استمتعنا بما فيه الكفاية ونحن نمضي الساعات وخاصة مع الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي ومازال البعض منا يستمتع في رمي النرد على الرقعة المعروفة بالمونوبولي ومحاولة كل اللاعبين تملك عقارات أكثر للحصول على الربح المتأتي منها قبل منافسيه الممثلين ببقية اللاعبين، وصولاً إلى تملك مجموعة من هذه العقارات ذات اللون الواحد والسعر المحدد مسبقاً للحصول على العائد المرتفع أو شراء العقارات المنفردة بغية منع سيطرة اللاعبين الآخرين على مجموعة العقارات ذات اللون الواحد أو جعلهم يستدينون من المصرف الموجود دائماً "ليس من قبيل المصادفة" لخدمة المستثمرين في أي وقت مقابل الحصول على الرهن اللازم.
لهذه الرقعة ذات المساحة التي لا تذكر تأثير كاف وظاهر على كافة أطراف اللعبة بحيث تجعلهم يشعرون بالمنافسة متجاوزين ما نطلق عليه بعلم الإدارة "الحواجز العاطفية" المتمثلة بالعلاقة التي تربط اللاعبين فيما بينهم (فقد يكون اللاعبان ربَّيْ أسرة يمضيان معاً معظم أوقاتهم أو زميليْ عمل أو دراسة)، صانعة منهم لا إرداياً منافسيْن شرسين على تراكم الربح الحدي واستخدام الرافعة المالية بالقدر المطلوب الذي استندت إليه مبادئ هذه اللعبة.
وبنظرة مستقلة تعبر عن رأي محايد، يمكن لنا تشبيه هذه الحالة من المنافسة إلى حد كبير بواقع السوق التأمينية اليوم والذي بدأ يتكامل من حيث تنوع الخدمات وكيفية تقديمها وطرق التسعير إلى أن طرقت الأزمة الحالية باب الكثير من الفاعليات الاقتصادية والتجارية وجعلتها خارجة عن نطاق التغطيات التأمينية بكافة أنواعها، كما جعلت من شركات التأمين متنافسة بطريقة مونوبولية على رقعة تتوافر بها القطاعات ذات اللون الواحد والتغطيات التأمينية المتشابهة باحثة عن الربح الحدي الممكن تحقيقه بغض النظر عن السعر الموضوع والتكاليف الإدارية والتشغيلية هادفة لمنع الشركات الأخرى المنافسة من الحصول على أي فرصة تعزز من خلالها حجم أقساطها ومتجاهلة للمخاطر التي قد تنجم عن عدم الدقة في التسعير وفي تحديد درجة الخطر الحقيقية، مشابهة بذلك قوانين لعبة المونوبلي مع فارق بسيط هو عدم توفر المصرف لدعم هذه الشركات في الوقت الذي تريد كون الأزمة قد طرقت باب المصارف أولاً قبل أن تطرق أي باب آخر.
لا يمكن أن يكتب للمونوبولية الحالية في التأمين النجاح كاستراتيجية حقيقية كونها تعتمد على الربح الحدي الذي لم يأخذ مطلقاً نسبة نمو السوق ولا نسبة التضخم ولا التركزات بالأخطار والتي قد تجعل من حجم التعثر غير مقبول وخاصة مع عدم انطباق السنة المالية على السنة التأمينية وعدم وجود معيدي تأمين مهتمين بالسوق السورية كما في السابق والبحث المستمر عن الربح الحدي كما في لعبة المونوبولي التي تعتبر كل عملية انطلاق من نقطة البداية والعودة إليها تشكل دورة كاملة من عمليات الشراء والبيع والاستدانة والسداد والخسارة والربح ومن تزايد أرباح البعض وتزايد خسائر البعض الآخر أو استعدادهم للخروج من السوق.
نخشى ازدياد سرعة دوران لعبة المونوبولي بطريقة دراماتيكية مما سيجعل من الربح الحدي غير متوفر لجميع المتنافسين ويجعل من بعض العاملين في السوق عرضة لمغادرته على الرغم من عدم ازدياد ساعات تقنين الكهرباء.