تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
التأمين والفن 

لدى قراءة العنوان حتماً سيتبادر إلى ذهن القارئ بأن الموضوع سيأخذنا إلى التأمين على الفنانين المشهورين وخاصة الممثلين وأغلى /15/ بوليصة تأمين للمشاهير حول العالم من أهل الفن أو غيرهم من المشاهير، فجوليا روبرتس صاحبة الابتسامة الموناليزية كما تدعي قد أمنت على ابتسامتها بما يساوي /30/ مليون دولار أمريكي، في حين أن كريستيانو رونالدو لاعب فريق ريال مدريد والفائز بالكرة الذهبية قد أمن على قدميه بمبلغ /144/ مليون دولار أمريكي في حال وقوع ضرر عليهما.
لسنا بصدد مقارنة مبلغ التعويض على الابتسامة الموناليزية لقاء التعويض على إصابة القدمين، فماذا لو أصيبت جوليا روبرتس بالاكتئاب وغابت ابتسامتها فهل سيتوقف الناس عن حبها كما تدعي وماذا لو فقد عشاق الريال النجم المدلل نتيجة إصابة ما فهل سيكون ذلك من حظ شركة التأمين أم من حظ المنافسين في الدوري الاسباني كالخصم اللدود برشلونة، لكن يبقى موضوع الفنانين شائك فالمبالغة والتنافس بمبالغ التعويض هو هاجس أكثر من كونه حاجة فماريا كاري تجاوزت الجميع لدى شرائها بوليصة تأمين على قدميها بمبلغ مليار دولار أمريكي.
من المنطقي بعد سماع ما سبق أن نرى الفنانين الأردنيين مستائين من قرار مجلس الوزراء الأردني تشميلهم بالتأمين الصحي من الدرجة الثالثة في العام /2007/ ومطالبتهم بتشميلهم بالتأمين الصحي من الدرجة الأولى بدلاً عن الدرجة الثالثة، فلم لا وتظراؤهم من الغرب يتنافسون على الحصول على بوالص تأمينية مختلفة وفريدة وعلى مبالغ تعويضية صادمة أحياناً.  ليست الغاية المعلنة من هذه المقالة هو الاطلاع على ما قام به الفنانون أو المشاهير كالرياضيين لكن الهدف يتمثل في الاطلاع على المفاهيم المتعلقة بتطوير شركات التأمين لمنتجاتها أو لمنتجات جديدة تلائم كافة الشرائح من المستهدفين من أفراد أو فعاليات اقتصادية.
لم تكن سوق التأمين السورية بعيدة عن حالة التكيف والتطوير الحاصلة فهذا الأمر ضروري لاستمرار الشركات وبقائها، فعملت هيئة الإشراف على التأمين على توفير البيئة الرقابية والتنظيمية اللازمة فأصدرت القرار المتعلق بتطوير المنتجات مرفقاً بدليل المخاطر الذي أكد على المخاطر المرافقة لعملية تطوير المنتجات وكيفية التعامل معها. فما كان أمام شركات التأمين العاملة في السوق السورية إلا أن تتبني الاستراتيجية الملائمة لعملية تطوير المنتجات أو تكيف المنتجات الحالية لتلائم متطلبات المرحلة الحالية وكذلك تطلعات الشركة ورغبة العملاء والذي هو في النهاية شكل من أشكال تطوير المنتجات.
فالتطوير بمحتواه يختلف عن الابتكار، فقد يكون تطوير المنتجات من خلال تبني منتج نجح في دول الجوار والعمل على تكييفه ليلائم رؤية الشركة وأهدافها وليتوافق مع المتطلبات الرقابية أيضاً. وقد يكون التطوير بإجراء تحسينات على المنتجات القائمة أو إعادة ترتيب المنتجات المتوفرة لدى الشركة وهذا خير دليل على تبني معظم الشركات للمنتجات المتعلقة بتغطية أخطار الحرب والإرهاب أو لإصدارها لبوالص تلبي حاجة المجتمع كالبوالص الخاصة بتغطية أضرار الحرب والإرهاب على السيارات أو تغطية أضرار قذائف الهاون على المحال التجارية.
فتطوير المنتجات لدى معظم شركات التأمين السورية يعكس فكرة التجاوب المنطقي لهذه الشركات مع الظروف الحالية من خلال التواصل المباشر مع عملائها والعمل على تحقيق متطلباتهم وبالتالي العمل على تحقيق نوع من الاستقرار في الإيرادات وخلق انطباع قوي لدى المنافسين بالقدرة على البقاء والاستمرارية، دون إهمال رغبة هذه الشركات بتحسين قاعدة الخبرة والمعرفة لديها الذي سينعكس بشكل أو بآخر على رضا العملاء مقارنة بالشركات التي لم تعمل على تطوير منتجاتها.
فالفن يتجلى في إدارة الشركة لاستراتيجية تطوير منتجاتها وكيفية تطبيقها ولآلية مقابلة احتياجات العملاء والمحافظة على حصتها السوقية في وجه المنافسين ويظهر أكثر بريقاً لدى الرفع من سوية الشركة والعاملين فيها وتحسين قدرتهم على تطوير منتجات بالشكل الذي يجعل الشركة قادرة على تجاوز سقف المستحيل في ظل الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدد بقائها. فهل سيأتي اليوم الذي نرى فيه الشركات السورية تقوم بالتأمين على ابتسامة أحد الفنانين السوريين من يدري لندع الأيام تثبت.
الصحفي 
ماهر سنجر