواضح على هذه الشركات. و قد أصبح لدى معظم شركات التأمين قائمة أسعار مقابل زيادة الوزن أو البدانة وعندها يمكن إعطاء تسعيرة لوثيقة التأمين على الحياة للأشخاص المصابين بزيادة الوزن او حتى البدانة. من الملاحظ أن البدانة تزيد من نسب العجز و نسب الإمراضية للأمراض الخطيرة Critical Illnesses مما يجعل ضمان تسعير هذه التغطيات محفوفاَ بالخطر.

بماأن تأمينات الحياة قد تكون لفترات طويلة الأمد و بما أن نسبة الوفيات الناجمة عن البدانة و الأمراض المرافقة لها تختلف من سنة إلى أخرى، فإن شركات التأمين سوف تكون مجبرة على دراسة أسعار تأمينات الحياة بشكل جيد و الطلب من شركات الإعادة تغطيات هامة و إعطاء تسعيرات دقيقة للمكتتبين تجاه زيادة نسبة الإمراضية ونسبة الوفيات و لعل التأثير الجماعي أو Cohort effect للبدانة واضح بأجلى بيان لذلك لا بد من و جود دراسات مستقبلية للخطورة الكامنة Prospective Risk Study حتى تكون المنافسة في إطارها المشروع.
تعتبر شركتي إعادة التأمين Swiss Re و Munich Re أكبر شركتين في مجال إعادة التأمين، وقد خصصت شركة ميونيخ ري برامج كثيرة للتعامل مع البدانة و تاثيراتيها مثل (Case Management, Disease Management, Preventive Programmes and Preventive Risk Management) هذه البرامج قد قدمت نتائج ايجابية في الوقاية من البدانة في المانيا (من خلال ArztPartner almeda ) التابعة لميونيخ ري و هي برامج Tele-Coaching Programme تقدم المساعدة للأشخاص البدينين كما تراقب بعض المعطيات لديهم عن بعد ثم تنصحهم باتباع العلاجات الخاصة لمكافحة البدانة و علاج الأمراض المرافقة لها و خاصة الإختلاطات منها، و قد حقق هذا البرنامج تحسناَ ملحوظاَ في العادات الطعامية و زيادة النشاط الفيزيائي بنسبة 50% من الأشخاص المشتركين كما أن 13% منهم قد أوقف التدخين و 28% منهم انخفض وزنهم بشكل ملحوظ. كمل أن ميونيخ ري قامت بتشكيل هنذا برامج في اسبانيا (من خلال Marina Salud ) و في الإمارات العربية المتحدة و التي تعتبر أن نسبة الإصابة بالداء السكري ستصل لأعلى مستوى في العالم في عام 2025 ، لذلك فقد طورت شركة ميونيخ ري مع شركة (ضمان) المحلية برنامجاَ (e- health ) هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط لتخفيف نسب الإصابة بالبدانة و الداء السكري و بعض الأمراض المزمنة الأخرى.

من هنا نرى ان البدانة هي الخطر القادم على نظامنا الصحي و على أطفالنا و الأجيال القادمة و هي تتحدى البرامج الحكومية و الخاصة الموضوعة لمكافحتها لما لها من تأثير مباشر على ازدياد نسبة الوفيات و الإمراضية و استنفاذ مدخرات الدول و الحكومات في العديد من البلدان حول العالم. و أخيراَ لا بد أن نقول و نعترف بأن درهم وقاية خير من قنطار علاج و اتقوا شر البدانة و حافظوا على أجسامكم في صحة جيدة.