تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
آق بيق: يعرض تجربة العقيلة في تطوير الأداء ورفع مستوى الخدمات المقدمة

نظراً لاهتمام شركة العقيلة للتأمين التكافلي بالارتقاء بمستويات الخدمة التي تقدمها لجمهور المشتركين ( المؤمّنين) تبحث الشركة بشكل دائم عن حلول إدارية وتكنولوجية تساعدها على التحسين المستمر لأدائها و خدمة زبائنها.

أعرض في هذه المساحة الصغيرة مراحل تطوير و تحديث البنية التقنية للنظم المعلوماتية التي تستعملها الشركة في عمليات التأمين و إصدار الوثائق و كافة العمليات المرتبطة بها مثل المحاسبة و إعادة التأمين، و قد أحببت أن أكتب عن هذا الموضوع لما فيه من الفائدة لكل من المشترك و المهتم و العاملين بقطاع التأمين على حد سواء.

تبدأ عملية التطوير المعلوماتي بوضع خطة عمل تشتمل على رسم سيناريو مبدئي لطريقة المعالجة بشكل واقعي و قابل للتحقيق بما في ذلك إمكانية التطبيق و على تصور للنتائج المتوقعة على عمليات التأمين، هيكلية الشركة، أدوار الإدارة الفنية و التنفيذية و إدخال المعلومات و تأثير الأنظمة الجديدة على المساهمين و حملة الوثائق و مزودي خدمات التأمين الثانويين و نخص بالذكر هنا شركات إدارة النفقات الطبية التي تتعامل مع شركات التأمين بوسائط إلكترونية و أنظمة اتصالات تعتمد بشكل أساسي على الانترنت.

لا يتوجب عادة إيجاد حلول بدون وجود مشكلة لكن الأمر هنا يختلف، المشكلة يمكن أن تكون عوائق حقيقية في مراحل الإدخال و معالجة المعلومات و أخطاء في المخرجات و هذا حله سهل و متوفر أما التي تحددها الإدارة على أنها مشاكل تتعلق بتعزيز الوضع التنافسي للشركة و الرغبة بتطوير الأداء لتحقيق الريادة و الفوز بسبق الشهرة و الأرباح فهذا يتطلب جهداً أكبر و حلولاً إبداعية تكون أحياناً غير متوفرة أو صعبة المنال لارتفاع التكلفة ما يمثل عائقاً حقيقياً أمام واضعي الخطط.

إن المنافسة في أي مجال عمل تفرض على الإدارة سلوكيات أو مسارات تحاول فيها خفض التكاليف أو التميز في الأداء من ناحية المنتج المباع أو الخدمة المقدمة ، لكن الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض فالمنافسة السعرية المفروضة بالأمر الواقع تحتم التجاوب مع معطيات السوق و تقلل من هوامش الأرباح حتى مع بذل جهود إضافية و تكون نتيجتها تأجيل خطط التطوير والتحديث أو تقليصها إلى أقل مدى ممكن.

الخطوة الأولى في الخطة الموضوعة هي تحديد الأهداف لتحديد الشكل النهائي للنظام المطلوب فالنظام الذي يحقق للشركة أهدافاً محددة كالانتقال إلى التجارة الالكترونية مثلاً يختلف عن النظام الذي تشتريه الشركة لأهداف أقرب مثل السرعة و الكفاءة و سهولة الاستعمال و تشاركية المعلومات.

ومن أجل اكتمال خطة العمل، يجب تحديد التكلفة بالإضافة لخطوات أخرى تتعلق ببيئة العمل و لتنفيذ هذه الخطوات نعتمد على دراسة و تقييم العروض الفنية و المالية المقدمة من قبل مزودي الخدمة.

إن أي دراسة للاحتياجات الأساسية لأي نظام تشمل على خمس مراحل رئيسية أو ما يسمى بـ

Life Cycle (SDLC). Systems Development

  1. فحص النظام (دراسة الجدوى)

تشتمل هذه المرحلة على دراسة الخطة المقدمة و دراسة الجدوى و أيضاً على دراسة احتياجات المستخدمين و الموارد المطلوبة إضافة إلى التكلفة و الفوائد التي سوف تجنيها الشركة من النظام و تنقسم إلى خمسة أقسام:

