تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
التوعية التأمينية
الحالات السابقة على التأمين بين القبول... والرفض

كثيراً ما تواجه شركات التأمين الصحي الانتقادات من قبل جمهور المؤمَّن لهم نتيجة رفضها تغطية مطالباتهم التي تتعلق بحالات سابقة على التعاقد، فما هذه الحالات؟ ولماذا تقوم شركات التأمين برفض تغطيتها في بعض الأحيان؟

* تُعرف الحالة السابقة على التعاقد بأنها أي حالة صحية معروفة أو غير معروفة للمؤمَّن له و/أو حامل الوثيقة والتي كانت لها أعراض ظاهرة أو كانت نتيجة لإصابة أو مرض وتطلبت عملاً جراحياً و/أو معالجة دوائية، تشخيصاً طبياً أو استشارة طبية تم تقديمها قبل تاريخ انتساب المؤمَّن له.

يقوم مكتتب التأمين الصحي بدراسة التصريح الطبي (استمارة طلب التأمين) المعبأ من قبل طالب التأمين (أو المؤمَّن له) والذي يشكل أساساً لإصدار عقد التأمين وجزءاً لا يتجزأ منه ويشتمل هذا الطلب إضافة إلى المعلومات الشخصية عن المؤمَّن له مجموعة أسئلة تتعلق بصحته تبني عليها شركة التأمين قرار قبول أو رفض إصدار التغطية أو قبولها بشروط محددة حيث لا تقوم شركة التأمين بإجراء فحص طبي شامل للمؤمَّن له نظراً للتكاليف المرتفعة التي ستتحملها شركة التأمين بالنسبة لمجموع المؤمَّن لهم الكبير، ومن غير المنطقي أيضاً أن تعكس تكلفته بزيادة قسط التأمين على المؤمَّن له، ومن ثم تعتمد الشركة على أجوبة المؤمَّن له لدراسة حالته الصحية، ويمكن للمكتتب أن يطلب من المؤمَّن له تعبئة استمارات طبية إضافية متخصصة لأمراض معينة أو طلب تقارير طبية عن بعض العمليات الجراحية التي تم إجراؤها.

تحتوي استمارة طلب التأمين أيضاً على توقيع المؤمَّن له على تصريح وإقرار منه بأن المعلومات التي قام بذكرها والمتعلقة به وبأفراد عائلته مطابقة للواقع وكاملة، وهذا يعطي الحق لشركة التأمين بإلغاء الوثيقة من البداية وبرفض دفع المطالبات في حال كان هناك إدلاء بأجوبة غير صحيحة أو الإغفال عن حالات معينة تطبيقاً لمبدأ الأفصاح، كما تتضمن الاستمارة موافقة المؤمَّن له على رفع السرية الطبية باسمه وباسم أفراد عائلته لمصلحة المؤمّن ومدير النفقات الطبية ومن ثم ذلك يمكّن الشركة من الاستفسار عن حالته الصحية وطلب المعلومات من الجهات الطبية دون قيود.

يختلف اكتتاب شركة التأمين لهذه الحالات وفقاً لنوع التأمين الصحي المقدم، فبالنسبة لاكتتاب وثائق التأمين الفردي، هناك استثناء عام على المطالبات المتعلقة بحالات مرضية موجودة سابقاً ويلغى هذا الاستثناء بعد مرور فترة انتظار اثني عشر شهراً على تاريخ انتساب المؤمَّن له، أي إن شركة التأمين لا تغطي هذه الحالات في السنة الأولى للتأمين، وذلك لأنها تشكل أخطاراً أو مطالبات مؤكدة الحدوث، فالتأمين -كما نعلم- يغطي الخسائر المحتملة الحدوث التي تقع خلال فترة التأمين، قد يبدي بعض المؤمَّن لهم الذين يعانون من هذه الحالات الرغبة في دفع أقساط تأمين أعلى من الأقساط الاعتيادية لتغطية هذه الحالات، ولكن هذه الزيادة في الأقساط ستكون معادلة لقيمة المطالبات التي ستدفعها شركة التأمين لهم، ومن ثم لن تكون هناك جدوى من ذلك بالنسبة للمؤمَّن لهم.

 إذاً هناك حالات تتم تغطيتها بشكل كامل وتلقائي بعد مرور سنة على تاريخ بداية التأمين ما لم يكن المرض المذكور بالذات من ضمن الاستثناءات العامة للوثيقة.

أما الحالات السابقة على التعاقد والتي يتم استثناؤها صراحة في الشروط الخاصة؛ فإنه ليس بالضرورة أن تغطى بعد سنة، وإنما قد يمتد هذا الاستثناء إلى سنتين أو أكثر، وذلك يعتمد على شدة خطورة هذه الحالة الصحية، وبعد مرور هذه الفترة يمكن أن تقوم شركة التأمين بتغطيتها مع وضع حدود مالية سنوية معينة بالنسبة لهذه الحالة، وقد تكون هذه الحدود المالية قابلة للزيادة في السنوات اللاحقة للتأمين بناء على حالة المؤمَّن له الصحية.

