إنها الشغل الشاغل للمحاكم باختلاف درجاتها..
إنها الشغل الشاغل للقضاة ..الشغل الشاغل لبعض المحامين ..
إنها تشغل المتقاضين سواء كانت شركات التأمين أو المتضررين أو أي جهة ذات علاقة بعقد التأمين..
إنها قضايا التأمين..
باتت قضايا التأمين أو قضايا التعويضات كما تسمى في بعض البلاد ، تشكل جزءاً مهماً جداً لإشغال أروقة المحاكم بالعديد من القضايا التي باتت في معظم أوقاتها تتفرغ لها ولكن بأدوات ووسائل غير عصرية لكون قوانين الأصول التي تضبط الاجراءات في عمل المحاكم لا تراعي خصوصية قضايا التأمين وهي بحاجة إلى هيكلة جديدة تترافق مع تطور العصر والتبدلات الحضارية التي طرأت خصوصاً وأننا دخلنا اليوم في عصر الاتصالات الرقمية الحديثة فالجالس في بيته في دمشق يمكن أن يحاور ويجتمع ويتفاوض ويبيع ويشتري مع أي شخص آخر في اليابان أو أمريكا ، وفي بعض البلدان أصبح بإمكان المحامي أن يحضر الجلسات ويقدم المرافعات بواسطة الانترنت.
هذه التبدلات التي لم تصب قوانين الأصول والاجراءات رغم النهضة التشريعية التي شهدها بلدنا الحبيب سوريا منذ عشر سنوات ما زالت تؤثر في معظمها على مسيرة الدعاوى أمام القضاء.
فلو أمسكنا بسجلات أساس المحاكم البدائية المدنية أو الجزائية لوجدنا أن القضايا التأمينية سواء كانت شركات التأمين مدعياً أم مدعى عليها وسواء كانت بطلب التعويض عن أضرار مادية أو جسدية أو قضايا رجوع شركات التأمين على المتسبب أو خلافها تشكل نسبة لا يستهان بها من مجموع القضايا المنظورة أمامها ، ولو ألقينا نظرة على سجلات محكمة النقض في الغرف المدنية الناظرة بالمبالغ والتعويضات عن الأضرار سواء كانت مادية أو جسدية ، نجد أن نسبة القضايا التأمينية المنظورة أمام أكثر من أربع غرف مدنية في محكمة النقض تختص بالتعويضات لا تقل عن 70% ، وكذلك الأمر أمام الغرف الجنحية في محكمة النقض.
ضمن هذه الظروف أصبحت قضايا التأمين الشغل الشاغل للمحاكم وأروقتها ، ومعظم القضايا هي بسبب الأضرار الناتجة عن حوادث السير المتنامية والمتزايدة..
هنا ، وبعد هذا العرض ، لا بدّ من أن نوضح بأن معظم القضايا المثارة على شركات التأمين هي بطلب التعويض عن الأضرار المادية أو الجسدية التي لحقت بالمتضرر جراء حادث سير أو استرداد مبلغ تم دفعه من قبل المؤمن بشكل مباشر للمتضرر بدون أن تتدخل شركة التأمين ، وأما معظم القضايا المثارة من قبل شركات التأمين فهي قضايا الرجوع على المتسبب بالحادث أو المؤمن نتيجة وجود خطأ ما أو مخالفة ما لشرط من شروط عقد التأمين..