تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
ضوابط أداء مبلغ التأمين

لا يتم أداء مبلغ التأمين إلا وفق أسس وضوابط محددة سواء من حيث ميعاد تنفيذه أو لمن له الحق فيه والكيفية التي يتم من خلالها تحديده .
ـــــ كيف ولمن يؤدى مبلغ  التأمين ؟

يلزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين ويصبح التزامه واجب التنفيذ  قانوناً عند وقوع الخطر أو حلول أجل العقد كقاعدة عامة .
ويؤدى مبلغ التأمين بالنقد وبالعملة المتداولة  محلياً إلا إذا كان هناك اتفاق على خلاف ذلك . ففي التأمين على الحياة يؤدى مبلغ التأمين بالنقد  دائماً بينما يجوز في تأمين الأشياء أن يكون الأداء بالنقد أو قيام المؤمن بإصلاح الضرر  عيناً بدلاً من أداء مبلغ معين .
ومثله قيام المؤمن بإصلاح واسطة النقل المتضررة والمؤمن عليها من قبله أو توليه إعادة بناء الجزء المتضرر من العقار المؤمن عليه من خطر الحريق بعد احتراقه والواقع أن المؤمن يؤدي في كلا الحالتين  مبلغاً نقدياً، ففي " التعويض العيني " يؤدي المؤمن  مبلغاً من النقود سوى أنه يؤدي هذا المبلغ للملتزم بإجراء التصليح المطلوب لا إلى المؤمن له مباشرة وبهذه الصورة فإن النتيجة واحدة بالنسبة للمؤمن وهي  أداءه لمبلغ التأمين بالنقد سواء  اشترط الأداء مباشرة إلى المؤمن له أو  اشترط إصلاح الضرر  عيناً .
وقد يتخذ أداء المؤمن  أحياناً صورة خدمات يقدمها للمؤمن له إضافة لأدائه مبلغ من النقود كما لو قدم المؤمن المشورة القضائية أو التدخل في الدعوى المقامة على المؤمن له وإدارتها بما يحفظ حقوق هذا الأخير . إلا أن الغالب هو أن التزام المؤمن يكون ذا طابع مالي .
وعلى هذا فإن الخطر والتزام المؤمن بأداء مبلغ التأمين متلازمان وليس من المتصور فصل أحدهما عن الآخر ولا يمكن  تبعاً لذلك القول بأن التزام المؤمن معلق على شرط واقف. هذا ولا بد من التنويه  إلى أن جميع الأحكام المتقدمة تخرج من حيث التطبيق عن نطاق التأمين على الأشخاص ففي هذا النمط من التأمين لا يجوز أن يكون مبلغ التأمين المحدد في الوثيقة موضوع نزاع فللمؤمن له أن يعقد تأمينه بأي مبلغ يشاء كما يجوز له أن يعقد ما يشاء من عقود لدى أكثر من مؤمن وبمبالغ مختلفة دون التقيد بحد معين فليس هناك حد أقصى للمبلغ الذي يؤمن به الشخص على حياته ما ساعد على ذلك دخله أو وضعه المالي .
ومع ذلك فأنه يجب أن يلاحظ في حالة التأمين على الحياة لحالة الوفاة الفرض التالي:  لو توفي المؤمن عليه فإن المؤمن يؤدي مبلغ التأمين  منقوصاً منه قسط  التأمين لسنة الوفاة حتى ولو وقعت الوفاة في اليوم الأول من السنة ذلك لأن المؤمن يعتبر  متعهداً بتحمل تبعة الخطر في هذه السنة وباعتبار أن الأصل في القسط استحقاقه  كاملاً في كل سنة ولو جرت تجزئته، هذا إضافة إلى أن المؤمن ملزم  أيضاً بأداء جميع المصاريف التي ينفقها المؤمن له والضرورية لأداء وتنفيذ التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين .
ولكي يمكن للمؤمن له المطالبة بأداء مبلغ التأمين والمصاريف إن وجدت  فإنه يقع عليه عبء إثبات تحقق الخطر  وأداء المصاريف وقد يثير الإثبات صعوبات في بعض صور التأمين، ففي التأمين من الإصابات يجب على المؤمن له وهو الدائن  الالتزام  بأن يثبت أن الإصابة غير متعمدة  وأنها حدثت بفعل لا دخل لإرادته  فيه .
ـــــــ تحديد مبلغ التأمين ..
يحدد مبلغ التأمين بالاتفاق بين المؤمن والمؤمن له ويلتزم المؤمن بأداء المبلغ المتفق عليه عند تحقق الخطر المؤمن منه ويتم هذا الأداء إما بطلب من المؤمن له أو أن يتخذ المؤمن المبادرة في هذا الخصوص .
