يَظن البَعض أن العمل والتجارة والإدارة لا علاقة لها بالأخلاق وان سوق التامين بعيد عن اخلاقيات المهن.
ان مهنة التأمين شأنها شأن المهن الأخرى كالطب، والمحاماة، والهندسة، والإعلام، وغيرها من المهن الإنسانية التي لديها مواثيق أخلاقية خاصة تنظم عملية الممارسة المهنية، هذا الدستور نشأ من خلال ممارسة المهنة، لذا فهو يتطور من وقت لآخر، وفقاً لعوامل عدة منها التطور والتغير الثقافي، وتطور العلوم والمعارف التي تستند عليها المهنة، وتغير مناهج وآليات الممارسة، إضافة إلى التغير في الأولويات.
الحل يتم من خلال اصدار ميثاق أخلاقي كـجزء من عملية تنظيم ذاتي، يمكن أن يجنب سوق التأمين اصدار تشريعات تحد من حرية التأمين، لذلك فان الالتزام بـفلسفة التنظيم الذاتي، واصدار ميثاق أخلاقي يمكن أن يشكل حماية لـسوق التأمين، ويواجه التهديدات بالتدخل التشريعي لـحماية بعض الحقوق المجتمعية والفردية.
حيث لو التزم سوق التأمين بأخلاقيات المهنة، فانه سيصبح من الصعب على الحكومة والأفراد والمنظمات، أن تتدخل في ممارسة المهنة.
و لكي تتطور الأخلاقيات التأمينية .. وتشكل حماية حقيقية لحقوق المجتمع والجمهور والأفراد، وتشكل أساساً لمسؤولية التأمين الاجتماعية، فان العاملين في التأمين لابد أن يشعروا أنها أيضاً تشكل حماية لهم، وحماية لقطاع التأمين ضد التدخل من قبل السلطة التشريعية والتنفيذية.
الأزمة لا يمكن حلها عن طريق زيادة تعقيد النظام القضائي! واصدار القوانين المقيدة لسوق التأمين ! ولنتمكن من حل هذه الأزمة فانه لابد من تنمية الضمير الأخلاقي، والسماح لممارسي مهنة التأمين أن يسترشدوا بمبادئ يفرضونها على أنفسهم، تكون بمثابة قانون شخصي يلتزمون بتطبيقه على أنفسهم.
ولا شك أن كل المجتمعات تحتاج الى المحافظة على مهنة التأمين لذلك فانها لابد من أن توفر لها امكانيات الحياة عن طريق التقليل الى أقصى حد ممكن، من القيود القانونية التي تقلل من مرونتها، وتعوق امكانية نموها وتطورها وقابليتها للحياة.
ولذلك لابد من البحث عن نظرية جديدة يمكن أن نطلق عليها نظرية ( الحرية.. مسؤولية )، وفي اطارها تسقط كل القيود على مرونة التأمين، وفي الوقت نفسه يلتزم العاملين في سوق التأمين طواعية واختيارياً بمسؤوليتهم، تجاه المجتمع من خلال الالتزام بمنظومة من المبادئ والقيم الأخلاقية.
ولذلك فان تطوير وتنمية المبادئ الأخلاقية في مجال التأمين، يمكن أن يشكل وسيلة للدفاع عن السوق، وفتح آفاق جديدة لتحديد وظائف سوق التأمين ومسؤوليتها تجاه المجتمع، والتزامه بقيم المجتمع، وهو ما يمكن أن يؤدي الى التوصل الى مفهوم جديد يليق بانسانية الانسان.
كما أن الميثاق الأخلاقي يمكن أن تشكل دعماً أخلاقياً للتأمين الذي يتعرض للنقد، ويشجع التعامل مع المهنة. ويمكن أن يؤدي الى الارتفاع بمعايير الأداء المهني، وتؤدي الى زيادة احساس التأمين بأنه يقوم بوظيفة له أهميته ويؤدي خدمة عامة.
ان هذا لا يعني التخلي بشكل تام عن القوانين حيث يبقى هناك حاجة دائمة لها، لكن ذلك يعني أن القوانين لابد أن تقتصر على حماية المصالح المشروعة، للمجتمع وللأفراد والتقليل من القيود القانونية على المرونة، في الوقت الذي يتاح فيه الأخلاقيات التأمينية أن تنمو وتتطور وتدخل داخل ضمائر العاملين، لكي يقوموا بدور ايجابي لصالح المجتمع، كما أن القواعد الأخلاقية يمكن أن تحل محل الكثير من النصوص القانونية المعقدة، التي لا يعرفها أكثر المواطنين ولا يستطيعون استخدامها.
ان الأخلاقيات التأمينية يجب أن ينظر اليها على أنها احدى الأدوات للمحافظة على سوق التأمين، وضمان جودة ما يقدمه من خدمات، بالاضافة الى أنها يمكن أن تكون وسائل غير مباشرة، لحصول سوق التأمين على ثقة الجمهور.
لذلك اصبح من الضروري صياغة واصدار (( ميثاق شركات التأمين )) خاص بسوق التأمين السورية، ودعوة كافة العاملين لقراءته والتوقيع عليه، وبذلك يمكن التوصل الى عملية تكامل وتوازن بين القانون والأخلاق.