تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
اقتصاد

توقعات صندوق النقد الدولي في النموالاقتصادي

 الدكتور علي كنعان

                                                                                               أستاذ في كلية الاقتصاد -  جامعة دمشق

تتمة- ج 4 والأخير :

صندوق النقد الدولي والدول العربية :

لقد انتسبت الدول العربية إلى الصندوق ونفذت جميع شروطه وطلباته  بهدف الحصول على المساعدات المادية أو الاستشارات الفنية لكي تنمي وتطور اقتصادياتها كما فعلت أوروبا في القرن الماضي، فهل قدم الصندوق المساعدات أو القروض أو الاستشارات؟

لقد تحققت النتائج التالية:

  1. فتحت الدول العربية أسواقها أمام السلع والمنتجات الأجنبية الأمر الذي أدى لإفلاس العديد من الشركات العربية أو انخفاض قدرتها على المنافسة أمام الشركات الاجنبية.
  2. زيادة حجم الاسثمارات الأجنبية وسيطرة الشركات متعددة الجنسيات على قرار الاستثمار الوطني، فأصبحت تحدد مجالات وتلغي مجالات أخرى  حسب خياراتها وتوجهاتها والحكومات العربية مضطرة للموافقة.
  3. أغلقت أكثر مؤسسات القطاع العام بحجة الاستثمارات الأجنبية وزاد الاستيراد من السلع التي كانت تنتج وطنياً وازداد على الأثر معدل البطالة الأمر الذي أدى لانخفاض مستوى المعيشة في هذه الدول.
  4. لم تصل المساعدات أو القروض إلى 10% من حاجات هذه الدول رغم تطبيق الوصفة والالتزام بالشروط المحددة.

 

إن هذه النتائج التي وصلت إليها اقتصاديات الدول العربية أثرت في قراراتها الوطنية وفي التنمية الاقتصادية المستقلة، وأصبحت جزءاً من المنظومة العالمية، أي لم تحقق الدول العربية ما كانت تصبو إليه (الوحده السياسة أو الوحدة الاقتصادية) كما فعلت أوروبا، وذلك بسبب تهاون الأنظمة السياسة مع توجهات العولمة وتوجهات صندوق النقد الدولي.

فالصندوق والبنك الدوليين ومنظمة  التجارة العالمية تشكل بمجموعها أركان العولمة وعلى الدول ذات التوجه الوطني أن تقيد حساباتها الاقتصادية والاجتماعية بحيث:

أ – تضع خطة اقتصادية تحقق لها الاستقلال الاقتصادي ( إستقلالية قرارها الوطني ) بهدف الوصول إلى التنمية المنشودة.

ب –أن تتكامل الدول العربية مع بعضها البعض بهدف الحد من تدهور اقتصادياتها وزيادة معدلات النمو كما فعلت دول جنوب شرق آسيا خلال العقود الماضية.

ج – أن تنسق على مستوى قطاع الصناعات الغذائية بهدف زيادة إنتاج المواد الغذائية لأن دولها تمتلك الإمكانيات اللازمة. ومن هذا المنطلق يمكن أن تحقق الاستقلالية السياسية وتبدأ في المشروعات الاقتصادية المشتركة.

 

الآثار المالية والنقدية لدول النصدوق:

يعد الصندوق من أهم المؤسسات النقدية العالمية، فهو يقدم النصح والمشورة للحكومات في مجال سعر الصرف والاصرار النقدي والمالية الحكومية، ويتدخل في الشؤون النقدية الداخلية لكل دولة بهدف الوصول إلى التوازن والاستقرار النقدي المنشود وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

لكن هذا الدور النبيل لا يخلو من بعض السياسات المبطنة وخاصة توجه اليبرالية. فالصندوق يأمر كل دولة بتحرير اقتصادها والسير في فلك العولمة سواء أكانت تسطيع أو لا تستطيع، سواء أحققت التنمية الاقتصادية أمثال كوريا وماليزيا وتركيا أو تسعى لإنجاز التنمية أمثال مصر والجزائر وتونس، ولا يفرق بين دولة غنية ودولة فقيرة فالجميع على حد سواء. وحتى تستفيد أي دولة من الصندوق عليها العمل بسياسته الليبرالية.

استناداً  لما تقدم فإنني أنصح الحكومات بأن تستفيد من الصندوق وتتعامل معه لكي تحقق التنمية المستقلة والانقتاح بآن واحد وهذا الامر يتطلب القيام بالاجراءات التالية:

  1. تفعيل دور المالية الحكومية في أكثر الدول وخاصة الدول النامية لكي تنجز خططها التنموية، وهذا اتلأمر يتطلب زيادة حجم الإنفاق العام في المراحل الأولى للانطلاقة.
  2. زيادة حجم الاستثمار في مشاريع البنية التحتية التي تعد ضرورية للاستثمار الصناعي وإقامة المشاريع الصناعية، وأيضاً للمشاريع الزراعية التي توفر الغذاء للمواطنين.
  3. ويجب على الصندوق والدول التي ظهرت فيها التحولات السياسية أن يتبادلا المشاورات للاستفادة من مساعدات الصندوق من جهة، والاستفادة من خبراته النقدية والمالية من جهة اخرى.
  4. أن يتوسط الصندوق لدى البنك الدولي للدول التي ترغب بالتنمية للحصول على القروض لإقامة مشاريع البنية التحتية كما حصل في كوريا – ماليزيا – سنغافورة – تركيا – البرازيل  والأرجنتين.
  5. تسوية الديون السيادية من خلال برامج يقدمها الصندوق للدول المدينة لمساعدتها في تسوية أوضاعها المالية، وتخفيض أسعار الفائدة، وتمديد فترة الديون بهدف المساعدة في تسديد ديونها بشروط ميسرة للدائنين.
  6. المساعدة في إصلاح الخلل في ميزانية المدفوعات لهذه الدول بهدف تحقيق الاستقرار النقدي ومن ثم الاستقرار الاقتصادي.

 

إن هذه الاجرارات المالية والنقدية والاقتصادية في جوهرها تساعد الدول التي ترغب باحداث التنمية بأن تبدأ وتنطلق وتصل إلى الأهداف بأقصر الأوقات لأن الظروف الحالية أفضل من الظروف السابقة، وأن أنظمة الإنتاج والتقانات متاحة للجميع.

 

كلمة أخيرة :

إن حركة المال والنقد العالمية وظهور أقطاب صناعية جديدة أمثال الصين واليابان والبرازيل وتركيا والمكسيك والأرجنتين والهند وجنوب إفريقيا وغيرها يشكل خير مساعد للدول التي ترغب بالانطلاق.

فالصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالميةهي أركان العولمة فمن يرغب من الحكومات بالانطلاق عليه مراعاة:

  • هذا المركب العالمي ( وتوجه الليبرالية ) والاهتمام به، ومحاولة الاندماج به
  • إعطاء الاقتصاد الوطني والمجتمع المحلي خصوصية للانطلاق، أي يجب العمل في إطارين متكاملين ( التنمية المستقلة المحلية والاندماج الاقتصادي العالمي ) بهدف الوصول إلى مستويات أفضل .

تمت