تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
التأمين و الموارد البشرية

 

في محاولة لفهم وربط علاقة التأمين بالموارد البشرية, ومن خلال الاجتماع بالمهتمين بتنمية الموارد البشرية، ومتابعة بعض الأوضاع والتطورات وتأثير الاقتصاد في الأعمال, يظهر أن العلاقة أوثق مما يتخيل الكثيرون.
الموارد البشرية في منشأة ما, تهتم بأغلب ما يتعلق بالفرد/الموظف إن لم تكن تهتم بجميع ما له علاقة به، إضافة الى ممتلكات وأصول الشركة الأخرى, بداية من الأجر أي المبلغ المدفوع مقابل عمله، مروراً ببيئة العمل، وصولاً إلى المنافع او ما يسمى منافع الموظفين من امتيازات وتطوير وبناء لهذا الفرد/الموظف, الذي يعد من أهم عناصر/مصادر ومقومات العمل وتوسع المنشأة وازدهارها وزيادة عوائدها.
يُقال: إنه من المفترض أن الاستراتيجية التي تسير عليها أي منشأة تتضمن خطة لإدارة المخاطر, وأعتقد أن هذه النقطة تعد أحد المخاطر التي تواجهها المنشآت، وهي عدم استقرار الموظف, إضافة إلى باقي الأخطار التي يجب الاحتياط لها عند وضع الاستراتيجية.
وكثيراً ما نسمع عن التسرب الوظيفي أو انتقال الموظفين بين الشركات والجهات الأخرى لهدف أو لآخر, لكن بعض الأشخاص في هذا المجال يعزو هذا التنقل إلى أحد أبرز أسباب هذه الظاهرة وهو ما يسمى الأمان الوظيفي, أي إن شخصاً ما موظفاً يشعر بالاطمئنان في جهة عمله، وذلك بسبب قوة هذه المنشأة وآخر لا يشعر بهذه الطمأنينة, وكمثال سنأخذ شركة أرامكو السعودية كجهة مستهدفة لبعض الاشخاص العاملين مع شركات المقاولة المتعاقدة مع أرامكو السعودية, الأسباب كثيرة صحيح ولكن أبرزها وما يتداوله المهاجرون من شركات المقاولات الى أرامكو هو "الأمان الوظيفي".
من المثال السابق يتضح لنا مفهوم أن المقصود بالأمان الوظيفي هو قوة الجهة التي تعمل لديها وقدرتها على البقاء والاستمرار, فبالمقارنة نرى أن المقاول قد يخسر العقد لأي سبب من الأسباب مع أرامكو فتنهي التعاقد، ومن ثم كنتيجة سيقوم هذا المقاول بإنهاء عقد الموظف إن لم يتم تحويله الى عقد آخر مع جهة أخرى إن أسعفه حظه ووفقه الله, وإلا فسيكون من ضمن مجموعات الباحثين عن العمل من جديد، وهذا ما يتجنبه الموظف بطبيعة الحال.
من خلال الممارسة العملية تتجلى محدودية النظرة الإيجابية للتأمين من المسؤولين عن هذا الخط كعامل أساسي وأداة لزيادة الضمان في استقرار المنشأة واستمرارية الموظف المؤدي إلى نتيجة تبعية وهي توسع الأعمال وزيادة حجم الاستثمار, بل على العكس ففي حال إهمال هذا الجانب، وبمجرد أن تشغل نفسك بموضوع التسرب الوظيفي واستهلاك وقت إدارة الموارد البشرية فيه يعد هدراً للطاقة التي كان من الممكن الاستفادة منها في التطوير والتوسع.
إضافة إلى – لا سمح الله – حدوث أي خسارة لم تكن مغطاة بغطاء تأميني، كحريق للمصنع أو المنشأة، فإن ذلك سيعد كارثة تحول دون استمرار العمل، نتيجة قلة أو شح الموارد المالية لإعادة البدء من جديد وتكبد الخسائر.
الكثير ممن يشتري منتجات التأمين لا يعي الفائدة من ورائها, فقط يشتريه لأنه مطلوب من جهة معينة كبنك أعطى التسهيلات وأراد ضماناً أو صندوق التنمية الصناعية أو غير ذلك من الأسباب التي جعلت صاحب المنشأة يطلب التأمين, تماماً كمن يشتري التأمين لمركبته ليس لوعيه بأهمية وجود التأمين، ولكن لأن الجهات الحكومية تلزمه به ليتملك المركبة.
باستعراض بسيط غير معقد لبعض مهام وأهداف إدارات الموارد البشرية في المنشآت نجد النقاط التالية:
– الموارد البشرية تقدم مزايا ومنافع لجعل بيئة العمل جاذبة للكوادر والخبرات في مرحلة الاستقطاب مثل:
· رواتب مغرية
· علاوات / بدلات
· تدريب وتطوير
· مسار وظيفي واضح
– الموارد البشرية تحرص على توفير بيئة عمل مناسبة وأمان وظيفي للمنشأة للمساعدة في استمرارية النخبة من الموظفين في مرحلة ما بعد التوظيف مثل:
· التأمين الطبي
· تأمين الحماية والادخار
· التأمين على الممتلكات
· تأمين التعطل عن العمل
· تأمينات أخرى مثل تأمين تعويضات الأخطار المهنية
· تسهيلات مصرفية لتملك المنازل إلخ…
لدينا أمثلة حية تمتلك بيئة عمل جاذبة ومعدل استقرار وظيفي عالياً ممن أدرج من أولويات البنود في استراتيجية العمل درء المخاطر والتقليل من الخسائر, فاتخذوا تحويل الخطر – التأمين – وسيلة للنهوض بعد أي كارثة قد تحصل لا سمح الله, ومن ضمن تلك المخاطر التسرب الوظيفي الذي تمت معالجته ببرامج الحماية والادخار ومنفعة التأمين الطبي وغيره.
هذه البرامج لا تعد ميزات يحصل عليها الموظف لتجنب تركه للعمل فحسب, وإنما تعد درعاً للشركة تتخذه إدارة الموارد البشرية لصد أي هزة قد تحدث للمنشأة، فإن لم تبقَ المنشأة, فلن يكون هناك حاجة لهذه الإدارة أو تلك.