تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
فكر مرتين قبل أن تسيء التصرف

فكر مرتين قبل أن تسيء التصرف
القاعدة الأولى والأخيرة : دلل زبونك

تقول الأسطورة ياسادة يا كرام، بأن شركة مرسيدس لصناعة السيارات، بإصدارها الأول في أوائل تسعينيات القرن الماضي، اتخذت قراراً بالبدء بطرح سياراتها للاستخدام التجاري، لذا اعتمدت الإدارة العليا بشركة دايملر – بنز، كما كان اسمها حينها، على فريق من الموظفين الجدد في مجال المبيعات.  دُرب هذا الفريق البالغ حوالي /30/ فرداً بشكل ممتاز على ممارسة  كافة العمليات البيعية بأداءٍ عالٍ وتم إطلاقهم بالسوق لتحقيق الأهداف المرسومة من إدارة الشركة مع تحديد الإطار الزمني المناسب لتحقيق ما يجب تحقيقه.

 وكما هو متوقع من الاتحاد الثلاثي للتدريب الجيد مع العناصر المختارة بعناية والمنتج ذي الجودة الممتازة، أدى هذا الثلاثي إلى  تحقيق الفريق أهدافه ببيع حوالي /500/ سيارة بعد حوالي الثلاث سنوات من  إطلاقه. عندها فوجئ هذا الفريق المثابر بقرار المدير التنفيذي لشركة مرسيدس بتحويل مهامهم الوظيفية من بائعين إلى موظفي دعم العملاء وخدمة الزبائن. وبذلك تحولت مهمتهم الأساسية من بيع سيارات مرسيدس إلى تدليل ( بالمعنى الحرفي ) هؤلاء الخمسمئة زبون لأقصى درجات التدليل والعناية بهم لأقصى درجات العناية بدءاً من الاتصال الدوري بالزبائن لتذكيرهم بمواعيد الصيانة والفحص الدوري والدعم المستمر في حال وقوع حوادث، مروراً بتعزيز العلاقة الشخصية  بكل منهم، وانتهاءاً بأدق التفاصيل كمعايدتهم ومشاركتهم بأعياد ميلادهم أو الأعياد الدينية والوطنية كل حسب خصوصيته وثقافته.

في ذلك الوقت،  وجدت الشركات المنافسة بأن هذه السياسة الجديدة ستؤدي إلى القضاء على مرسيدس لتوقف عمليات بيعها وبالتالي دعمت هذه الشركات  فرق مبيعاتها بشكل أكبر، ركزت على السياسات البيعية من خلال توظيف مندوبي مبيعات أكثر، تدريبهم بشكل أفضل، رسم خطط مبيعات قصيرة وطويلة الأمد، بالإضافة إلى تزويدهم بكل الإمكانيات لتحقيق أهداف بيعية، علهم يحصلون على الحصة الحالية لشركة مرسيدس من السوق.

حصلت المفاجأة ، فخلافاً  لما توقعته هذا الشركات المنافسة وماعملت لأجله  حققت مرسيدس نجاحاً باهراً في السنوات التالية لهذا القرار الاستراتيجي تجلى بريادتها للسوق كأفضل مبيعات وأفضل منتج والأهم من ذلك أفضل خدمة ولغاية نشر هذا المقال كما أعلم وتعلمون. هذا ما كان يريده مديرهم التنفيذي حينها من تحويل /500/ زبون للشركة إلى ممثلي مبيعات للشركة دون تدريب أو عمولة أو كلفة اضافية. سيعمل هؤلاء الزبائن بالتأكيد على التسويق لمنتجات مرسيدس دون علمهم في حال الشعور بالرضى التام وهذا ما نفعله نحن يومياً من خلال التسويق ( بقصد تارة أو من غير قصد تارة أخرى ) لعشرات  المنتجات أو الأفكار أو الخدمات الراضيين عنها تمام الرضىى. وبالعكس تماماً ففي حال عدم الرضى عن خدمة ما أو مطعم أو شركة  نقوم  بقصد أو بغير قصد  بالتسويق لفكرة عدم التعامل مع هذه الشركة أو هذه الخدمة أو هذا المطعم وبالتالي رويداً رويداً ومع تكرار الشكاوي من عدة زبائن نصل لنتيجة حتمية وهي زوال هذا المنتج الخدمي أو الفكري أو حتى  المنتج المادي المحدد.

