من دون الرجوع إلى التعاريف المختلفة لما تعنيه عبارة "الضمان المصرفي" والتي تتواجد بكثرة على الانترنيت وتحمل نفس المعنى، أود أن أشير إلى قضية تواجهها السوق حالياً ولكنها مازالت تعتبر محرّمة خاصة وأن الصفقات المتعلقة بالضمان المصرفي في منطقتي الشرق الأوسط والأدنى مازالت في مراحلها البدائية. وعلى عاتق من تقع مسؤولية الربحية التشغيلية؟ على البنك أم على المؤمِن؟ ومن هو الطرف الذي يجب عليه القيام بالاستثمار في السوق لتأمين النجاح؟ هل هي فعلاً عملية تصب في صالح الطرفين؟
تقليدياً، تستخدم شركة التأمين فروع البنك كقناة توزيع بديلة من أجل زيادة حصتها من أسهم السوق وذلك من خلال استهداف بيانات البنك لنتجاتها المختلفة: "السيارات، السفر وخطط التوفير". وبالمقابل يربح البنك من خلال السماح للمؤِمن باستخدام خدماته ولموظفيه بالحصول على حوافز معينة لقاء ترويجهم لتلك المنتجات.
يعتمد الأسلوب المستخدم في بيع خطوط التأمين المختلفة على طبيعة المنتج نفسه. فبالنسبة للمنتجات البسيطة ذات التعابير السهلة (كالتأمين على السيارات مثلاً)، يمكن للمؤمِن أن يصممه بطريقة تجعل ترويجه من قبل موظف البنك وحصوله بعد ذلك على الحوافز أ مراً سهلاً (غالباً ماتكون معرفة موظف البنك بصناعة التأمين ضحلة) والحوافز تكون بشكل حسم 10% على تأمين السيارات لجميع عملاء البنك بحيث يتم تحصيل قسط التأمين من حساب العميل المصرفي. ويُعرف هذا الأسلوب بالأسلوب المتكامل. وعلى كل حال، وفيما يتعلق بالمنتجات الأكثر تعقيداً (كتعويضات التقاعد وخطط الدراسة) يتم اعتماد الأسلوب غير المتكامل بحيث يقوم فريق المبيعات التابع للمؤمِن باستهداف العملاء مباشرة لأن عملية البيع تحتاج لمعرفة تقنية خاصة قد لا تتوفر لدى موظفي البنك أو يقوم هذا الفريق بإرسال رسالة غامضة للعميل لا تعطيه النتائج المرغوبة. وفي بعض الأحيان يعتمد استخدام الأسلوب المناسب على البيئة التنظيمية في البلد.
ما هو المفتاح المؤدي إلى صفقة ضمان مصرفي ناجحة؟ الجواب بسيط جداً: الشفافية. فعلى الطرفين 0البنك والمؤمِن) أن يدركا أن هذا المشروع مشترك وسيؤمن لهما ربحية إضافية. فالمزايا، غير المالية، التي سيجنيها البنك ستكون:
- زيادة في الدوافع لدى الموظفين بفضل حصولهم على الحوافز
- تدريب مجاني على المبيعات من قبل المؤمِن فيه الكثير من التشابه مع المنتجات المصرفية ذات الطبيعة المالية
- زيادة في الإنتاجية
- زيادة في الدخول إلى السوق لأن العملاء سيفتحون حسابات جديدة لمجرد الاستفادة من الخدمات التأمينية وبالتالي سيستغل موظف البنك هذه الفرصة للترويج لخدمات المصرف.
أما بالنسبة للمؤمِن فستكون المزايا غير المالية التي سيحصل عليها كما يلي:
- التنويع في المحافظ وخاصة لمنتجات الحياة التي تجلب أرباحاً أكثر بتكاليف إدارية اقل
- زيادة في حصة السوق
- بيع منتجات متعددة
- زيادة في الدخول إلى السوق وفي المصداقية
ومرة ثانية، وبغض النظر عن النواحي المالية لصفقات الضمان المصرفي فهي تحقق مزايا متكافئة وتساعد في تحقيق أهداف استراتيجية، إذن على عاتق من تقع مسؤولية النجاح؟ إنها 50/50. يجب تخصيص المولارد بالتساوي لكلا الطرفين (المالية وغير المالية) حيث أن العائد على الاستثمار سيكون نفسه لكلاهما وفي النهاية فإن الطرف الرابح الأخير هو العميل المشترك بينهما.
بالإضافة لما ذكر أعلاه، هناك "مزايا ثانوية أخرى" يمكن للطرفين االاستفادة منها بما أنهما يعملان معاً تحت مظلة الخدمات المالية:
1 - مواءمة استراتيجيات التسويق: بما أن العمليتين مندمجتين الواحدة بالأخرى، يمكن للطرفين إيجاد استراتيجية تسويقية مشتركة تساعدهما في بيع المنتجات الأخرى ( عدم استيفاء رسوم إدارية على أي قرض لشراء سيارة إذا ما تم شراء التأمين على السيارة من هذه الشركة أو تلك، أو الحصول على بوليصة تأمين مجانية على المحتويات في حال الحصول على قرض سكني من هذا البنك أو ذاك إلخ...).
2 - تجزئة السوق: يوجد لدى الطرفين أساليبه المختلفة لتجزئة السوق وذلك من أجل تحديد الأهداف الاستارتيجية، ولكن إن دمجناهما معاً ستصل الأمور إلى تحقيق دراسة متكاملة لتجزئة السوق فيما يتعلق بالخدمات المالية تساعد الطرفين في التكيف بإعداد منتجاتهما حسبما يرغبان.
3 – تطوير المنتج: بما أنه سيكون هناك مواءمة لاستراتيجيات التسويق ودراسات لتجزئة السوق ستنشأ منتجات جديدة تحقق متطلبات السوق بشكل أكثر دقة لأنه سيتم تحليل البيانات المحصلة من كلا الطرفين والحصول على معلومات لا حصر لها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية والجغرافية إلخ....
4 – تاريخ المطالبات:
يمكن للبنك أن يستفيد من تحليل المؤمِن لتاريخ المطالبات وذلك من أجل تحديد الخطوط العريضة لسياسة الائتمان وخاصة لقروض السكن والسيارات كون هذين المجالين مرهونين للبنك.
الأفكار التي ذكرت أعلاه هي خارج مجال الاتفاقيات التقليدية الخاصة بالضمان المصرفي، إلا أنها حتماً تطرح مزايا تنافسية مؤكدة أمام الطرفين لزيادة ربحيتهما من خلال عمليات جانبية تؤسس لقواعد مشتركة من أجل علاقة عمل استراتيجية.