    1. الجدوى الوظيفية: أي مدى ملائمة النظام المقترح للاحتياجات الضرورية للشركة و نجاحه في إيجاد الحلول المناسبة و ملاءمته لحجم الشركة و انتشارها الجغرافي.
    2. الجدوى الاقتصادية: لا فائدة من نظام معلوماتي لا يحقق وفراً بالتكلفة المستقبلية للأعمال كما أن المتوقع منه تحقيق زيادة في الدخل و الأرباح.
    3. الجدوى الفنية: و هي باختصار البنية التحتية لأجهزة الكمبيوتر و المشغل  و الشبكة و البرامج يضاف إليها درجة الاعتمادية و توفر الأجهزة.
    4. الجدوى البشرية: يعتمد نجاح النظام على تفهم الموظفين المستخدمين له وعلى إزالة كافة أشكال الرفض الذي يتكون بشكل طبيعي ضد النظام الذي يختلف عما اعتادوا استعماله سابقاً، و يسري هذا الأمر على الزبائن و شركات الإعادة الخ.. كما أن الدعم و الجهد المقدمين من المدراء و رؤساء الأقسام هما عاملان أساسيان لنجاح مثل هذه المشاريع. يقتضي التنويه إلى أنه يجب اختيار اللجنة و الموظفين المسؤولين عن متابعة المشروع من بدايته إلى النهاية بشكل صحيح بناء على ديناميكيتهم و توافقهم مع الأفكار الجديدة و التواصل الناجح مع كافة الأطراف  ذات العلاقة.
    5. الجدوى القانونية: التراخيص و الملكية الفكرية و العلامات التجارية و التوافق مع قوانين الدولة في هذا النطاق هي متطلبات من الضرورة تأمينها و التأكد من سلامة أوضاعها قانونياً.
  1. تحليل النظام (المتطلبات).

يقوم محلل النظم بدراسة متعمقة لاحتياجات و إمكانيات المستخدمين النهائيين و كذلك النشاطات اليومية للعمل و المنتجات و الموارد المتوفرة بناءاً على الخبرات المتكونة من استعمال النظام السابق إن وجد. وللوصول إلى نتائج دقيقة، يعمل المحلل على دراسة الشركة و الإدارة و طلبات كلٍّ منها و الطرق المتبعة حتى الآن. تجدر الإشارة إلى ظهور عدد من محللي النظم الذين عملوا في السابق على تطوير أنظمة معلوماتية لشركات التأمين و اكتسبوا خبرات مهمة في هذا المجال التخصصي.

يعتمد التحليل بشكل كبير على معرفة ماذا يحقق النظام و المنطق المستخدم لهذه العملية و ليس الكيفية التي يقوم بها مما يساعده على فهم الخطوات اللازمة بسهولة ووضوح.

من أصعب المهام التي تقع على عاتق محلل النظم تحديد المعلومات المتعلقة بأعمال التأمين و تحديد معالجة هذه المعلومات لكل قسم من أقسام العمل بمعزل عن الأنظمة الالكترونية و البرامج الكمبيوترية.

  1. تصميم النظام:

تقع هذه الخطوة أيضاً على عاتق محلل النظم و فريق العمل التابع له الذي يضع تصميماً لكل من الأجهزة المطلوبة و البرامج المناسبة. يحتاج التصميم إلى معرفة فنية كبيرة بمجال الأنظمة و لن أخوض بتفاصيله المعقدة.

يذكر أن النظم المستخدمة لدى شركات التأمين هي من الأنظمة المتكاملة التي تجمع عدداً من الوظائف وتتكامل فيما بينها لإيجاد الحل الكلي مع العلم بأنه يمكن اختيار حلولٍ أرخص تكلفة تكون بشراء برامج وظيفية مثل برنامج للمحاسبة وآخر للتأمين على الحياة وآخر لتأمين السيارات  الخ، ثم دمجها مع بعضها البعض عن طريق برنامج وسيط يصمم خصيصاً لهذا الغرض .

كما يتوفر حالياً حل آخر باستعمال شركة التأمين لبرنامج تزوده شركات متخصصة عن طريق الإنترنت حيث تبقى ملكية البرنامج وتشغيله وصيانته مسؤولية الشركة المزودة التي تتقاضى مقابل ذلك رسوماً شهرية أو بنسبة الاستعمال أو عدد العمليات . وباللجوء لهذا الخيار الذي يسمى Application Software Alternative  يمكن تحقيق عدة فوائد منها تحقيق توفير مبلغ الاستثمار الابتدائي الذي عادة ما تكون قيمته كبيرة وتوفير كبير بالوقت الضروري للبدء بالتشغيل وأيضاً توفير كبير بالأجهزة والبنية التحتية للشبكات وصيانتها . وتكتسب هذه الطريقة الحديثة زخماً متزايداً حيث قامت عدة شركات تأمين بالأردن ولبنان والإمارات بتبنيها لكنها تحتاج إلى سرعة إنترنت عالية وتغطية منتظمة غير متوفرة حالياً في سورية .

  1. تركيب النظام:

بعد الانتهاء بنجاح من جميع الخطوات السابقة و التعاقد مع مزودي البرامج و شركات متخصصة بتنفيذ المشروع، يبدأ العمل على شراء الأجهزة و البرامج و تعديلها لكي تناسب الأعمال المناطة بها.

و من المهم هنا وضع نظام أرشفة لكل الخطوات لحفظ كافة المستندات بشكل منظم للعودة إليها وقت الحاجة و لمراجعة الخطوات في حال اكتشاف أي خطأ.

تقوم الشركة المتعاقد معها على تحويل البيانات من النظام القديم إلى الجديد و في هذه الخطوة أيضاً يتم تصحيح البيانات الخاطئة  و عمل فلترة للبيانات غير الضرورية أو غير المطلوبة للنظام و من ثم يتم بناء قاعدة بيانات جديدة أكثر تنظيماً.