العبرة من الموضوع  تتوضح من خلال التركيز على فكرة تم اكتشافها من عشرات السنين وهي ضرورة التحول من التسويق بمفهومه المعروف لنا إلى خدمة الزبائن الحاليين لما فيها من تسويق أكبر أشمل وأعم وأقل كلفة، وهذا ما يجب على شركات التأمين بشكل خاص وجميع المؤسسات العاملة بالسوق السورية بشكل عام من الانتباه إليه والعمل وفقاً له، لأن الزبون قد يبرر أحياناً معاودة تعامله مع مؤسسة ما تعمل ببيع المنتجات المادية ذات مواصفات فيزيائية محددة وذات خدمات سيئة بأنه حصل على منتج رخيص، أو جيد من ناحية الجودة، ومن أجل هذا كله قد يحتمل الزبون بعض الخدمة السيئة من الموظفين المسؤولين مع ورود فكرة تغيير مورد هذا المنتج فور توفر المورد الأفضل خدمياً. لكن المؤسسات التي تسوق لخدمات –كالتأمين والبنوك وغيرهم -  يجب أن تتنبه تماماً لناحية خدمة الزبون، فعقد التأمين مثلاً يكتسب قيمته من الخدمات المرفقة به. فإن كانت هذه الخدمات متواضعة، وليست صادقة، وغير حقيقية، لن يجدد زبونك معك وسيسعى لأن يجعل عائلته و أصدقائه وجميع من حوله يفعلون كما فعل، وإن كانت هذه الخدمات ممتازة، عالية المستوى وفي كل الأوقات سيسعى لأن يجدد عقده معك وينصح غيره بك وبشركتك. إذ أني شخصياً أسمعها ومن عدة زبائن عندما يقول أحدهم  (( أنا أعلم بأن عقد التأمين الصحي لديكم يحتوي على تغطيات أقل أو استثناءات أكبر أو أعلى سعراً من غيركم من الشركات ولكنني أصر على التعامل معكم بسبب شعوري بأن خدماتكم أفضل وبأنكم فريق يعتمد عليه عند الحاجة.))

على كل الإدارات العليا والمتوسطة، المشرفين والموظفين أن يعوا – وخصوصاً الآن – بأن التركيز يجب أن يكون منصباً على الزبون و الزبون فقط،  وعلى أن لا نقولب منتجاتنا ضمن قوالب غير مرنة لاتلبي حاجاته ورغباته، ولا ننطلق وفقاً لمصالحنا كبائعين وإنما نفكر بأن ننطلق عند تصميم وتسويق منتجاتنا وفقاً لمصلحته كزبون، وعندها سيتحول الزبون من شخص متردد عند تجديد عقده، مشكك بمصداقية الوعود التي تطرح فقط عند التجديد، إلى شخص يسجل على مفكرته اليومية موعد التجديد ليبادر بمناقشة شروط وتعديلات عقده الجديد مع رغبة عميقة بالتجديد مع ذات المؤسسة وذات الشخص حتى وإن كانت التغطيات أقل أو القسط السنوي أعلى.

 من هنا تأتي القاعدة الذهبية في خدمة الزبائن ((فكر ملياً قبل أن تسيء التصرف )) وانطلاقاً من هذه العبارة بالذات يجب علينا أن نعيد التفكير بوسائلنا وطرقنا في الحصول على عقود جديدة وزبائن  جدد.، عندها الأولى لنا أن نهتم بقوائمنا الحالية من زبائننا وأن نعتني بهم وندفعهم  بقصد أو من غير قصد كي يبيعوا منتجاتنا ويسوقوا خدماتنا.


 

بقلم نوار البيطار

  • الشركة المتحدة للتأمين