تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
الحوكمة والتأمين

بعد المصطلح الأممي الشهير "العولمة" ذاع صيت مصطلح الأعمال ( الحوكمة ) وكما في المأسسة والخصخصة، انشغل الأكاديميون والاقتصاديون العرب بالوافد الجديد، واختلف اللغويون والمترجمون العرب في ترجمة corporate governance  وبتصرف كانت  (حوكمة الشركات) (الإدارة الرشيدة) (الحاكمية المؤسسية) (الإدارة السوية) (الحكم الصالح).
على أي حال، الحوكمة governance  هي الحكم أو الأحكام التي تخضع إليها الشركات أي الأصول والقواعد المتعلقة بإدارة الشركات وتداول أسهمها في البورصة، فحوكمة الشركات جزء لا يتجزأ من النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
أحكم الشيء: أتقنه قضى وفصل .. لذا يقال حاكم البنك المركزي governor .
ترجع حوكمة الشركات إلى الأزمات المالية وتزايد عدد المستثمرين واتساع نطاق الشركات الخاصة، وأن انهيار بعض الشركات في العالم العربي أدى بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في عام 2001 إلى وضع دراسة لآلية الحوكمة التي أصبحت فيما بعد بمثابة صمام أمان.
أول قلم عربي انبرى للحوكمة كان الإعلام المصري حيث بدأت في مصر عام 2001 بمبادرة من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وتبنتها وأطلقتها الهيئة المصرية للرقابة على التأمين.
الحوكمة في التأمين: تعني أكثر ما تعني تأمين التأمين داخل شركات التأمين وهي الخيار النافذ أمام الهيئات الرقابية.
في نيسان من العام 2007 أطلق منتدى الهيئات العربية للرقابة والإشراف على التأمين (وكان يضم في عضويته 14 دولة عربية من بينها سورية) مبادرة إقليمية لحوكمة صناعة التأمين في العالم العربي لكونها باتت تشكل عنصراً هاماً لتعزيز النجاح والإصلاح الاقتصادي والتنظيمي ، وذلك من خلال تحديث القواعد الإرشادية وتطوير السياسة العامة للتأمين التقليدي التكافلي وتقييم عمل حوكمة الشركات في أسواق التأمين لدى الدول الأعضاء.
الحوكمة في التأمين تضع حداً للتجاوزات في شركات التأمين من الأخطار الداخلية والأخطار الخارجية إلا أن أكثر ما يستلزم وما يعني شركات التأمين من الأخطار هو:
-    الطاقة الاكتتابية 
-    الاحتفاظ والتحوط
-    برنامج إعادة التأمين
-    المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية
-    حسن الإدارة المالية والاقتصادية في الأسواق 
إن إدراك شركات التأمين التزام معايير الحوكمة يؤطر الأهمية في مسؤولية الشركات على المستويات القانونية والاجتماعية والاقتصادية، وعليه فإن التزام معايير الحوكمة ضروري  جداً في مجال العمل الآني السليم في تطبيق التغيرات المنشودة للعمل ، وذلك من خلال تشخيص الأخطار والتي هي المهمة في حوكمة شركات التأمين.
إن الإدارة المؤسساتية لتشخيص الأخطار في شركات التأمين تستتبع الحوكمة في مزاولة الأعمال التأمينية وفقاً لرغبات المساهمين والمستهلكين أي حقوق الأفرقاء المعنيين، وضمن الإطار الناظم في توزيع الحقوق والموجبات وتعزيز نزاهة الشركة في المسار الاستراتيجي للأهداف في قبول الأخطار وتحقيق الأرباح.
من أهم مبادئ وقواعد حوكمة شركات التأمين:
1-    الإفصاح الكامل full disclosure  والشفافية التامة complete transparency  في إعداد الميزانيات والبيانات، وفي الأحداث الجوهرية التي تؤثر علي المركز المالي للشركة.
2-    تفعيل نظام العمليات ومعايير المحاسبة التأمينية الحديثة بما يوفر فعالية هذه النظم التي تضمن المعالجات المحاسبية السليمة وترشيدها.
