تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
التصنيف والتأمين

ضمن فعاليات المؤتمر العام الثلاثين للاتحاد العام العربي للتأمين والذي انعقد في جمهوية مصر العربية خلال الفترة من 1-4 أيلول 2014 أوصى المؤتمر بانشاء هيئة تصنيف عربية تعنى بتصنيف شركات التأمين وإعادة التأمين العربية:  فما هو هذا التصنيف "rating"  الذي يلقى الاهتمام يوماً بعد يوم من قبل شركات التأمين الدولية والعربية ، والذي أثار ويثير الضجة من قبل هيئات الرقابة والإشراف على التأمين؟ .
التصنيف في اللغة العربية يعني التميز بالصفة والنوع – ميّز بعضه عن بعض ورتبه  وهنا يعني تميّز شركة التأمين بالمرتبة والدرجة التي تحرزها من مؤسسة الصنيف.
ببساطة، التصنيف في التأمين هو علامة مضيئة لخطأ الشركة كي ترقى إلى مصاف كبرى شركات التأمين مؤطرة بثقة تنافسية عارمة وقدرة مالية ومهنية عالية.
بعد أن تأسست الجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين IAIS، أخذت شركات التأمين الأجنبية بتوظيف التصنيف في سعيها إلى اختراق الأسواق التأمينية العربية، وبعد أن أنشئ المنتدى FORUM العربي لهيئات الإشراف على التأمين، شهدت  أسواق التأمين العربية إقبالاً من شركات التأمين على التصنيف لدى الوكالات الدولية المختصة وأصبح التصنيف شرطاً نافذاً في عدة دول عربية.
يتم التصنيف المنشود في شركات التأمين من خلال الكشف الميداني النوعي والكمي والتدخلي المباشر INTERACTIVE  ومقابلات ومشاهدات مع قيادة الشركة ورؤساء الأقسام، وليس بناءاً على معلومات عامة PUBLIC INFO .
يعتبر التصنيف الميداني أكثر صدقية من ذلك الذي يبنى على أساس معلومات عامة بحيث يؤخذ في الاعتبار المعايير والقواعد الدولية لسبر أغوار قدرات ومؤهلات شركة التأمين بصورة محددة ودقيقة ومن ذلك:
-    القدرة المالية                                                                           - الأداء الاكتتابي
-    القدرة الائتمانية                                                                        - مستوى الربح الاكتتابي 
-    الرساميل الخاصة                                                                     - كفاية الأموال الاحتياطية 
-    حجم الأخطار المعطاة من الرسملة                                                 - عوائد الاستثمار وتوظيف الأموال 
-    تسعير الأخطار وتيار المنافسة                                                      - الوثائق الجديدة والنظرة المستقبلية
-    التعويضات والمصاريف الإدارية مقارنة بالأقساط الصافية        
إلى ما هنالك من مؤشرات عديدة يرتكز إليها للتحقق من أعمال الشركة ضمن الافصاح DISCLOSURE ، والشفافية TRANSPARENCY .
ولا يخفى أن الشكل الجذاب لشركة التأمين والمظهر اللائق للعاملين يؤخذ بعين الاعتبار، لأن الشكل في التأمين أضحى كما المضمون .
هناك ثلاث أو أربع وكالات – مؤسسات- تصنيف عالمية معروفة لدى الضامنين في العالم بما فيهم الضامنون العرب، ولايوجد وكالة تصنيف إقليمية بالمستوى العالمي المطلوب، لذا طالب المؤتمر الثلاثين للاتحاد العام العربي للتأمين بإنشاء هيئة تصنيف عربية. وكان مؤتمر التكافل العالمي في دبي، نيسان 2006، قد أوصى بإنشاء هيئة عالمية لتصنيف شركات التكافل، كما طالب المؤتمرالمصرفي العربي المنعقد في بيروت في تشرين الثاني 2011 بإنشاء وكالة تصنيف عربية. وقد تم كل ذلك كي تتحدد المعايير الموضوعية للتصنيف ضمن المبادئ والأسس العالمية.
تتراوح مراتب التصنيف لدى هيئات التصنيف العالمية وفق المعايير التالية:
-    تريبل آ - قوي إلى أقصى حد،AAA EXTREMLY STRONG         
-    دوبل آ- ممتاز،AA EXCELLENT 
-    آ دوبل بلوس – متفوق A++ SUPERIOR
-    تريبل بي – جيد BBB GOOD
-    بي ماينوس – مقبول B-FAIR        
وكثيراً ما تتعادل هذه المراتب مع بعضها وتختلف بالأحرف والزائد والناقص بين وكالة تصنيف وأخرى لكنها في النتيجة هي واحدة و تفضي إلى شرح موجز لمصطلح المراتب ضمن تراتبية واقع الحال للشركة الموضوعة تحت اختبار التصنيف.