في جميع الأحوال، يبقى على المشترك وعلى المؤمَّن له واجب الإفصاح والتصريح الكاملين عن حالتهما الصحية وعن حالة الأشخاص التابعين الصحية، وعن أي واقعة متعلقة بذلك سواء تم السؤال عنها من خلال الأسئلة الموجودة في طلب التأمين، أو لم يتم السؤال عنها، ومن ثم إن أي تصريح كاذب أو أي تكتم يحصل من قبل المشترك و/أو المؤمَّن له يجري اكتشافه في أي وقت من الأوقات، يبطل الوثيقة منذ تاريخ سريانها، حتى ولو كان المشترك و/أو المؤمَّن له قد استفاد من إلغاء استثناء الحالة الموجودة سابقاً بعد مرور سنة على انتسابه.

نجد أن شركات التأمين توفر تغطية محدودة لهذه الحالات، حتى ولو كان ذلك بعد مرور فترة معينة على التأمين، وذلك في حال قام المؤمَّن له بالتصريح عن هذه الحالة حيث سيتسنى للمؤمِّن دراسة هذه الحالة من الناحية الطبية والفنية قبل إصدار قراره، ولكن قد يعمد بعض المؤمَّن لهم إلى عدم التصريح عن حالتهم الطبية مع العلم بها، إما لأنهم قد لا يعيرون اهتماماً لتعبئة طلب التأمين بشكل مناسب، وإما لأنهم قد يريدون إخفاء بعض الحقائق عن شركة التأمين كي لا تقوم بتطبيق الاستثناءات، ولكنهم بهذا التصرف الخاطئ يحرمون أنفسهم من الاستفادة من تغطية هذه الحالات -وإن كان ذلك بعد فترة من بداية التأمين- ويعطون الفرصة لشركة التأمين لرفض المطالبة، وإلى إلغاء وثيقة التأمين نتيجة مخالفتهم لمبدأ الأفصاح، فكما ذكرنا سابقاً تمتلك شركة التأمين ومدير النفقات الطبية حق الاستفسار عن حالة المؤمَّن له الصحية من الجهات الطبية، ومن ثم ستكتشف فيما إذا كان المؤمَّن له قد سبق له أن تعالج نتيجة هذه الحالة وأخفى ذلك عنها.

ويجب الإشارة هنا إلى الحالات التي تكون سابقة على التعاقد، والتي لم يقم المؤمَّن له بالتصريح عنها بسبب أنه كان غير عالمٍ بها، أي لم يتعمد عدم ذكرها في طلب التأمين، في هذه الحالة تقوم شركة التأمين بتقييم هذه الحالة -كما لو أنها كانت معروفة منذ بداية التأمين لدى الطرفين- ومن ثم إما أن تُخضعها لفترة انتظار سنة، وإما ستقوم باستثناء هذه الحالة لأكثر من ذلك كما ذكرنا سابقاً.   

قد يختلف الأمر قليلاً بالنسبة لاكتتاب التأمين الصحي الجماعي، فعادة ما تكون الأمراض السابقة على التعاقد مغطاة من اليوم الأول لبداية التأمين، وغير خاضعة لفترة انتظار، كما أن بعض هذه الأمراض قد تكون مغطاة بشكل كامل، وبعضها الآخر يخضع لحدود مالية معينة بالسنة.

إن القرار في تغطية هذه الحالات هنا ووضع حدود مالية لها يعتمد في النهاية على ثلاثة عوامل رئيسية:

  1. حجم المجموعة 2- الحالة المرضية نفسها 3- عدد الحالات السابقة على التعاقد الموجودة في المجموعة كلها.

ومن ثم ليست هناك إجراءات أو قواعد ثابتة يتم تطبيقها في التأمين الجماعي، حيث إن كل مجموعة تختلف عن الأخرى في تركيبتها، وتقوم شركة التأمين بدراسة هذه المجموعات كل على حدة.

ولكن تغطية هذه الحالات السابقة على التعاقد في التأمين الجماعي لا يعفي أيضاً المؤمَّن لهم من واجب التصريح عن حالتهم الطبية، ومن ثم إن الإخفاء المتعمد لهذه الحقائق سيحرم المؤمَّن له من حقه في التغطية الفورية لحالته.

وكما أشرنا في التأمين الفردي؛ فإن الحالات السابقة على التعاقد -والتي لم تكن معروفة لدى المؤمَّن له عند بداية التأمين- ستخضع للتقييم، فإذا كانت المجموعة تتمتع بتغطية الأمراض السابقة على التعاقد لحدود مالية معينة من اليوم الأول فإنه ستتم تغطيتها وفق ذلك، أما إذا كانت المجموعة غير مؤهلة لهذه التغطية من السنة الأولى فسيتم استثناء هذه الحالة.

وفي النهاية فإن أساس العلاقة والتعامل بين شركة التأمين والمؤمَّن له يقوم على مبدأ حسن النية والثقة المتبادلة بين الطرفين، فكما على شركة التأمين أن تكون واضحة مع المؤمَّن له منذ البداية بتفاصيل شروط وثيقة التأمين واستثناءاتها؛ فعلى المؤمَّن له بالمقابل أن يدلي بجميع المعلومات المتعلقة به وخاصة أنه هو الطرف الذي يكون على علم بها، وألا يستهين بتقديم أي معلومة يكون إخفاؤها سبباً في حرمانه من التغطية.

    _________________________________________________________

*تعريف شركة Munich Health للحالات السابقة على التأمين