تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
حفنة من التجارب

يقال بأن القادة الاداريين ينجزون التغيرات الكبيرة عبر سلسلة من التجارب الصغيرة وسمعنا كثيراً عن تصنيف القادة الإداريين إلى فئات مختلفة ابتداءاً من الفئة الأولى إلى الفئة الخامسة التي تعتبر من أعظم القادة من وجهة نظر الكثير من الكتاب علماً بأن هذه الفئة هي الأقل على المستوى الوظيفي والتسلسل الإداري للشركات.

فسياسة التغيير الإداري الشامل المفروضة لا تمنح المدراء الوقت الكافي للقيام بالتعديلات المطلوب القيام بها بعد فرض هذه السياسة، حيث أن التغيير قد أضحى أمراً واقعاً يشمل الجميع ويتوجب على الجميع احترامه، وبالتالي هذا ما يميز سياسة سلسلة التجارب الصغيرة عن السياسة الشاملة للتغيير في الشركات.

لكن بكلتا الحالتين أكانت سياسة التغييرالشامل أم سياسة سلسلة التجارب الصغيرة ما تم استخدامه للوصول إلى التغيير فيتوجب ربط هاتان السياستان الاداريتان بقدرة المدراء أو القادة الاداريين على إنجاز التغيير وبمدى إمكانية المباشرة بتصحيح أي أثر قد ينتج عن هذا التغيير ومن ثم إعادة تقييم مدى نجاح التجربة لاستكمالها بتجارب متلاحقة للوصول إلى الهدف المعلن وهو التغيير الاجمالي مع نتائج مرضية لا تترك أثرها سلباً على المؤسسة وعلى مركزها المالي.

كما أن التركيز على بدء عملية التغيير من الداخل أي من قلب الهرم الإداري أهم بكثير من التغيير المفروض من المستويات الإدارية الأعلى وذلك لانخفاض مستوى المقاومة من قبل العاملين في المستويات الإدارية المختلفة وخاصة المستويات الدنيا في الهيكل التنظيمي.

فما ينطبق على الأفراد ينطبق ولو جزئياً على المؤسسات فالتغيير في سياسة الشركات تجاه الأطراف ذو العلاقة كالعملاء أو الموردين أو التغيير بهدف التأثير على الموقع التنافسي للشركة في السوق وتحسينه يتطلب سياسة تخضع لمجموعة من التجارب والأبحاث وخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تتطلب من المدراء الانتقال من مرحلة الإدارة لمرحلة القيادة التي لا تبنى على رد الفعل الاعتيادي بل على المؤشرات وجهوزية اتخاذ القرار وفقاً لطبيعة هذه المؤشرات والتعقيدات الموجودة.  

كما أن تفاعل الموردين أو العملاء مع السياسة الجديدة مطلوب لنجاحها وإلا سيكتب لها عدم النجاح والعودة لنقطة البداية لتصحيح الخطأ لذا يلحظ بأن الشركات في ظل الأزمات الاقتصادية تلجئ إلى إجراء حفنة من التجارب للوصول إلى النتائج المرجوة بدلاً من الاعتماد على سياسة التغيير الشامل أو الجذري.

وهذا ما يمكن اسقاطه على معظم الشركات العاملة في السوق السورية بغض النظر عن نشاطها الرئيسي فالجميع بات يعمل على سلسلة التجارب الصغيرة لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة والمتقلبة بسرعة غير منطقية فهل باتت عملية التسعير اليوم فعالة في ظل تقلبات سريعة وغير متوقعة لسعر الصرف أم هل أضحت السياسات التسويقية تجني نفس الثمار السابقة.
 
إن حفنة التجارب المتلاحقة من قبل الشركات السورية ساعدتها اليوم على تقديم نوع من الحماية لمدخراتها من خلال توفير مبالغ طائلة كانت ستنفقها فيما لو اتخذت اجراءات سريعة مستندة لرد الفعل على الظروف الاقتصادية وثبت لجميع المراقبين بأن الشركات السورية نجحت باستخدام سياسة سلسلة التجارب الصغيرة وحافظت على ملاءتها المالية وأثبتت للجميع بأن حفنة من التغير قد تحمل بين طياتها أثر لا يمكن نسيانه وبأن بعض من ثمارها يشابه إلى حد ما ثمار سياسة التغيير الشامل التي تتبناها أعظم الشركات.