تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
التوعية التأمينية
التأمين التكافلي ... حجم مخاطر مسيطر عليها... وحلول صالحة لمواجهة الأزمة المالية العالمية

في عالم مليء بالأزمات الاقتصادية وغير الاقتصادية، تحاول المؤسسات المالية الكبرى في العالم مدعومة من حكوماتها ومن المؤسسات الدولية إيجاد صيغ وعلاقات جديدة في النظام المالي العالمي، محجمة من طموحاتها الاقتصادية الكبيرة باتجاه محاولة استيعاب ماجرى، ومدركة في ذات الوقت أن العولمة لاتنطوي فقط على توزيع أو اقتسام المنافع، بل إن المخاطر والاضرار ستكون مشتركة وبحجم أكبر.
لقد ضربت العاصفة في قطاع البنوك والتأمين بشكل موجع، وعندما تدخلت الحكومات والبنوك المركزية لتطويق الازمة كان اهتمامها أكبر بقطاع التأمين، (إن مؤسسة تأمين واحدة ترتبط بحياة الملايين من البشر ولكن البنوك ترتبط بثرواتهم لذلك سوف نوجة جل دعمنا إلى قطاع التأمين) هذا ما قاله كبير الخبراء في مجلس الاحتياط الفيدرالي في تبريره لتوجيه معونات لقطاع التأمين في الولايات المتحدة مؤخراً خلال الازمة الراهنة.
ولكن لماذا التأمين؟
إن المفارقة تكمن في أنه من أهم وظائف التأمين الوقاء أو التحوط من المخاطر فكيف صار أن قطاع التأمين نفسه متضرراً وأصبح يحتاج إلى (تأمين)
كما نعلم إنه يوجد ثلاث أنواع أساسية للتأمين وهي التجاري والاجتماعي والتبادلي.
ويتحدث أصحاب نظرية التأمين التكافلي إن الحلول لديهم لا سيما بعد الازمة المالية العالمية
, فما هو التأمين التكافلي، حيث سنعتمد على الأساسيات المرجعية لتعريفه وتوصيفه:
التأمين التكافلي هو نظام تكافلي لا يقوم على مبدأ الربح كأساس ، بل يهدف الى تفتيت اجزاء المخاطر و توزيعها على مجموعة المشتركين ( المؤمن لهم ) عن طريق التعويض الذي يدفع الى المشترك المتضرر من مجموعة حصيلة اشتراكاتهم ، بدلا من ان يبقى الضرر على عاتق المتضرر بمفرده ، و ذلك طبقا لنظام الشركة و الشروط التي تتضمنها وثائق التامين و بما لا يتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية
وبالتالي فإن عقد التامين التكافلي هو عقد تبرع بين مجموعة من المشتركي يلتقون من خلال نظام الشركة في تعويض المشترك عن الاضرار الفعلية التي تنجم عن وقوع الخطر المؤمن عليه و ذلك وفقا لنظام الشركة و القواعد التي تتضمنها وثائق التامين ولذلك ففي شركات التأمين التكافلي يتم الفصل بين أموال المشتركين ( المؤمن لهم ) و أموال المساهمين ( الشركة ) و ذلك من خلال تخصيص حسابات منفصلة لكل منهم وفي حالة وجود عجز نتيجة النشاط التأميني فانه يتم تغطية هذا العجز عن طريق قرض حسن من راس مال الشركة ( حساب المساهمين ) على أن يتم سداد هذا القرض من الفائض التأميني المتحقق في السنوات المقبلة .
ولذلك فإن حجم المخاطر سوف يصبح مسيطراً عليه من خلال التكافل المشترك حسب الامكانيات المتوفرة لكل مساهم أو مشترك أو مؤمن.
ونتيجة للمزايا السابقة فقد تطورت صناعة التأمين التكافلي بشكل كبير حيث أن إجمالي حجم صناعة التأمين الإسلامي يبلغ حالياً نحو ملياري دولار ويتوقع أن يرتفع إلى نحو 7.5 مليارات دولار مع بداية عام 2015، وقد شهدت السنوات الماضية دخول عدد من شركات التأمين التكافلي التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، لتشكل نحو 10 في المائة من إجمالي 280 شركة للتأمين تعمل في المنطقة.
ولكن كيف يمكن لهذا النظام الجزئي أن ينعكس على مستوى الاقتصاد الوطني ويحميه من الازمات، ولعل ما أشار إليه مسؤول كبير في الحكومة السويسرية بإن النظام المالي السويسري لم يتأثر كغيره بالازمة المالية العالمية وبرر ذلك بأن نظام الضرائب في سويسرا (تكافلي) ودعا بالتالي ليكون شكل المؤسسات والنظام المالي على صيغ التكافل.

إن نظام التأمين التكافلي يوفر للنظام المالي بشكل عام قدرات عديدة:
توسيع قاعدة مساهمة الافراد في بنية النظام الاقتصادي، لوجود فئات اجتماعية كثيرة لاترغب بالتعامل مع نظام الفائدة
توظيف الفوائض بشكل اقتصادي بحيث لا يؤدي إلى حدوث آثار تضخمية بسبب زيادة الارباح، لإن عملية المرابحة النهائية تتحول إلى استثمار مشترك وفق تقييمات حقيقية غير مرتفعة بسبب ضغط الفائدة وتكلفة رأس المال
معالجة الخسائر وحالات النقص في الموارد، تكون بنظام القرض الحسن والذي يتحمل مع طالبه أشكال المخاطر المتوقعة والايرادات المأمولة، ولذلك لاتنعكس الأزمات المالية على غيرها من القطاعات بشكل تسلسلي ومدمر أحياناً، لأن الترابط يكون مبنياً على قواعد التكافل وليس على قواعد الترابح والتي تؤذي الرابح والخاسر سوية في حال الأزمة.
وأخيراً لابد للاقتصاديين من إغناء موضوع التكافل سواء في المصارف أو التأمين أو النظام الضريبي والمالي، وهذا ما سنعرضه في مقالات لاحقة، تقدو رؤية فنية علمية للتأمين التكافلي وأسسه الاقتصادية والمالية والحسابية