التأمين على الحياة ما هو إلا صورة من صور التأمين على الأشخاص، وظهر أول ما ظهر بوصفه نظاماً تابعاً للتأمين البحري على حياة البحارة ضد الحوادث والمخاطر البحرية. ويوفر هذا النوع من التأمين نوعاً من الضمان المالي للأفراد عند وفاة معيلهم، فغالباً ما يكون المستفيد من هذا النوع من التأمين أولاد المؤمَّن له وزوجته. وإلى جانب القواعد العامة الناظمة لعقد التأمين، خصّ المشرّع السوري التأمين على الحياة بأحكام خاصة نص عليها في المواد من 720 إلى 731 من القانون المدني، تتلخص بما يلي:
أ ـ استحقاق مبلغ التأمين على الحياة: يستحق مبلغ التأمين دونما حاجة إلى إثبات أي ضرر لحق بالمؤمَّن له أو بالمستفيد، ويلتزم المؤمِّن بدفع مبلغ التأمين إلى المؤمَّن له أو إلى المستفيد عند حلول الأجل المبين في وثيقة التأمين.
ب ـ التأمين على حياة الغير: لا يصح التأمين على حياة الغير إلا إذا وافق هذا الغير على ذلك كتابة قبل إبرام عقد التأمين، ويجب أن يكون الغير المعني بالتأمين كامل الأهلية، وإلا فلن يكون العقد صحيحاً إلا بموافقة ممن يمثله قانوناً، وكذلك تكون هذه الموافقة مطلوبة لصحة حوالة الحق في الاستفادة من مبلغ التأمين، ولصحة رهنه.
ج ـ حالة انتحار المؤمَّن على حياته: إذا انتحر الشخص المؤمَّن على حياته تبرأ ذمة المؤمِّن من التزامه بدفع مبلغ التأمين، لكنه يلتزم عندئذٍ أن يدفع لمن يؤول إليهم الحق مبلغاً يساوي قيمة احتياطي التأمين. أما إذا تم الانتحار بسبب مرض أفقد المريض إرادته، فإن التزام المؤمِّن يبقى قائماً بأكمله، وفي مثل هذه الحالة على المستفيد أن يثبت أن المؤمَّن على حياته كان وقت انتحاره فاقد الإرادة. وإذا ما اشتملت وثيقة التأمين على شرط يلزم المؤمِّن بدفع مبلغ التأمين، ولو كان انتحار الشخص عن إدراك واختيار فإن هذا الشرط لا يكون نافذاً إلا إذا وقع الانتحار بعد سنتين من تاريخ إبرام عقد التأمين.
د ـ التأمين على حياة شخص آخر غير المؤمَّن له: إذا كان التأمين على حياة شخص آخر غير المؤمَّن له، فتبرأ ذمة المؤمِّن من التزاماته في حال تسبب المؤمَّن له عمداً في وفاة ذلك الشخص، أو كانت الوفاة قد حصلت بناء على تحريض منه. وكذلك الأمر إذا كان التأمين على الحياة لمصلحة شخص آخر غير المؤمَّن له، فلا يستفيد هذا الشخص الآخر من مبلغ التأمين إذا تسبب هو عمداً في وفاة الشخص المؤمَّن على حياته، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه. أما لو كان ما وقع من هذا الشخص الآخر كان مجرد شروع في إحداث الوفاة فللمؤمَّن له في هذه الحال الحق في أن يستبدل شخصاً آخر بالمستفيد، حتى لو كان المستفيد قد قَبِل ما اشترط لمصلحته من التأمين.
هـ ـ المستفيد من مبلغ التأمين في التأمين على الحياة: أجاز المشرّع في التأمين على الحياة الاتفاق على أن يُدفع مبلغ التأمين إما إلى أشخاص معينين ابتداءً في وثيقة التأمين، وإما إلى أشخاص يعينهم المؤمَّن له فيما بعد. ويُعد التأمين معقوداً من الناحية القانونية لمصلحة مستفيدين معينين لمجرد أن يذكر المؤمَّن له في العقد أو في الوثيقة أن التأمين معقودٌ لمصلحة زوجته أو أولاده أو فروعه من ولد منهم ومن لم يولد بعد، أو لورثته من دون ذكر أسمائهم. وإذا كان التأمين لمصلحة ورثته من دون ذكر أسمائهم، كان لهؤلاء الحق في مبلغ التأمين كلٌّ بنسبة نصيبه في الميراث، ويثبـت لهم هذا الحق حتى لو تنازلوا عن حقهم في الإرث، ويقصد بالزوج الشخص الذي تثبت له هذه الصفة وقت وفاة المؤمَّن له، ويُقصد بالأولاد الفروع الذين يثبت لهم في ذلك الوقت نشوء حق الإرث.
