أردت من مقالتي هذه أن ألعب على الكلمات قليلاُ من وحي أزمة المحروقات التي مرت منذ فترة ليست بالبعيدة فمن منا لم ينم أو لم يمارس طقوس سيران البنزين لوحده أو صحبة مع مجموعة من المقربين ومن منا لم يمارس التمارين الصباحية حوالي الساعة الخامسة صباحاً من خلال دفع (دفش) سيارته أو السيارات التي تعيقه على الدور لمضخة الوقود (دفوش حسنات قليلة بترفع بلاوي كثيرة هذه الجملة الاعتراضية بمثابة التذكير بتزامن نهاية أزمة البنزين مع شهر رمضان المبارك).
اذكر بأني في إحدى المرات انتظرت /13/ ساعة لملء /20/ لتراً من البنزين يا لها من ذكريات جميلة كنت حوالي كل ساعة أوقظ السائق الذي قبلي لتحريك سيارته (أيام وذكريات جميلة لا تنسى على مبدأ الأسى ما بينتسى) وأعود لسيارتي للإجابة على أسئلة إحدى الصحف المحلية عن أزمة المحروقات، للأمانة أجبت وقمت بعدت لقاءات صحفية وأنا على طابور الانتظار فالعبرة في إدارة الوقت.
إدارة الوقت بدأنا نتكلم بمفاهيم الإدارة إذاً اقتربنا من الحديث عن التأمين، تأمين ماذا تأمين صفيحة من البنزين أم تامين صحي أم ماذا؟ "على هذه السيرة" هل ممكن للقراء تأمين عشرين لتراً من البنزين الحر وسأكون من الشاكرين لتأمين هذه المادة الخطرة.
بدأنا بالحديث عن التأمين على مادة البنزين التي هي إحدى المشتقات النفطية إذا كفانا تلاعباً بالألفاظ ودعونا ننتظر كرم القراء لتأمين عشرين لتراً من البنزين، ماذا لو اقترحت اليوم أن تقوم كل شركات التأمين السورية بإصدار بوليصة تأمين ذات شروط محددة تعوض بها عن الوقت المهدور على دور الوقود أظن بأن النتيجة ستكون شبه إفلاس عام لشركات التأمين السورية عندها سيحلو للجميع الانتظار وهذا ما يخالف مبادئ التأمين بالتأمين على ما هو غير قابل للإثبات.
لكن أليس من الضروري التساؤل عن تأثيرات أزمات الوقود والنزاعات والتوترات الدولية الحاصلة بخصوص شحن النفط وتقلبات أسعاره على شركات التأمين بدأنا حديثنا عن المشتقات النفطية دعونا إذا نشتق من الأزمات الحلول.
قلق معلن من معظم شركات التأمين من التوترات وتأمين شحنات النفط وخاصة التي تمر من مضيق هرمز خوفاً من حصول أي طارئ قد يكبد هذه الشركات الخسائر الكبيرة ورغم ذلك لم يلحظ ارتفاع بأسعار تأمين الشحنات النفطية وهذا بشكل عام مؤشر على عدم القلق من قبل هذه الشركات من حدوث مشاكل في الإمدادات النفطية لكن ما يقلق الجميع حقاً هو تقلبات أسعار النفط لما لها أثر بدأنا نلمسه اعتباراً من انخفاض معدل النمو الاقتصادي لكثير من الدول ولزيادة معدل الدين الخارجي لبعضها الأخر وانخفاض الناتج المحلي الاجمالي وبالتالي هذا سيؤثر بدوره على نمو أعمال قطاع التأمين وإعادة التأمين.
إن تقلبات أسعار النفط ستؤثر على ميزانيات الدول وخاصة الدول المستوردة للمشتقات النفطية بشكل كامل أو جزئي، فحتى الشركات المسؤولة عن تسعير برميل النفط عدلت من طريقة تسعيرها ليصبح السعر المعلن للعلن هو سعر متضمن قيمة الشحن والتأمين فاليوم قيمة مزيج برنت المعلن في الأسواق تتضمن سعر الشحن وقيمة التأمين. لذا اتجهت معظم الدول إلى البحث عن عروض للتأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار البترول العالمية فتوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع اسعار النفط خلال العام الحالي أجبرت العديد من الدول من البحث عن عقود تأمين لأسعار المشتقات النفطية ليس على السعر المحدد لبرميل النفط في ميزانيتها بل على الأسعار المتوقعة لسنتين أو ثلاث سنوات فعقود تأمين أسعار المشتقات النفطية التي تمتد لأكثر من سنة مجدية أكثر في حال التوقع باستمرار تقلب أسعار المشتقات النفطية وحدوث الأزمات المتعلقة بالنفط وخاصة في حال وجود عجز في الميزان التجاري فارتفاع قيمة برميل النفط ستؤثر سلباً على قيمة العجز الكلي.
فالتحوط اليوم لأسعار المشتقات المالية المستوردة مطلوب ليس فقط للدول المستوردة إنما للقطاع الخاص العامل في هذا المجال لكن السؤال الذي ما زال يطرح نفسه هل تتوافر لدى شركات التأمين المحلية والعربية هذه الامكانيات للتأمين على حجم شحنات وتقلبات أسعار نفط على مستوى دول وخاصة مع تجاذبات ستظهر جميعها على شكل تقلبات بأسعار النفط ام سنبقي نبحث عن شركات تأمين دولية كبيرة تقوم بهذه المهمة نيابة عن الشركات المحلية.