تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
نشأة التأمين البحري


يعتبر التأمين البحري من أقدم العمليات التأمينية التي عرفها العالم من قدم الأزل ، يعرف عنه ما يسمى بالقرض البحري ، أو القرض على السفينة والذي بدء على أيدي ممارسي العمليات في البحر الأبيض المتوسط.
عرف التأمين البحري فيما مضى بالقرض البحري، أو القرض على السفينة حيث يقوم أحد المقرضين بالإقراض على السفينة أو حمولتها أو الأثنين معاً بفائدة عالية تفوق معدلات الفائدة السائدة في العمليات التجارية الأخرى ، فإذا هلكت أو تلفت الأشياء الضامنة للقرض بسبب الأخطار البحرية يسقط حق المقرض في المطالبة بالقرض والفوائد ، وهذا يعني ان القرض وما يستحق عليه من فوائد كانت تعتبر آنذاك مقدار التعويض اللازم لتغطية الخسائر المحققة ، وإذا وصلت السفينة وما عليها من بضائع سالمة أن تتعرض لأخطار البحر وجب على المقترض رد القرض بالفائدة في هذه الحالة .
ولقد ظهرت فكرة " الخسارة العامة " أول ما ظهرت في تشريع ( رودس ) عام 916 قبل الميلاد وضرورة توزيعها على كافة منقولات السفينة من بضائع وأيضاً على ما تم التخلص منه شحنات ( ضماناً لسلامة السفينة ) وأيضاً على ذات السفينة .
غير أن الأمر لم يتوقف على فكرة القرض البحري حيث تطور العمل البحري وبروز فكرة التعاونية والتبادلية وعمليات التعويض للخسائر من أضرار البحر ، تطور أسلوب العمل التأميني وخرج من إطار القرض البحري الذي ينطوي على عمليات المقامرة والمراهنة إلى إطار التأمين في مفهومه الحالي كأسلوب وفكرة على أساس من توزيع للخطر .
ولقد ساعد في تطوير عمليات التأمين البحري وتطور أسلوب النقل بصفة عامة وزيادة المخاطر التي تتعرض لها هذه المركبات أو ما تحمله من بضائع أو أشخاص أو كليهما ، إلى جانب اتساع رقعة التعاون الدولي وازدهار عمليات التجارة الخارجية ورغبة رجال الأعمال في القيام بأعمالهم التجارية في ظل ظروف مطمئتة على الأموال والاشخاص .
أيضاً كان من أهم عوامل تطور وتقدم أسلوب العمل التأميني في المجال البحري التقدم التكنولوجي الهائل والسريع في صناعة السفن والترسانات البحرية وظهور العديد من الشاحنات المتطورة والعابرات للمحيطات والتي يطلق عليها حالياً "الشاحنات العملاقة " والسفن النووية .
ولقد كانت عملية التطور مزدوجة حيت أن إزدهار وتقدم العوامل التي تطور الأسلوب التأميني في المجال البحري من خلالها ، هذه العوامل أيضاً تقدمت وتطورت واتسعت رقعتها وزاد حجم عملياتها بأزدهاره وتطور أسلوب التأمين البحري حتى أصبح يشمل التأمين من كل أخطار البحر وكل الاشياء في حدود إستثناءات بسيطة .
أدى هذا إلى ضرورة تنظيم العمل التأميني بالتشريعات القانونية فصدرت عدة تشريعات في دول العالم من أهمها وأرسخها في هذا المجال قانون التأمين البحري الصادر عام 1906 بانكلترا والمنظم للعمل التأميني في مجال البحر من كافة جوانبه.
غير أن التطور الهائل في صناعة السفن الضخمة له جانبه السلبي لأن عمليات التعويض للخسائر تكون كبيرة جداً مما يؤدي غلى ارتفاع معدلات الخسارة مما يجعل معه ،بصفة عامة ، وجود عدم كفاية للأقساط المدفوعة مع تلك التعويضات ، هذا إلى جانب أن السفن الضخمة قد تواجه مشكلة مكوثها فترة طويلة في الموانئ دون تفريخ لشحنتها وعدم كفاية الأحواض الجافة التي تتسع لها ،  إلى جانب أن السفن الضخمة عندما تبحر في ظل أجواء بحرية سيئة فإن خطر إصابة قاع السفينة يكبر بطريقة مخيفة .
