تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
التوعية التأمينية
شركات التأمين ووسائل الإعلام

التأمين ووسائل الإعلام صناعتان واعدتان ومهمتان ومؤثرتان في كل اقتصاد، كل منهما تقدم حلولاً لمجتمعاتنا: الأولى تؤمِّن حماية حقيقية ضد مختلف المخاطر، بينما تشكل الثانية أداة تعزيز ودعم للأولى في مجال الصورة والمعلومة، ويكمن دور مختلف وسائل الإعلام في إظهارنا بأفضل شكل وبالطريقة التي يرغب الزبائن في رؤيتها.

ونحن -كشركات تأمين- نستطيع أن ننقل عبر وسائل الإعلام الرسالة التي نريد إيصالها إلى عقول وقلوب زبائننا بشكل محدد، ونستقطب منهم الشريحة المستهدفة التي تشكل سوق التأمين.

ولكن هل "المكياج" التجميلي الذي تقدمه مختلف وسائل الإعلام كاف كوسيلة فعالة في زماننا؟ إذا تذكرنا أننا نعيش في حقبة التغيير، حيث يغدو النجاح أصعب يوماً بعد يوم، فإن الحقيقة الوحيدة الثابتة هي التغيير، فهل تكفي اليوم الصورة التي نسوّقها لمجتمعاتنا من خلال الإعلانات فحسب؟

لاشك في أن هذه الصورة مفيدة ولكن لابد من الحفاظ على المصداقية والثقة وتعزيزهما، سواء على مستوى المصداقية الشخصية، أو على مستوى الثقة بعلاقاتنا وسلوكنا. إن مفهوم شركة التأمين الجديرة بالثقة اليوم يتجاوز مستوى الثقة الشخصية إلى الثقة المؤسسية والسوقية والمصداقية الاجتماعية.

ونقصد هنا بمستوى الثقة المؤسسي انسجام الأنظمة والإجراءات والعمليات في كل شركة من شركاتنا، هل تعكس أنظمتنا وعملياتنا وإجراءاتنا النزاهة والقدرة على تحقيق النتائج المرجوة؟ سؤال صغير يحتاج إلى جواب كبير وصادق، ثانياً على مستوى ثقة السوق، هل تعكس سمعتنا الرضا الحقيقي وتغرس الولاء لشركتنا؟ سؤال مهم آخر يحتاج اليوم إلى جواب كي نستمر إلى الغد.

أخيراً وليس آخراً، هناك الثقة الاجتماعية بشركاتنا من حيث مساهماتنا تجاه المجتمع والأهالي، فلكل شركة تأمين اليوم واجب أخلاقي وأدبي ومالي تجاه المجتمع الذي تعمل معه أو من خلاله.

والسؤال هو: كيف نسهم؟ هل يكفي أن نقول للمجتمع بإعلاناتنا المختلفة إننا نحن الأفضل؟ كلا أيها السادة...

كما تعلمون جميعاً، تندرج وسائل الإعلام ضمن فقرة الركائز الأربع للتسويق، وهي للتذكير: المنتج، السعر، الترويج (هنا تقع وسائل الإعلام) والمكان.

أولاً بالنسبة للمنتج، معظمنا ينتج ويسوق منتجات متشابهة، صحيح أنها غير متطابقة، إذ قد يوجد لدى شركة معينة ميزة غير موجودة لدى الشركات الأخرى، ولكن من جهة أخرى، يمكن أن يكون لدى منافسينا أيضاً ميزات ليست لدينا، وعلى أي حال، فإن معظم شركاتنا متشابهة من حيث الهيكل والخطط، ومن ثم فإن المنتج بحد ذاته ليس هو الذي يشكل الميزة التنافسية اليوم.

أما بالنسبة للركيزة الثانية، وهي السعر (وفي حالتنا قسط التأمين)، فنحن أيضاً متشابهون دون شك، مع هامش لا يتجاوز 10-15%، ومن ثم فإن السعر أيضاً لا يكفي وحده لتحقيق التميّز.

وبالنسبة للركيزة الثالثة وهي الترويج، فإن معظم -إن لم يكن- جميع شركات التأمين تستخدم الترويج بمختلف وسائله من تغليف ودعاية وإعلان وغيرها، ولاشك في أننا جميعاً نتقن فنون التصميم، ذلك أننا نستخدم قدرات وابتكارات مختلف شركات الإعلان، ولكن هل نقنع زبائننا أننا الأفضل بهذه الطريقة؟ كلا...

بقيت لدينا الركيزة الأخيرة، وهي المكان، هنا لدينا أمر مؤكد وهو فخامة مكاتبنا، ومبانينا وبهاء ديكوراتنا، إضافة إلى الفروع العديدة التي نفتتحها في مختلف المناطق، ومع ذلك ليس هذا هو ما يشكل "القيمة المضافة الأساسية"، لاسيما إذا تذكرنا أن عدد الزبائن الذين يعرفون هذه التفاصيل أو الذين يزورون مبانينا خلال سنوات التأمين قليل، بل قليل جداً!

أمام هذه الركائز الأربع المشهورة والمكلفة والتي لا تضمن سوى الحد الأساسي من رضا الزبائن، ما الأدوات الأخرى التي يمكننا استخدامها لنقل جميع زبائننا من مستوى الرضا عن المنتج والسعر والترويج والمكان إلى مستوى الولاء للشركة؟

ما أردت التشديد عليه هو أن الركائز الأربع المذكورة أعلاه يمكن أن تشد الزبون إلينا وتحقق رضاه، لكن بناء الولاء يتطلب الاستثمار في وسائل إعلام مختلفة، وهذه الوسائل هي ما يعرف بالركيزة الخامسة، وهي مواردنا البشرية، أي موظفو البيع والعاملون في مختلف قنوات التوزيع الذين يتواصلون بشكل مباشر مع "الزبائن"، فما الذي نقوم به في هذا الشأن؟ هل نحن نستثمر فيه بشكل كاف وفعال؟

موظفو البيع هم في نهاية المطاف واجهتنا وهم –برأيي- الأساس، إنهم سفراؤنا إلى الزبائن، إنهم أفضل وسيلة إعلام نتبناها في المرحلة الحالية، فكوادر البيع هم وسائل إعلان حية مرئية ومسموعة، وهم يستطيعون بناء الميزة التنافسية أكثر من جميع العوامل الأخرى كالمنتج والسعر والترويج والمكان. هؤلاء الجنود هم القوة الحقيقية التي ترجح الكفة لمصلحتنا وتنقل الزبائن من مستوى الرضا إلى مستوى الولاء.

إن وسيلة الإعلام التي تصنع الفرق الحقيقي غير ظاهرة ولكنها شديدة القرب منا، بل إنها في الحقيقة داخل شركاتنا، أقصد إنهم موظفونا، وما لم ننظر إليهم بطريقة مختلفة وبمنظور مختلف، فإننا لن نحصل على أفضل النتائج من استثمارنا لكسب الزبائن، فلنتجرأ جميعاً على الاعتراف بهؤلاء الناس والاستثمار فيهم والحفاظ عليهم، من خلال استبقاء الكوادر المتميزة وتشجيع ميزاتهم في مجال المعرفة والموقف والمهارات والعادات، وهذا لا يتحقق إلا عبر التدريب والتطوير المستمر، وبهذه الطريقة فقط نكسب الولاء الفعلي لزبائن نستطيع أن نسميهم المؤيدين المتحمسين.