بالمجمل العام تتمثل تراتبية التصنيفات مع المصطلح المختصر ويتم ترتيبها حسب بالمقاييس بموجب أقسام محددة بالنتائج ومنها:
-    تصنيف القدرة المالية FINANCIAL RATING
-    تصنيف القدرة الائتمانية CREDIT RAITING
-    نظرة مستقبلية مستقرة WITH STABLE OUT LOOK
-    الأداء الجيد GOOD RATING PERFORMANCE
بالإضافة إلى النتيجة المركبة ومستوى الربح الاكتتابي.
حين تدرج شركة التأمين في التصنيف توضع على الاختبار قيد المراجعة فقد يزاد التصنيف أو يخفض وفقاً لتحرك مؤشر القدرات سلباً أو إيجاباً، وقرار التصنيف قد يوقف شركة التأمين عن العمل بسبب إخفاقها في امتلاك الملاءة أو السيولة.
إن خفض تصنيف شركة التأمين إلى أقل معدل يؤدي إلى خسارة ثقة الزبائن بها، وهنا يطرح السؤال: هل التصنيف أمر لا بد منه؟
إذا كان التصنيف ضرورة لشركة التأمين المباشر لجذب العملاء المستهلكين فيما يخص قدرتها على تسديد مطالبات حاملي الوثائق في أوانها،  فإنه أكثر ضرورة لشركات إعادة التأمين لجذب شركات التأمين المباشر والتي تحمل على عاتقها انزياح عبئ الأخطار الناجمة عنها.
وقد أخذت هيئات الإشراف على التأمين في بعض البلدان العربية بضرورة إسناد حصص إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري لدى الشركات تحت عنوان (نادي المعيدين المصنفين دولياً) واشتراط تصنيف المعيد يعطي فسحة الطمأنينة والأمان إلى الفرقاء المعنيين بالخطر المؤمن عليه.
وعليه فإن بعض المستأمنين الكبار يطلبون من المؤمن إعادة تأمينه لدى معيد ما، كونه يحمل السمعة الذهبية في نادي التصنيف العالمي.
هناك ما يسمى التصنيف السيادي للبلد SOVEREIGN RATING  والذي يؤثر بشكل أو بآخر على تصنيف الشركات المحلية مع ارتقاء التصنيف لهذه الشركات بدرجاته العليا.
في النصف الثاني من عام 2010 أعلنت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني (كابيتال انتلجنس) ومقرها قبرص، منح سورية تصنيفات سيادية للعملتين المحلية والأجنبية. وقالت الوكالة في بيان لها إن أهم ما يميز السيادة الائتمانية السورية هو السيولة النقدية والقدرة على تسديد الديون، مضيفة أنها منحت سورية تصنيفاً سيادياً على عملتها المحلية بدرجة / بي بي / على المدى الطويل و درجة / بي/ على المدى قصير الأمد.
التصنيف السيادي أثار ويثير الريبة لدى الدول المتقدمة والمتنافسة.
في النصف الثاني من عام 2011 حمّلت أطراف عدة في المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وكالات التصنيف الائتماني الثلاث العالمية مسؤولية زعزعة اقتصادات منطقة اليورو عبر إصدارها تصنيفات خفضت بموجبها تقويم عدد من بلدانها درجات عدة ومنها تخفيض التصنيف السيادي لإيرلندة واليونان وغيرها، كما خفضت مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز في عام 2011 نظرتها المستقبلية للولايات المتحدة من مستقر إلى سالب وعزت ذلك إلى إجراءات ضبط العجز المالي ومديونياتها القياسية والأمثلة في انخفاض التصنيف السيادي للدول من خلال الأزمات المالية كانخفاض السيولة المالية في شركات التأمين وإعادة التأمين والتي تؤثر على تصنيفها سلباً.
أطرف ما في التأمين هو التصنيف. فحين يعلو تصنيف شركة التأمين مرتبة مع التصنيف السيادي للبلد حينها تفوق فرحة شركة التأمين كل حد، وفي بعض البلدان تعتبر ضمانة الدولة عاملاً حاسماً في تصنيف شركة التأمين.
في التأمين الضمانة الأهم هو أن تبقى وكالة التصنيف في التصنيف الموضوعي والمؤسساتي الفني لأن إخفاق وكالة التصنيف سهواً أو عمداً في تقييم الشركات يؤدي إلى سقوطها في المنزلق الخطير وفي زعزعة قواعد الإشراف على التأمين.
على أي حال يبقى التصنيف ذو المصداقية والحياد التام هاجس  شركات التأمين وإعادة التأمين كي تبقى في مصاف الشركات المتقدمة الحائزة على ثقة المستهلكين.
علي شفا عمري   
مستشار في التأمين