"حابب استفيد" من التأمين
الاستاذ ماهر سنجر
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التأمين نتيجة للجهود المبذولة من كل الفرقاء في هذا القطاع لنشر الثقافة التأمينية، تماشياً مع رغبة شركات التأمين السورية وبالتوازي مع انفتاح السوق المرافق لانتصارات الجيش العربي السوري.
كما كان لارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية بما فيها تكاليف العلاج الطبية والأدوية، وما يرافق ذلك من خدمات أثره في إقبال الناس على شراء منتج التأمين الصحي، حيث يُلحظ من خلال مراقبة نتائج أعمال الشركات السنوية أو الفصلية ارتفاع طردي لحجم أقساط التأمين الصحي لدى معظم الشركات السورية، مقارنة مع باقي المنتجات رغم عدم الارتفاع الكبير في قيمة أقساط التأمين الصحي. ما يزيد اليقين بأن معظم الشركات السورية قابلت الاحتياجات لدى المؤمَّن لهم وتعاملت مع ظروف الأزمة بما يخدم مصلحة المؤمَّن له، فمن يتابع قيمة قسط التأمين الصحي مقارنة بكلفته يعلم بأن شركات التأمين السورية عانت نتيجة التغير في طبيعة الطلب من المؤمَّن لهم والضغط بالطلب على التأمين الصحي مقارنة مع باقي أنواع التأمين كالتأمين الهندسي.
ومن ثم لم تخرج شركات التأمين عن طبيعة نشاطها بنقل مخاطر الآخرين ومشاركتهم به، لكن ما يقلق البال بأنه حتى اليوم مازال الكثير من المؤمَّن لهم لا ينظرون إلى شركة التأمين على أنها شريك حقيقي، بل على العكس، فمن الواجب علينا الاستفادة من شركة التأمين قدر المستطاع من خلال جملة مكررة لدى الجميع "حابب استفاد من شركة التأمين".
فالجواب اليوم على هذه العبارة المكررة: ما المانع مادامت شركة التأمين بخدمة عملائها، ومادام ذلك لا يتعارض مع ما نصت عليه بوليصة التأمين من شروط؟ لكن عبارة "حابب استفيد" هي عبارة ذات دلالات مختلفة بلهجتنا المحكية "حابب استفيد" قد تعني "حابب استنفع" أو قد تعني "بدي الحس اصبعتي" أو قد تعني "مكسب" أو قد تعني "حقي" أو قد تعني "انتهاز للفرصة" فلغتنا غنية ويمكن للقارئين بالتأكيد الإضافة على ما تم ذكره من معان.
بترجمة أكثر احترافية للعبارة السابقة استناداً إلى منافع التأمين، من حق المؤمَّن له الاستفادة والحصول على حقوقه كاملة من شركة التأمين، لكن ليس من حقه الإثراء والرغبة بالاستفادة دون وجه حق، وخاصة إذا ترافقت هذه الاستفادة مع حصول تلاعب بالمطالبة بموضوع التأمين.
أما بترجمة أقل احترافية لكنها تتعلق أيضاً بالتأمين فيمكن لنا ترجمة "حابب استفيد" على أن المؤمَّن له يرغب بالمرض رغم أنه "زي البومبة" (آسف على استخدام تعبير آخر باللهجة المحكية لكن هذه المرة من مصر الشقيقة) للاستفادة من بوليصة التأمين الصحي أو يرغب بأن يصدم أحد المارة للاستفادة من بوليصة التأمين الإلزامي للمركبات أو أن تتحول سيارته إلى خردة للاستفادة من شركة التأمين.
للأسف حتى اليوم لايزال مفهوم التأمين ومفهوم الشراكة الحقيقية بين شركة التأمين والمؤمَّن له يُبنى على مفاهيم مغلوطة، كما أن مفهوم نقل الخطر لايزال غير واضح المعالم للكثيرين. فصدرت جميع القوانين والقرارات التي تنظم عمل شركات التأمين، لكن بقي المفهوم الحقيقي والصحيح لجوهر التأمين غير واضح.
فاليوم من الضروري أن يستصدر قرارات تنص على مسؤولية المؤمَّن له تجاه شركة التأمين على الأقل أسوة بالدول الأخرى التي أصدرت هذه القرارات لضبط حب الاستفادة الزائد لبعض العملاء من شركات التأمين.