المشاكل التي تواجه التأمين البحري :
في الوقت الحالي تواجه عمليات التأمين البحري عدة مشاكل من أهمها :
1-    ارتفاع معدلاتا لخسائر : ارتفع معدل الخسائر خلال السنوات الاخيرة لدرجة أنه قد بلغ في بعض الأعوام 20% ويرجع ذلك أساساً إلى عمليات تصادم السفن وغرقها أو فقدها وخصوصاً بعد انتشار استخدام السفن العملاقة 
2-    زيادة أسعار التأمين : وكانت هذه الزيادة نتيجة ارتفاع معدلات الخسائر وعدم كفاية الأقساط المحصلة في تغطية الخسائر نظراً لاضطرار شركات التأمين في قبول أقساط منخفضة القيمة لمواجهة المنافسة الشديدة فيما بينها غير أن هذه الزيادة في أسعار التأمين دائماً ما تقابل بالمعارضة من قبل من لهم المصحلة في التأمين .
3-    مصاريف الاصلاح : نتيجة لارتفاع الأسعار عالمياً صحب ذلك ارتفاع شديد في تكاليف إصلاح السفن وخصوصاً بعد ارتفاع أسعار الأيدي العاملة المستخدمة والمواد الآولية وكل ذلك يقابل بإهمال من أصحاب السفن وزيادة أعباء شركات التأمين .
4-    مشكلة الإنقاذ : وخصوصاً بالنسبة للناقلات الضخمة والتي لا تحمل وسائل تفريغ حمولتها وصعوبة وصول وسائل الانقاذ اليها وخصوصاً من الناحية الدولية حيث توجد مشاكل دولية بخصوص السماح للمعدات الأجنبية للإنقاذ بدخوليها للمياه لبلد معين .
5-    مشكلة اندلاع النيران في السفن : دائماً ما يدمر الحريق السفينة ويأتي على كل شحناتها ، حتى الحريق الذي يدب بالآلات فإنه بتسرب إلى البضائع ، لأن وسيلة الاطفاء بثاني اكسيد الكربون سامة وقاتلة للأشخاص ، إلى جانب عدم وجود أفراد مدربين على الاطفاء مما يزيد من معدل الخسارة .
تصنيف الخسارة البحرية :
تنقسم الخسارة في التأمين البحري إلى نوعين أساسيين وهما خسارة كلية وخسارة جزئية :
1-    الخسارة الكلية : حيث تتعرض الأشياء موضوع التأمين البحري للهلاك التام أو الفناء المادي من ناحية، أو أن تعتبر هذه الأشياء خسارة كلية في اعتبار المؤمن له صاحب الشيء موضوع التأمين ، وعلى ذلك فإن الخسارة الكلية يمكن تقسيمها إلى نوعين من الخسائر ، فعلية و أخرى اعتبارية أو تقديرية على النحو التالي :
الخسارة الكلية الفعلية وهي الخسارة الكلية التي تنتج من الهلاك أو الفناء المادي للشيئ المؤمن عليه، أو إذا أصاب الشيء موضوع التأمين ضرر جعله مختلف تماماً عن صفته الأصلية كغرق السفينة أو هلاكها هلاكاً تاماً 
الخسارة الكلية التقديرية وهي خسارة كلية لا تحدث بسبب الهلاك او الفناء المادي للشيء موضوع التأمين ولكن بسبب اعتباره كذلك وتحقق خسارة كلية من وجهة النظر التجارية ، وتحدث هذه الخسارة في الحالات التالية :
-    التخلي عن الشيء المؤمن عليه وذلك بعد تحقق الخطر المؤمن من سبب ذلك حدوث خسارة كلية حتمية كما لو أصبح من الصعب وصول البضائع إلى الجهة المرسلة إليها نظراً لتحقق الخطر المرمن منه .
-    ترك السفينة بسبب إرتفاع تكاليف الإصلاح أو الانقاذ بحيث تصبح قيمة الأشياء المؤمن عليها مرتفعة كثيراً حيث أن مصاريف الإصلاح او الإنقاذ تفوق قيمة الشيء المؤمن عليه نفسه فيكون أفضل للمؤمن له الحصول على مبلغ التأمين المستحق
2-