تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
متشائمة ام متفائلة

يعلم الجميع الشهرة التي اكتسبتها مجموعة قواعد ما يطلق عليه البرمجة اللغوية العصبية خلال الآونة الأخيرة وخصوصاً في ظل الأزمات لكون نجاح هذه القواعد يتطلب وجود بيئة غير مناسبة تتمثل بجملة من المعطيات الاقتصادية والنفسية التي تدفع الأفراد إلى حالة من عدم التفاؤل وفقدان جزء من القدرة على التركيز للوصول إلى الأهداف المخطط لهاأوالغايات المطلوبة مما يؤمن للبرمجة اللغوية العصبية كافة الشروط الخصبة للنمو.  فكل هذه العوامل مجتمعة تساعد في إطالة عمر دورة حياة ما يطلق عليه مجموعة قواعد البرمجة اللغويةالعصبية وأشدد على مصطلح "مجموعة قواعد البرمجة اللغوية العصبية" وذلك لكونه لم يتم الاعتراف لتاريخه بهذه القواعد كعلم.

لكن موضوعنا لا يتمحور حول أهمية البرمجة اللغوية العصبية من عدم أهميتها رغم أن المقدمة أشارت إلى البرمجمة اللغوية العصبية وذلك حرصاً منا على عدم إثارة جدل في موضوع خارج عن نطاق المقالة، بل الغاية المرجوة من هذه المقالة هي مدى صحة انتهاج سياسة التفاؤل من قبل بعض الشركات في الأسواق التي تعاني من الركود والأزمات الاقتصادية بدلاً من انتهاج سياسة مبنيةعلى فرضيات متشائمة. 

فهل فرضيات التفاؤل هي الأنسب أم التشاؤم أم نظرية البقاء بين بين؟.، من وجهة نظر شخصية أعتبر الاقتراب من الواقع هو الصواب في حال توفر كافة المعطيات والبيانات التي تقود إلى التخطيط السليم والتوصل لنتائج تقارب الواقع مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الانحراف عن الواقع أمر واقعي في ظل الأزمات التي تحمل بين طياتها جملة من المتغيرات التي تؤثر على سعر الصرف ومراكزالشركات المالية.

فمن صنع السيارة تبنى النظرية المتفائلة بأن القيادة هي فن يجب على الجميع ممارسته لكن من فكر بصنع حزام الأمان والأكياس الهوائية اعتمد على فرضية متشائمة تنعكس بنتيجتها على النظرية المتفائلة بمزيد من الحماية والشعور بالأمان لدى قيادة السيارة،  فالجمع بين السياستين هو نوع من التكامل والمرونة للوصول إلى نتيجة مرضية للجميع وأقرب إلى الواقع.
فتبني سياسة التفاؤل وحده في ظل أزمة اقتصادية هو نوع من المقامرة المبنية على التخطيط لعدم التخطيط، والالتزام بسياسة متشائمة سيقود إلى نوع من عدم التحفيز الذي سينعكس على العاملين في الشركة كما سينعكس على المساهمين والعملاء بالدرجة الأولى الذين لم تتحقق احتياجاتهم  نتيجة السياسة المتشائمة. وعلى العكس تماماً فستدفع السياسة المتفائلة في ظل الأزمات بمحفظة الشركة إلى استقطاب شرائح جديدة من العملاء لا تملك الشركة الخبرة الكافية بالتعامل معهم ولا تملك معلومات كافية عن تاريخهم وبالأخص إذا ما كان هؤلاء العملاء ذوو نوعية متوسطة أو غير جيدة أومن القطاعات الأخرى في الأسواق التي لم تكن مستهدفة سابقاً من قبل الشركة.

فتبني سياسة التشاؤم أوالتفاؤل سيدفع القائمين على العمل إلى التغيير في هيكلية الشركات لمقابلة متطلبات كل سياسة فإما التوسع أو الانكماش،  وإما الحفاظ على الموجود لحين مرور الأزمة الاقتصادية، وإما الرقص على الحافة بغية إشعار المنافسين بقوة الشركة وتواجدها وبقدرتها على لعب دور ريادي في الأسواق. لذا فالاندفاع نحو التفاؤل لحده الأقصى وانتظارالكون ليستجيب لهذه السياسة المتفائلة أمر لا ينطبق على عالم الأعمال بعكس ما اقتضاه كتاب "السر" الشهير ذو المبيعات الكبيرة الذي نص على أن إرسال الطاقة الإيجابية سينعكس طاقة إيجابية تعود على المرسل بمرور الزمن.

 فإسقاط هذا الكلام على الشركات لا يمكن اعتباره ولو جزئياً قابلاً للتحقق فالكثير من الشركات سقطت أمام المنافسين الأقل قدرة منها، في حين أن الكثير من رجال الأعمال تعثروا ونهضوا أسوةً  برجل الأعمال بيل غيتس أو ستيف جوبز ليدركوا أن الأمر ليس مرهوناً فقط بالطاقة للإيجابية بل بمدى إصرارك على العمل وفقاً للمعطيات المتوفرة وبمدى قدرتك على التعلم من الفشل في عالم الأعمال للاحتفال لاحقاً بالنجاح.