نأتي الآن إلى الخطوة الأكثر جدلاً ألا وهي خطوة التركيب الفعلي للنظام . في هذه الخطوة تتأثر الشركة بكافة فروعها و جميع موظفيها بأعمال التركيب القائمة فتحدث إرباكات و تبدأ الاستفسارات بين العاملين حيث يبدأ بعضهم بالتذمر من الأعمال الجديدة التي قد توكل إليهم أو من الأوقات الإضافية التي يطلب منهم فيها البقاء لحين الانتهاء من جزء محدد من العمل.

يمكن أن يتم التركيب بعدة طرق أشهرها :

  • الطريقة المباشرة (Direct): أي أن يتم إزالة النظام القديم و تركيب النظام الجديد. هذه الطريقة هي الأسهل على الإطلاق لكنها تحدث تأثيراً على العمل الذي يتوقف كلياً لحين الانتهاء من التركيب كما أنها تحمل بعض الخطورة لأن حدوث أي خطأ في أي مرحلة  سيعني مزيداً من التوقف و تهديداً بضياع بعض الأعمال أو خسارة زبائن حاليين أو محتملين بسبب التأخر في تلبية طلباتهم أو تنفيذها بشكل خاطئ.
  • الطريقة المتوازية  ( Parallel): في هذه الطريقة يتم تركيب النظام الجديد مع المحافظة على تنفيذ الأعمال الاعتيادية على النظام القديم حتى يتم التأكد من أن المدخلات و المخرجات على النظام الجديد تسير بطريقة مرضية لجميع الأقسام و المستخدمين. تتطلب هذه الطريقة إدخال المعلومات بشكل مزدوج حتى يتم التوافق و المقارنة بين المخرجات ما يعني أعباءً إضافية على العاملين بالشركة.
  • الطريقة التجريبية (Pilot): يمكن تجريب النظام الجديد بأحد الفروع أو بأحد الأقسام و في حال النجاح يعمم التركيب على باقي الفروع و الأقسام.
  • الطريقة المرحلية (Phased): يتم تركيب النظام الجديد على مراحل لدراسة التنفيذ بشكل متأني و تفادي تعطل أو تأخير الأعمال.

 

بعد التركيب يتم فحص النظام عن كثب للتأكد من سلامة التنفيذ و التحقق من المخرجات على كافة المستويات من البرامج و الأجهزة و الأداء و السرعة و المشاكل الطارئة مع العلم أن الفحص لا يكون محصوراً بمراحل التركيب فقط بل يمتد إلى ما بعد التطوير.

ولا ننسى أن نذكر خطوة هامة جداً في هذه المرحلة ألا وهي تدريب المستخدمين. في هذه الخطوة يتم تدريب جميع مستخدمي النظام من موظفين ومدراء تدريباً يبدأ بالشرح النظري للنظام وكيفية إدخال المعلومات بشكل صحيح والتعامل مع الحالات الطارئة، وينتقل التدريب إلى الشق العملي الفعلي ويكون عادة بإدخال معلومات حقيقية أو وهمية على نظام تجريبي . يمكن أن تطول هذه المرحلة أو تقصر بناء على تجاوب المستخدمين ومديري الأقسام مع المدربين . عادة ما تنشئ الشركة المنفذة دليلاً للاستخدام يكون مرجعاً في المستقبل لكافة المستخدمين ومشرفي قسم المعلوماتية .

صيانة النظام:

تقوم الشركة المنفذة للتركيب بالتعاون مع الشركة المتعاقدة بتطبيق إستراتيجية للحد من الأخطاء وتصنف هذه الإستراتيجية في أربعة أقسام متداخلة و هي:

  • تصحيح الأخطاء التي تظهر خلال فترة التركيب.
  • تعديل الآليات و الطرق المتبعة للتركيب.
  • تعزيز النظام الجديد و تعديله بالشكل الذي يناسب الشركة و أعمالها.
  • وضع آليات تمنع حدوث أخطاء و تتنبأ بحدوثها مع ضوابط لتلافي المشاكل بأقصر وقت ممكن و منع تكرارها مستقبلاً.

 

المراجعة الشاملة:

تقوم جميع الأطراف بمراجعة شاملة للنظام الجديد للتأكد من تحقيق الأهداف المرسومة، ونعني بالمراجعة هنا الدراسة المباشرة للعمل المنجز و الدراسة الدورية للأنظمة التي عادة ما تكون موثقة بتقارير من قبل المستخدمين و مدراء الأقسام.

 

بقي أن نقول إن مشروعاً من هذا النوع يتطلب تعاوناً كاملاً من قبل الجميع و تفهماً للغرض الذي نفذ من أجله، لذا يفضل تقديم الشركة شرحاً مفصلاً لهذه الأهداف للعاملين و طلب مشاركتهم الفعلية بما يعود بالنفع على الجميع عند نجاح المشروع و بالتوازي مع ذلك شرحاً مبسطاً لأسباب التحديث و التطوير لأصحاب رأس المال و مجلس الإدارة و الحصول على دعمهم المعنوي و المادي من خلال تخصيص ميزانية كافية للمشروع.

 

بقلم نضال آق بيق

  • مدير عام شركة العقيلة للتأمين التكافلي