تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
فجأة.. أهميته طفت على السطح..!


الحكومة تولي قطاع التأمين رعاية خاصة
المستهدَف.. زيادة مساهمته في الناتج، خلق فرص عمل، تنويع قنوات الاستثمار، والبقية تأتي..

كتب أحمد العمار:
فجأة، ومن دون مقدمات، تطفو على السطح أهمية قطاع التأمين.. أهمية دفعت بها الحكومة إلى الواجهة، والتي ربما تكون قد رأت فيه قطاعاً لم يأخذ نصيبه من الرعاية، كما يجب، وهي تنطلق بذلك من إمكانات كبيرة يتمتع بها هذا القطاع، إن أُحسن استغلالها، سواء لجهة فتح وتوسيع قنوات الاستثمار أمام شركات التأمين، أم زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، أم ما يعول عليه لخلق فرص عمل جديدة تسهم نسبياً في امتصاص فائض البطالة.
هذه التنبؤات كانت واضحة من خلال طرح رئيس الحكومة المهندس عماد خميس، في اجتماع عقد مؤخراً، إذ قال: إن الحكومة عازمة على الارتقاء بقطاع التأمين، وخاصة الصحي، إلى المستوى المطلوب لتحقيق الهدف المرجو منه، وهو تقديم خدمة نوعية للموظف في القطاع الحكومي، ثم الانطلاق بهذا القطاع نحو مرحلة جديدة، فالمشكلة هي في الهيكلية الإدارية والإجراءات الروتينية والفساد، ما يتطلب وضع خطة لتعزيز التمويل، وضمان حقوق أطراف العملية التأمينية جميعاً.
الاهتمام الحكومي لم يكن وحده ما ميز ذاك الاجتماع وغيره من الاجتماعات، بل حشد الجهات المعنية بالتأمين جميعاً، إذ حضر وزيرا الصحة والمالية وهيئة الإشراف على التأمين القائمون على شركات التأمين الخاصة والعامة ونقابات الأطباء والصيادلة وشركات إدارة النفقات الطبية وغيرهم من المهتمين بتطوير هذا القطاع، الذي بات مطلوباً ومستهدفاً بالتطوير والتحديث، وإن ((غلا مهره))، بدليل الدعوة إلى تفعيل قانون التأمين الصحي للمتقاعدين، والنظر بتشميل عائلاتهم بالتأمين الصحي مستقبلاً، وضرورة إحداث بنية إدارية عليا قد تصل إلى تشكيل مجلس أعلى لهذا النوع من التأمين، ووضع التشريعات الناظمة له.
ويعد التأمين أحد أهم قطاعات الخدمات المالية حول العالم لأنه يتكامل مع الأنشطة الاقتصادية الأخرى، ويسهم في دعمها والمحافظة على استقرارها، حيث يؤثر في النشاط الاقتصادي وخاصة في الصناعة والزراعة والنقل والتجارة والعقارات، فتطور هذا القطاع بات يرتبط مع التطور الاقتصادي العام في الدولة (أي دولة).
إن ازدهار الاقتصاديات الحديثة، زاد من المخاطر التي يتعرض لها الأفراد والمجتمعات الإنسانية والممتلكات كماً ونوعاً، والتي أسهمت في تفاقم الخسائر المالية والاقتصادية، ما جعل التأمين نشاطاً اقتصادياً يقدم حلاً واقعياً ومعقولاً للحؤول دون الوقوع في تلك المخاطر، ويرفع أضرارها عن كاهل الأفراد والمنشآت على أشكالها وأنشطتها المختلفة.
ومن القضايا المهمة التي يستدعيها الحديث عن أهمية التأمين في دعم الاقتصاديات الوطنية، مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، بمعنى الحكم على قوته في هذا البلد أو ذاك عبر حجم هذه المساهمة، وزيادة معدلات التشغيل، وخلق فرص العمل سواء بشكل مباشر أم غير مباشر في القطاعات التي تتشارك وتتداخل في العملية التأمينية كماً ونوعاً.
ويعد قطاع الخدمات المالية في أي بلد من بلدان العالم محرِّكاً أساسياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وذلك بقطاعيه الأساسيين المصارف والتأمين, وتشكل مساهمة التأمين الناتج المحلي الإجمالي نسباً عالية في بعض دول العالم, كبريطانيا 16بالمئة، واليابان 10بالمئة، والولايات المتحدة الأمريكية تسعة بالمئة، وجنوب إفريقيا 15 بالمئة، أما في البلدان العربية فإن مساهمته كانت في لبنان ثلاثة بالمئة، فالمغرب 2،9 بالمئة، والإمارات 1،9 بالمئة، أما النسبة في سورية، فهي أقل من واحد بالمئة، وهي نسبة متواضعة، وإن كانت مرشحة للزيادة بنسب كبيرة خلال السنوات المقبلة مع ميل الاقتصاد الوطني للتعافي، والخروج من حالة ارتدادات الأزمة وانعكاساتها.
على الرغم من أهمية مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي، إلا أن ثمة مؤشراً آخر مهماً، وهو حسب هيئة الإشراف على التأمين, حصة الفرد من أقساط التأمين, التي كانت في سورية عام 2009 نحو 14 دولارا أمريكياً، ارتفاعاً من ستة دولارات عام 2006، من دون أن نغفل مساهمة التأمين في جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة.
ومع تزايد الحديث عن دخول الاقتصاد الوطني مرحلة إعادة الإعمار، فإن التأمين يوفر الحماية اللازمة للصناعات الوطنية، وخاصة الإستراتيجية منها, وبالشكل الذي يضمن استمرار العملية الإنتاجية من دون توقف, وهو ما تمتد آثاره إلى جوانب كثيرة اقتصادية واجتماعية, عدا التأثير الإيجابي الكبير للتأمينات ذات الطابع الاجتماعي في استقرار العاملين بالمجال الصناعي.
ويشكل التأمين أحد محركات التنمية الشاملة, وذلك من خلال استثمار رساميل شركات التأمين والاحتياطات الفنية التي تمتلكها هذه الشركات في قنوات استثمارية كالصناعة والزراعة والخدمات والتكنولوجيا والاتصالات والطاقة والإنتاج السينمائي والتلفزيوني وغيرها.. علماً بأن رساميل شركات التأمين تبلغ نحو 15 مليار ليرة سورية، واحتياطياتها الفنية نحو 10 مليارات.
ولا يفوتنا، ونحن نتحدث عن أهمية هذا القطاع، أن نتكلم عن مساهمته في خلق فرص عمل جديدة كمية ونوعية, ووفقاً لمؤشرات القطاع، فإن عدد عمالته حالياً تصل إلى أربعة آلاف عامل ومقدم خدمة تأمينية موزعة على ثلاث عشرة شركة تأمين, وفي الاتحاد السوري لشركات التأمين.