الهيئة تخطط لرفع حصته لتصبح نصف إجمالي الأقساط
هل يصبح التأمين الصغير حصان السوق الجامح؟!
شركات أخذت تبدي اهتماماً تسويقياً بأنواع محددة من التأمينات الصغيرة
رفع رساميل الشركات وتقييم أصولها يسمحان بتقييم ملاءتها المالية
بقلم : أحمد العمار
على الرغم مما تحقق من نجاحات في سوق التأمين خلال السنوات التي أعقبت عام 2006، أي عام افتتاح السوق أمام الشركات الخاصة، إلا أنه مازال هناك الكثير مما يمكن إنجازه والعمل عليه في هذه السوق الحيوية بامتياز، ولاسيما ما يتعلق بتطوير قاعدة المنتجات، وفي هذا السياق كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التأمينات الصغيرة، أو ما يعرف بـmicro insurance سواء على المستوى الرسمي أم الشعبي.
ومؤخراً، شجعت هيئة الإشراف على التأمين طرح منتجات التأمينات الصغيرة، التي تستهدف شريحة واسعة من المجتمع، وتتناسب مع ذوي الدخل المحدود، إذ تنبع أهمية وجود هذه الأنواع من التأمينات من تدني القوة الشرائية لشرائح واسعة من المجتمع، ما يستدعي طرح منتجات جديدة تتناسب مع مستوى الدخل بأقساط صغيرة تلبي احتياجات السوق، حيث أظهرت تداعيات الأزمة وظروف الحرب حاجة ماسة لمثل هذه التأمينات، ولكن هل الموضوع بهذه البساطة، وكيف يمكن تقنينه وترشيد الممارسة فيه؟
بيئة تشريعية
تتطلّب التأمينات الصغيرة دراسة اكتوارية وبيئة تشريعية وقانونية تعمل الهيئة على تشريعها، إضافة إلى العمل على إعفائها من الرسوم المفروضة على عقود التأمين التي قد تعوق تنفيذها، إذ يتساوى الرسم مع القسط من الناحية المالية، حسبما يرى المدير العام للهيئة سامر العش، الذي يعتقد أن طرح هذه الأنواع التأمينية يتماشى مع توجهات مصرف سورية المركزي فيما يتعلق بالدفع الالكتروني، الذي سيتم عبر جهة عامة كالاتحاد السوري للتأمين، أو الهيئة عن طريق الهاتف الخلوي أو الحاسب المحمول.
ويوضح العش أن الهيئة تبحث في مواكبة المشهد الاقتصادي الجديد عبر تأمين احتياجات ومتطلبات مرحلة إعادة الإعمار، وخاصة مع تراجع محفظة عديد المنتجات التأمينية كتوقف استيراد المركبات، ما يعني أن الحديث عن التأمينات الصغيرة يقتضي أن يكون القسط الشهري مخفضاً ومتاحاً لأكبر وأوسع الشرائح الاجتماعية، كأن يكون بحدود 500 ليرة سورية، وألا يتجاوز الألف، مبيناً أن الجانب المهم إنما يتمثل في إيجاد تشريع جديد يسمح بإزالة الرسوم عن مثل هذه التأمينات، وخاصة رسم الطابع الذي هو بقيمة 500 ليرة شهرياً، فمن غير المنطقي أن تكون قيمة رسم الطابع تساوي قيمة القسط الشهري.
