تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
التأمين أبعاد غير معلنة

 

كلما قرأنا التاريخ ازددنا يقيناً بأن الحاضر هو مرآة للأعمال الماضية مع الأخذ بالحسبان التغيرات الحاصلة في الظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والتي أثرت بدورها في صناعة التأمين من دون إهمال المساهمات الفردية لأشخاص مميزين لعبوا دوراً مهماً بتنظيم هذه الصناعة وصولاً إلى الريادة في عالم الأعمال.
تأثرت صناعة التأمين عبر التاريخ بمجموعة من الأحداث التي وضعت صناعة التأمين في قلب كل شخص كحادثة حريق لندن في عام 1666، التي جعلت من التأمين قلب الحدث والتجارة الرائدة آنذاك.
لم تتوقف صناعة التأمين على الحد الأدنى من المساهمة بالناتج القومي مثلها مثل باقي الصناعات الأخرى، لكنها تعدت ذلك إلى لعب دور أساسي في دعم الاقتصاد ودعم التمدن والتطور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
إن الظاهر للعيان بأن خدمات ومنتجات التأمين ذات طابع تجاري بغض النظر عن المستهدفين من هذه الخدمات والمنتجات سواء أكانوا أفراداً أم شركات، لكن في الحقيقة تتجاوز خدمات ومنتجات التأمين البعد التجاري لتشمل مجموعة من الأبعاد الأخرى غير المعلنة.
حيث يشغل البعد الفكري والاجتماعي والاقتصادي لهذه المنتجات والخدمات حيزاً لا بأس به من أبعاد منتجات وخدمات التأمين، كما أن منتجات وخدمات إعادة التأمين تتمتع بالأبعاد نفسها على الرغم من اختلاف المستهدفين من هذه الخدمات والمنتجات.
كبعد إضافي غير معلن وغير ملحوظ من البعض عن المنتجات والخدمات التأمينية مساهمة هذه المنتجات في خلق حالة من الراحة الفكرية للمجتمع وللشركات، ومن الأمثلة التي بادرت إلى ذهني وثائق التأمين على المنازل من الفيضانات والحريق وغيرها من الأضرار أو وثائق التأمين الصحي لما لها من دور في حماية المجتمعات.
فكيف يمكن لهذه المنتجات والخدمات المساهمة بخلق الراحة الفكرية؟
تلعب منتجات وخدمات التأمين دوراً كبيراً لكنه غير معلن في رفع عبء المخاطر وإدارتها بالطريقة المثلى للأفراد أو الشركات، ما يتيح لهؤلاء التفكير بطريقة إبداعية ابتكارية بعيدة عن القلق وهم التعامل مع عبء إدارة المخاطر.
كما ترفع منتجات وخدمات التأمين للأفراد والشركات من مستوى عملية الانتقال من حالة الركود إلى حالة التفكير الإبداعي والتركيز على تأسيس بيئة عمل مقومها الرئيسي الإبداع وحالة الاستقرار المادي للموارد المستخدمة في الشركة، بمعنى آخر؛ إن المنتجات والخدمات التأمينية تساعد على رفع فاعلية وكفاءة العمل في الشركات.
إن استقرار الموارد في الشركة يساعد على استخدام هذه الموارد في عملية التطوير المستمر في الشركة ومن ثم يظهر هنا بعد آخر من أبعاد التأمين ألا وهو الرفع المالي للشركات والأفراد نتيجة لمساهمته في تحمل الخسائر وإدارة المخاطر.
في حال رغبنا بأن نصف التطوير المستمر بمجموعة مختصرة من الكلمات يمكننا القول: إن عملية التطوير المستمر ما هي إلا الهدف والشكل الرئيسي لمتطلبات نظم الجودة، ومن ثم أعاد التأمين فرض نفسه بوصفه رافعاً ومكوناً أساسياً لنظم الجودة، وكنتيجة لذلك بوصفه عاملاً أساسياً في ازدياد معدل رضا العملاء، ومقابلة المتطلبات التشريعية والقانونية.
لم تقتصر أبعاد التأمين غير الملحوظة على الفرد والشركات؛ لكنها امتدت لتضيف بعداً آخر غير ظاهر على مستوى الاقتصاد الكلي بوصفه حاضنة لتجميع المدخرات الوطنية وعاملاً مخففاً لتقليل الضغط على الإنفاق الاجتماعي من الحكومات، ومحسناً لحياة الأفراد والأسرة، ومن ثم المجتمع كله.
ما زالت النظرة السائدة في السوق السورية إلى منتجات التأمين بأنها منتجات كمالية، على الرغم من تضافر جهود كل العاملين في قطاع التأمين على نقل أبعاد التأمين إلى متلقي الخدمات التأمينية والمجتمع بشكل عام.
إن تغيير الثقافة التأمينية مشوار من ألف ميل، والجيد بأن هذا المشوار قد ابتدأ منذ زمن، بكلمة أخيرة لنكن جميعاً مسؤولين عن نشر أبعاد التأمين لنرفع إدراك المجتمع لأبعاد هذه المنتجات والخدمات، وننقله من الإدراك الحسي إلى الإدراك الملموس.
بقلم الاستاذ ماهر سنجر