لا تتوقف أهمية التأمين الصحي في تأمين الرعاية الصحية ودعم الفرد مادياً ومعنوياً بل يتعداه إلى أكثر من ذلك من خلال رفع سلامة المجتمعات والحفاظ على الأسر من التفكك بحماية أفرادها صحياً إضافة إلى تقليل انقطاعات العمل في القطاعات الإنتاجية من خلال تحقيق الأمان الصحي والراحة للعاملين وتميز اسم المنشآت التي ترعى موظفيها.
تزداد يوماً بعد يوم أهمية التأمين الصحي في المجتمعات التي تغلب الطابع المادي فيها على الحياة المريحة وبات ضغط الاستهلاك يؤرق الجميع وخاصة الطبقة المتوسطة التي بدأت تتلاشى رويداً رويداً في معظم دول العالم. أخذ التأمين الصحي منحى جديداً من خلال اعتباره تأميناً ملزماً للجميع فمن برنامج الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بإلزامية التأمين الصحي للجميع والذي ساهم بفوزه بدورة انتخابية ثانية إلى قانون التأمين الصحي الصادر في الإمارات العربية المتحدة والذي ألزم الجميع مواطنون أو مقيمون في الإمارات بالحصول على تأمين صحي حيث راعى هذا القانون قيمة رواتب العمال المختلفة وتنوع الشبكات الطبية لتناسب الجميع والحدود الدنيا للتأمين الصحي المقبولة في الإمارات.
وليس انتهاءً بالإمارات العربية المتحدة حيث أعلنت الصين التي تواجه فيروس كورونا بجهودها الخاصة بأنها ستقوم بسداد ثمن علاج المصابين وحتى المشتبه في إصاباتهم بالفيروس عن طريق ما يسمى التأمين الطبي الأساسي وتأمين الأمراض الطبية والمساعدة الطبية ومحاولة دعم الباقين من خلال صناديق مالية، إضافة إلى ذلك أعلنت شركات التأمين الصينية أنها ستقوم بشكل مؤقت بتغطية الأدوية والخدمات الطبية للجهات المشاركة في خطة تشخيص وعلاج الفيروس التي وضعتها اللجنة الوطنية للصحة.
عالمياً لغاية اليوم تقوم شركات التأمين بتغطية الإصابة بفيروس كورونا ضمن حدود التغطيات المنصوص عليها في سقف البوليصة وطالما أنه لم يتم تصنيف الفيروس كوباء من منظمة الصحة العالمية أو من وزارات الصحة في الدول التي حصلت لديها الإصابات، مازالت شركات التأمين مستمرة في تقديم غطاء تأميني للفيروس بوصفه مرضاً معدياً وليس وباء وهذا ما ساعد على نمو حجم مبيعات وثائق التأمين الصحي منذ بداية عام 2020 ولغاية شهر شباط حيث شهدت شركات التأمين العربية والعالمية إقبالاً على طلب وثائق التأمين الصحي.
بالمقابل انتقلت بعض شركات التأمين لتعديل الشروط الخاصة بالتغطية التأمينية من خلال إضافة ملاحق خاصة بتغطية الأمراض المعدية والمصنفة كوباء، على الجانب الأخر ارتبط موضوع السفر والانتقال وتغطية كورونا بمخاوف الكثير من شركات التأمين بحصول خسائر في محفظة التأمين الصحي والسفر نتيجة إلغاء وتوقف حركة السفر والسياحة والإشغالات الفندقية. كما أن مخاوف الشركات من إلغاء الشحنات التجارية نتيجة لتوقف الرحلات أو تأخيرها سيلحق ضرراً بمحفظة تأمين النقل من دون الحديث أيضاً عن المخاطر المتعلقة بمحفظة التأمين على الحياة.
انتقال التأمين الصحي من ممارسة فردية من شركات التأمين العامة والخاصة بغاية خدمة المجتمع إلى مسؤولية اجتماعية ودور ريادي للأحزاب والحكومات والدول هو دليل على أهمية صحة المجتمعات وعلى أهمية التأمين كأداة في الحفاظ على مدخرات الأفراد والحفاظ على العمليات الإنتاجية مستمرة من دون أي انقطاعات تذكر. الانتقال بالتأمين من مشارك للخطر إلى مخمد للأزمات سيكون الاتجاه السائد لكل الحكومات والدول وإن غداً لناظره قريب.