تأمين المشاريع الصغيرة
يتوقع مراقبون وباحثون أن تفضي مرحلة إعادة الإعمار إلى تنويع المشاريع من حيث الحجم والأنشطة، وهذا يفرض أن يسعى القائمون على قطاع التأمين إلى تحديد المشاريع الأنسب لتسويق المنتجات التأمينية عليها، وهنا تظهر أهمية التأمينات الصغيرة، ويشير الرئيس التنفيذي لشركة «إيمبا» لإدارة النفقات الطبية مروان مطره جي إلى أنه لابد من زيادة تفعيل هذه التأمينات، حيث يتمتع التأمين الصغير بطابع الاستثمار للمشروع المؤمَّن له، وهو تأمين مهم يناسب الكثير من أصحاب المشاريع الصغيرة، وخاصة المشاريع الزراعية البسيطة، كتربية الثروة الحيوانية والمشاريع الحرفية والصناعات اليدوية وغيرها.. وأن وكيل التأمين يمكن أن يسهم في مساعدة المؤمِّن عبر شرح تفاصيل العقود واختيار الأكثر ملاءمة للمشروع.
ومازالت ثقافة التأمين، وفقاً لمطره جي، ضعيفة لدى شرائح واسعة في المجتمع، على الرغم من أن التأمين تحول إلى جزء من الحياة العامة، ورافعة مهمة في دعم الاقتصاد وتطويره وتسهيل وتسريع وتيرة الاستثمارات، وسيكون مطلوباً من قطاع التأمين، خلال المرحلة المقبلة، مضاعفة عمله وحضوره في السوق المحلية، وتطوير منتجاته بما يتلاءم مع متطلبات واحتياجات المشاريع والاستثمارات.
نشاط تسويقي
على الرغم من أن حجم سوق التأمين المحلية مازال دون الطموحات، إلا أن الهيئة تتوقع أن يشهد قفزات نوعية خلال العام الجاري، حيث بدأت بعض الشركات نشاطاً تسويقياً لا بأس به، بعد أن توقف لديها مثل هذا النشاط كلياً خلال السنوات الفائتة، وسبق للعش أن أعلن نية أربع شركات إقليمية دخول السوق المحلية والعمل فيها، موزعة على شركتي تأمين، وواحدة للوساطة في إعادة التأمين، وأخرى في وساطة التأمين، موضحاً أن مثل هذه الشركات مازالت غير متوافرة في السوق، وأن إحداثها يحتاج إلى قرار من الهيئة، التي تخطط، من خلال النهوض بالتأمين الصغير، لرفع حصته لتصل إلى نصف أقساط القطاع بمختلف فروعه. علماً بأنه يكاد يكون معدوماً في السوق المحلية، باستثناء نشاط بعض الشركات في طرح برامج خاصة بها وهي محدودة جداً.
ولم يعطِ مدير التسويق والعلاقات العامة في الشركة السورية الوطنية للتأمين أبيك كولويان أي نسب أو مؤشرات عن حصة التأمين الصغير من إجمالي السوق، مؤكداً إنه ليس هناك أي معلومات دقيقة، وإن وجدت فهي ضئيلة جداً، وإنه يغطي قطاعات الصحة والأصول والزراعة وحالات الوفاة، والتأمين الصحي داخل المشفى، وللأمراض المستعصية كالسرطان أو أمراض القلب، التي تتطلب مبالغ كبيرة للعلاج، والتأمين الدراسي للأبناء بعد فقد المعيل لضمان مستقبلهم العلمي، وتأمين الهواتف المحمولة والحوادث الشخصية التي تتميز بأقساط سنوية بسيطة لا تشكل عبئاً على دخل المؤمِّن.
وكانت الهيئة أنجزت مؤخراً التعديلات المطلوبة حول قانون التأمين الجديد ورفعها إلى وزارة المالية، حيث تهدف لمنح المرونة الكافية لقطاع التأمين، بما يسمح له بتجديد وتوسيع الخدمات المقدمة، وخاصة لجهة رأسمال الشركات بما يتلاءم مع التذبذبات الحاصلة في أسعار الصرف، حيث يتراوح رأسمالها حالياً بين 850 مليوناً إلى ملياري ليرة، على أن يتم تقييم الأصول الثابتة لهذه الشركات وخاصة العقارات المملوكة لها، ما يسمح بتقييم أفضل لملاءتها المالية.