تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
قطاع التأمين تدريب

بات حول العالم استثماراً وليس  ترفاً..
هيئة التأمين أطلقت صافرة النـــــشاط
 التدريبي مبكراً، بيد أن الشركات تقاعست..؟!

        يتفق الخبراء والمهتمون على أن تدريب الكوادر وتأهليها أصبح أحد أهم ركائز ومقومات الاستثمار دوراً وأهمية، طبعاً إلى جانب رأس المال والمواد الأولية ومعدات الإنتاج، ويكاد يكون التدريب في مقدمة هذه الركائز، فهو من يؤمن استعادة ودوراناً سريعاً لدورة رأس المال، ويضمن استثماراً أمثل وجدياً للمواد الأولية، واستخداماً رشيداً وتقانياً لمعدات وأدوات الإنتاج.
        وتختلف طبيعة وشروط التدريب وفقاً لطبيعة القطاع، فالخدمات مثلاً تعتمد على قدرات ومهارات الموظف في التواصل مع العملاء والزبائن وصولاً إلى تحقيق درجات قصوى من الإقناع والرضا، الذي بات طموحاً مشروعاً لعالم الأعمال المعاصر، حيث المنافسة على أشدها، وحيث رغبات وطلبات هؤلاء العملاء والزبائن تنمو باضطراد، ألا تقول القاعدة التسويقية الشهيرة بأن الزبون دائماً على حق؟!
         وتمثل شركات التأمين في السوق المحلية أنموذجاً مهماً لشركات الخدمات التي لا بد وأن تولي عميلها العزيز مزيداً من الرعاية والاهتمام حتى تستحوذ عليه، وتضمن ولاءه لمنتجاتها وخدماتها دون غيرها، وحرصت هيئة الإشراف على التأمين –باعتبارها مظلة العمل التأميني في البلاد- منذ انطلاقاتها على تأهيل كوادر تأمينية قادرة على ترسيخ فكرة التأمين لدى الجمهور المستهدف، وتقديم منتجاتها بمهارة وحرفية بأيدٍ وطنية، ودون التنكر لأي جهد أو خبرة خارجية قدّمت وتقدّم للسوق المحلية، فمنذ عام 2010 –نسشتهد به باعتباره آخر عام يقاس عليه، فهو العام الذي سبق الأزمة الجارية في البلاد- أعلنت عن برنامج لتوسيع دائرة التدريب والتأهيل لديها، عبر صياغة خطة تدريبية جديدة تستوعب برامج أكثر تخصصاً بما يتوافق مع عمل كل شركة على حدة، كما قدمت برامجها كخطة مدروسة مستندةً إلى استبيانات الشركات نفسها، لبيان احتياجاتها وتوجهاتها في قبول البرامج، وتحديد الأولويات في الإدارات والفروع، والشيء ذاته بالنسبة لبرامج تدريب وكلاء ووسطاء التأمين ومندوبي المبيعات.
        كما سبق للهيئة أن وقعت أولى الاتفاقيات في مجال التدريب مع معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية /بي أي بي اف/ من خلال اعتماد برنامج شهادة التأمين المهنية /بي أي سي/ والمعترف به من قبل المعهد القانوني في لندن /سي أي اي/ كبرنامج تأميني موجّه ليس فقط للشركات، بل لكافة الأشخاص الراغبين بالدخول في هذا القطاع.
        وهنالك أيضاً اتفاقية تم توقيعها مع جمعية /لوما/ الكندية لاتباع دبلوم متخصص في مجال التأمين الصحي وتأمين الحياة، وقد تجاوبت جميع شركات التأمين مع البرامج الفنية التي تقوم الهيئة بالإشراف على تنظيمها من قبل شركات متخصصة في مجال التدريب والتأهيل، وذلك من خلال إعطائها الأهمية الكبيرة لتدريب موظفيها، حيث وصل عدد المشاركين ما بين القطاعين العام والخاص خلال العام نفسه  إلى (463) متدرباً منتسباً في البرامج المعتمدة من قبل الهيئة، إذ وصلت المساهمة في الخطة التدريبية الى 57 بالمئة، وحصة الشركات من البرامج التدريبية الخاصة 43 بالمئة، ذلك إضافة للبرامج المتبعة من قبل كل شركة، والمتعلقة باستراتيجية عمل الشركة محكومة بالتوسع في كوادرها وجغرافيا بفروعها.
        كما تعاونت الهيئة مع شركة شعاع الشام للتدريب والاستشارات لتنفيذ البرامج التدريبية المتخصصة في مجال التأمين، وهي..إعادة التأمين علمياً وعملياً وحسابياً                          22  مشاركاً، التحليل المالي لشركات التأمين 24، مهارات البيع والتسويق لخدمات التأمين  16، التدقيق المبني على المخاطر 24 مشاركاً.
        وإذا كان هذا هو المستوى المؤسسي من تخطيط التدريب في هذا القطاع الحيوي، فماذا عن التدريب على مستوى الشركات نفسها، وما الذي قامت به كل شركة على حدة من تدريب موظفيها وإعادة تأهيلهم، وفقاً لاحتياجاتها وتوسع فروعها وأنشطتها من جهة، ومستجدات الصناعة التأمينية من جهة أخرى، فضلاً عن الحاجة لتدريب الكوادر الجديدة التي حلت محل تلك التي تسربت بفعل تبعات الأزمة الحالية..؟ 
    بعيداً عن المجاملات والتعميم، فإن مراقبين للسوق التأمينية يرون أن الشركات لم تبذل بعد ما يتوجب عليها من نشاط تدريبي يؤهلها لأن ترقى بجودة عملها وخدماتها إلى مصاف ليس شركات التأمين العالمية، بل تلك التي في دول الجوار، والتي قطعت شوطاً مهماً في تجويد وتحسين تلك الخدمات، فبعض الشركات المحلية ما زالت، مع الأسف، تنظر إلى التدريب باعتباره نشاطاً كمالياً  ترفياً، في حين أن عالم الأعمال حول العالم بات ينظر إلى النشاط التدريبي على أنه استثمار في الموارد البشرية شأنه شأن الاستثمار في بقية قطاعات الإنتاج، لا بل أنه محدد مهم لنجاحها واستمرارها، فهل يلتفت القائمون على شركات التأمين المحلية إلى التدريب من جديد، فيحددون من خلاله ملامح وأفق نجاح أعمالهم..خاصة بعد الأضرار التي لحقت بهذا القطاع نتيجة الأزمة، والتي قدرتها دراسة أجرتها الهيئة حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري بحوالى /177/ مليون ليرة سورية.
ووفقاً للدراسة، شملت هذه الأضرار /34/ فرعاً تم تقدير أضرارها، عدا عن ثمانية فروع لم تتمكن الشركات من تقديرها، وثلاثة لم تتمكن من الوصول إليها، حيث توزعت في محافظات حمص وإدلب وديرالزور والرقة، بعضها دمر بشكل جزئي، فيما دمر البعض الآخر بشكل كلي، علما بأن الرقم التقديري لمثل هذه الأضرار كان حتى نهاية عام 2013 عند حدود /134/ مليوناً شمل /23/ فرعاً.
أحمد العمّار*
*إعلامي اقتصادي