3-    شروط الرقابة الداخلية internal controls  ونظم الضبط والسيطرة  لرقابة داخلية فعالة لحماية وتحصين " الأصول" وتصحيح الأخطاء قبل وقوعها وفي الوقت اللازم .
4-    الالتزام بالمتطلبات القانونية العامة والمتخصصة واتباع أفضل طرق التطبيقات best practice  لحماية حقوق الغير وحقوق المستأمنين.
5-    الاهتمام بالأساليب الفنية سواء أكانت وصفية أو كمية ونشر القوائم الفترية والسنوية من حيث الأقساط المكتتبة والتعويضات المسددة والأرباح الصافية بما يمكّن المساهمين وحملة الوثائق من متابعة أداء الشركات.
6-    وجود سياسة هيكلية للموارد البشرية للحفاظ على الأكفاء والخبراء بالشركات.
7-    تعزيز المبادئ الأخلاقية وفرض العقوبات الرادعة على المخالفات والمساءلة في الغش والتدليس وغسيل الأموال.
8-    مستوى ىداب المهنة ، بعيداً عن المضاربات العشوائية والممارسات السلبية وتكسير الأسعار وتحقيق المعادلة الاقتصادية في استمرار النمو وحماية المركز التأميني.
9-    تحسين نتائج النشاط التأميني وتطوير نظم المعلومات لا سيما الخدمة الإليكترونية المفتوحة ومتابعة التغييرات الحديثة في السوق.
10-    اعتماد المعايير الدولية الصادرة عن الجمعية الدولية لهيئة الإشراف على التأمين IAIS.
11-    منع جرائم الاحتيال FRAUD .

بالأنظمة الرادعة وبالأسس والتعليمات الصادرة عن الجميعة الدولية لأجهزة مكافحة الاحتيال والتي عالجت منذ العام 1987 آفة الاحتيال المزمنة التي تجثم على أسواق التأمين العالمية، والمطلوب في شركات التأمين ليس فقط تطبيق قواعد الحوكمة بل اعتناق فلسفتها.
في العالم العربي هناك معهد – حوكمة – تابع لمركز دبي المالي العالمي difc والذي يعد مؤسسة دولية مستقلة تسعى لتنظيم وتطوير حوكمة الشركات لا سيما في مجال التأمين، وللحوكمة في التأمين ثمار وثمار منها:
-    عدم تخطي المدراء التنفيذين للقوانين والأنظمة التأمينية.
-    الاندماج والاستحواذ بين شركات التأمين بغية الإصلاح التأميني والتنظيمي، واستمرارية العمل التأميني الناجع باستخدام الشركات لمواردها وزيادة قيمتها وتعزيز الاستقرار في الأسواق التأمينية، حيث القواعد الصحيحة في احتساب الملاءة والسيولة والاحتياطات.
-    الثواب والعقاب أو المكافأة والجزاء في تسعير التأمين للمستأمنين المستهلكين ذوي السجل النظيف أو السجل الحافل بالحوادث المشبوهة، لا سيما في تأمين السيارات. 
-    قيام شركات التأمين المتقدمة في العالم بنشر لائحة سنوية بعقود التأمين التي استحق أجلها ولم يطالب المستفيدون منها بالتعويضات لا سيما في مجال تأمينات الحياة، وذلك حرصاً على حقوق المستأمنين وكشف الحقائق التي تتيح لهم الحصول على المبالغ المستحقة بموجب بوالص التأمين.
كذلك من فوائد الحوكمة في التأمين صندوق تيلماتيك telematic: وهو عبارة عن علبة صغيرة تركب داخل السيارة وتسجل حصول الحادث الناشئ عن سلوك السائق ومدى احترامه للأنظمة والقوانين من حيث السرعة وقوة الصدمات التي تتعرض لها السيارة. وقد شجع هذا الشيئ شركات التأمين المتقدمة في العالم على أن تفرض حسومات معينة على قسط التأمين لمن يوافق على تركيب التليماتيك في سيارته لمعرفة أسباب الحادث والتزام السائق بالنظام وفن القيادة.
بالحكمة والحوكمة تزدهر صناعة التأمين وتستقر ..
علي شفا عمري
مستشار في التأمين