ويمكن أن يحدد أداء مبلغ التأمين من قبل خبير قضائي يعين من قبل الطرفين المتعاقدين أو من قبل القضاء عند حصول خلاف بينهما . وقد يصار كذلك إلى التحكيم وذلك بمقتضى شرط التحكيم الذي اعتادت شركات التأمين أن تلحقه بصورة مستقلة بوثائقها والذي يقضي بعدم الرجوع إلى القضاء إذا حصل خلاف على تعيين مبلغ الضرر أو الخسارة. ويختلف تحديد مبلغ التأمين كالتزام يقع على عاتق المؤمن من حيث القواعد التي يقوم عليها في تأمين الأضرار  عنه في تأمين الأشخاص، ففي تأمين الأضرار  أو الأموال "الأشياء" يتم تحديد الالتزام المذكور بمقتضى قاعدتين لايمكن الاتفاق على خلافهما من جانب قيمة الشيء المؤمن عليه ومن جانب آخر مبلغ التأمين على أن لا  يتجاوز التزام المؤمن نسبة الضرر الحاصل بعد تحقق الخطر المؤمن منه.
أما في تأمين الأشخاص فإن مبلغ التأمين يعد محل التزام المؤمن كما هو  مذكور في وثيقة التأمين وعلى المؤمن  أداءه  كاملاً" غير منقوص إذا تحقق الخطر المغطى أو حل أجل العقد بغض النظر عن مقدار الضرر المتحقق، وعلى هذا فإن تحديد مبلغ التأمين يخضع في تأمين الأضرار أو التأمين على الأموال دون تأمين الأشخاص لمبدأ التعويض، فبمقتضى  قاعدة النسبية فإن المؤمن له لا يتقاضى كل قيمة الضرر الحاصل بل يقتصر حقه على نسبة تعادل مقدار ما لحق  بالشيء من هلاك أو خسارة. فبمقتضى  قاعدة النسبية فإن المؤمن له لا يتقاضى كل قيمة الضرر الحاصل بل يقتصر حقه على نسبة تعادل مقدار ما لحق  بالشيء من هلاك أو خسارة. ويقتصر  نطاق تطبيق هذه القاعدة عندما يكون مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه، أي ما يوصف بالتأمين الناقص أو التأمين البخس أما  إذا كان التأمين مغالى فيه أي عندما يكون مبلغ التأمين أكبر من قيمة الشيء المؤمن عليه فلا يصار إلى تطبيقها بل يطبق مبدأ التعويض الذي يعني من حيث المفهوم عدم جواز أن يزيد مبلغ التأمين على قيمة الضرر الذي لحق بالشيء المؤمن عليه .
هذا ولا بد من التنويه إلى أن  قاعدة النسبية لاتستند  إلى مبدأ التعويض .. صحيح أن هناك  نوعٌ من التداخل بين القاعدتين وأنه من الصعوبة تصور قاعدة النسبية دون تطبيق مبدأ التعويض.
إلا أنه ومع ذلك فإن لكل منهما أساسه القانوني المختلف فمبدأ التعويض يهدف إلى عدم جعل التأمين من الأضرار وسيلة إثراء من خلال حصول المؤمن له على مبلغ يتجاوز قيمة الشيء الحقيقية ونسبة الضرر المتحقق إضافة إلى الخشية من أن يتعمد المؤمن له تحقيق الخطر ليحصل على مبلغ التأمين  ويثرا  تبعاً" لذلك بصورة غير قانونية. بينما تقوم قاعدة النسبية على تلافي حصول المؤمن له في التأمين البخس أو الناقص على مبلغ يتجاوز ما لحق ذمته المالية من خسارة بل على مبلغ يتناسب مع مقدار هذه الخسارة. من جانب آخر فإن مبدأ التعويض يعد من النظام العام ولايجوز الاتفاق على ما يخالفه .
ــــــ جزاء الإخلال بأداء مبلغ التأمين
قد يتراخى المؤمن بعد تحقق الخطر  المؤمن منه في أداء مبلغ التأمين أو قد يمتنع عن هذا الأداء لسبب غير مقبول.
إن هذا التراخي والامتناع يرتب للمؤمن له  حقاً ثابتاً من الناحية القانونية يتمثل في المطالبة بالتنفيذ العيني الجبري وذلك من خلال الحجز على أموال المؤمن وبيعها في المزاد العلني واقتضاء مبلغ التأمين منها،  ويمكن من جانب آخر أن يطالب المؤمن له أو المستفيد بالتعويض وفق أحكام المسؤولية العقدية .
ويتمثل التعويض بالفوائد التأخيرية التي لا تستحق وفق القواعد العامة إلا من تاريخ المطالبة القضائية بيد أن المؤمن لايعد  مخلاً بالتزامه إذا حبس مبلغ التأمين بسبب عدم تحديد الأضرار والخسائر التي لحقت  بالمؤمن له ولا يجبر في هذه الحالة على أداء المبلغ أو جزء منه.