و ـ التحلّل من عقد التأمين وتخفيض قيمته وتصفيته: من مظاهر تدخل المشرّع للتخفيف من وطأة شروط التأمين بهدف حماية الطرف الأضعف وهو المؤمَّن له؛ ما يلي:
(1)ـ التحلل من عقد التأمين: أجاز المشرّع للمؤمَّن له -الذي التزم بدفع أقساط دورية- أن يتحلل من التزامه هذا في أي وقت من العقد؛ بشرط أن يرسل إلى المؤمِّن إخطاراً كتابياً بذلك قبل انتهاء الفترة الجارية، وعندئذٍ تبرأ ذمته من الأقساط اللاحقة.
(2)ـ تخفيض قيمة التأمين: كما أجاز المشرّع للمؤمَّن له الذي دفع ثلاثة أقساط سنوية على الأقل؛ في العقود المبرمة مدى الحياة من دون اشتراط بقاء المؤمّن على قيد الحياة مـدة معينة، وفي العقود المشترط فيها دفع مبلغ التأمين بعد عدد معين مـن السنين، أن يستبدل بالوثيقة الأصلية للتأمين وثيقة مدفوعة مقابل تخفيض في قيمة مبلغ التأمين، ولو اتفق على غير ذلك، كل هذا بشرط أن يكون الحادث المؤمَّن منه محقق الوقوع، لكن في حال كان التأمين على الحياة مؤقتاً؛ فلا يكون مبلغ التأمين عندئذٍ قابلاً للتخفيض، وفي جميع الأحوال إذا خفض مبلغ التأمين فلا يجوز أن ينزل عن الحدود التي حددها القانون وفق التالي:
في العقود المبرمة مدى الحياة لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفَّض عن القيمة التي كان يستحقها المؤمَّن له فيما لو كان قد دفع ما يعادل احتياطي التأمين وقت التخفيض مخصوماً منه 1% من مبلغ التأمين الأصلي، باعتبار أن هذا المبلغ هو مقابل التأمين الذي يجب دفعه مرة واحدة في تأمين من النوع ذاته، وطبقاً لتعريفة التأمين التي كانت مرعية في عقد التأمين الأصلي.
وفي العقود المتفق فيها على دفع مبلغ التأمين بعد عدد معين من السنين لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن جزء من مبلغ التأمين الأصلي بنسبة ما دفع من أقساط.
(3)ـ تصفية التأمين: كما أجاز القانون للمؤمَّن له متى دفع ثلاثة أقساط سنوية على الأقل أن يصفي التأمين نهائياً، وذلك بشرط أن يكون الحادث المؤمَّن منه محقق الوقوع، لكن في حال كان التأمين على الحياة مؤقتاً فلا يكون عندئذٍ قابلاً للتصفية.
(4)ـ وعدَّ المشرّع شروط تخفيض التأمين وتصفيته جزءاً من الشروط العامة للتأمين، وأوجب إدراجها في وثيقة التأمين.
ط ـ آثار البيانات الخاطئة عن سن المؤمَّن له: لم يرتب المشرّع على البيانات الخاطئة أو حتى على الغلط في سن الشخص الذي عقد التأمين على حياته بطلان التأمين، لكن هذا ما لم تكن السن الحقيقية للمؤمَّن عليه تجاوزت الحد المعين الذي نصت عليه تعرفة التأمين، ففي هذه الحالة يبطل التأمين. وفيما عدا ذلك من حالات إذا ترتب على البيانات الخاطئة أو الغلط في سن الشخص الذي عقد التأمين على حياته أن القسط المتفق عليه بين الطرفين المتعاقدين أقل من القسط الذي كان يجب أداؤه وجب تخفيض مبلغ التأمين بما يتعادل مع النسبة بين القسط المتفق عليه والقسط الواجب أداؤه على أساس السن الحقيقية، أما إذا كان القسط المتفق عليه أكبر مما كان يجب دفعه على أساس السن الحقيقة للمؤمَّن على حياته وجب في هذه الحالة على المؤمِّن أن يرد من دون فوائد الزيادة التي حصل عليها، وأن يخفض الأقساط التالية إلى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية للمؤمَّن عليه.
ح ـ دعوى الحلول: في التأمين على الحياة لم يمنح المشرّع للمؤمِّن الذي دفع مبلغ التأمين حق في الحلول محل المؤمَّن له أو المستفيد في حقوقه قِبَل من تسبب في الحادث المؤمَّن منه أو قِبَل المسؤول عن هذا الحادث.