تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
تعادل المنطق واللا منطق

من كثرة انتقال الأخبار بالوسائل التي لا نعرفها والتي اعتدنا عليها بدأت عملية صوغ ثقافة التأثير عبر وسائل الإعلام والانتقال من مسألة الإدراك إلى مسألة الإقناع المباشر دون العودة للمراحل الأولى من عملية التواصل والتي تتمثل بالفهم والقبول والإدراك ومن ثم الاقتناع لدرجة بات معها اعتقاد سائد لدى الأكثرية بإمكانية الاقتناع بأمور لا منطقية دون التفكير بها حتى وقبولها فقط لمجرد أنها وصلت من مصدر يعتبر إلى حد ما ذو مصداقية،  بحيث كدنا نصل لقناعة شبه ثابتة بأن كثرة عرض الأخبارتشابه إلى حد ما الدورة النقدية فكلما ازداردت سرعة عرض الأخبار كلما حملت في طياتها شكلاً من التضخم الذي يؤثر على الجميع دون تميز.

انتقلت العلوم بدورها لمحاولة التماشي مع إثبات معادلة المنطق بلا منطق فما كان من علماء الرياضيات إلا استخدام بعض المعادلات التي أثبتوا من خلالها أن 1 = 0  مما جعل المنطق الذي اعتدنا على قبوله فاقداً لمحتواه ويعادل اللامنطق فهل يعقل أن 1= 0 وبنفس الوقت 1 = 1 ففي هذه الحال يمكن لنا إثبات أي شيء كأن نقول بأن اللون الحقيقي للمياه هوأحمر.

كما أن بعض نظريات الإدارة بينت بأنه يمكن لمجموع 1 + 1 أن يساوى أكثر من اثنين وذلك من خلال التعاون بين فريق العمل أو من خلال إدخال مدخلات معينة للعملية الانتاجية والتي قد تجعل المخرجات تتزايد بطريقة ملحوظة مع توفير بالموارد اللازمة لهذه العملية.

انسحبت عملية مساواة المنطق باللا منطق على عالم الأعمال وعلى المؤمن له فأصبح المفهوم السائد بأنه يتوجب على المؤمن له الاستفادة من التأمين لأنه من غير المنطقي لدى أصحاب فكرة اللا منطق دفع قسط تأميني دون تعويض علماً بأن المنطق يقول بأن التعويض ينتج عن وقوع حادث يلحق الضرر بشكل أو بآخر بالمؤمن له أو بممتلكاته وكأن الحصول على التعويض يحتل المرتبة الأولى بدلاً من سلامة المؤمن له وسلامة ممتلكاته فهل توفر الثقافة التأمينية يتساوى مع عدم توفرها، أم هل سلامة المؤمن له وعدم تعرضه لأي مكروه وبالتالي عدم حصوله على تعويضات مقابل قسطه التأميني المسدد يجعله يفكر بأنه من غير المنطقي التفكير بالتأمين على ممتلكاته علماً بأن احتمالية وقوع أي حادث ماتزال قائمة ؟

باتت صناعة التأمين في بعض الدول تتماشى أيضاً مع فكرة تعادل المنطق مع اللامنطق بحيث طورت بعض المنتجات التأمينية لتناسب أصحاب القناعة بتعادل المنطق مع عدمه، فمثلاً سمحت لنا الفرصة بالسماع عن وثائق تأمين تباع بحيث توفر التغطية التأمينية لمن يخاف من اختطافه من سكان الفضاء.

سيادة ثقافة تساوي المنطق مع عدمه قائمة وتشكل خطراً محتملاً لكن الانطلاق من فكرة تعزيز ثقافة ترسيخ المنطق والتغلب على اللا منطق أمر مطلوب على الكل المساهمة به لنجعل من فكرة 1 + 1 = 3 تبدو منطقية للجميع.