تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
المبادئ القانونية لعقد التأمين

 

يتصف عقد التأمين بأنه: 1.عقد رضائي 2. عقد ملزم للجانبين 3. عقد معاوضة 4. عقد احتمالي (عقد غرر) 5. عقد زمني 6. عقد إذعان 7. عقد من عقود حسن النية القصوى.

العقد الرضائي:
هو عقد يكفي في انعقاده تراضي المتعاقدين، أي اقتران الإيجاب بالقبول. في هذا العقد التراضي هو الذي يكوّن العقد. ولكن لا يمنع العقد الرضائي أن يُشترط في إثباته شكل مخصوص. وفي هذا الصدد ينبغي التمييز بين وجود العقد وطريقة إثباته. فإذا كان العقد يكفي لانعقاده رضاء المتعاقدين كان العقد رضائياً، حتى لو اشترط القانون لإثباته كتابة.
وعلى ذلك فإن الأصل في العقود أن تكون رضائية ما لم ينص المشرِّع صراحة على خلاف ذلك، والتأمين من هذه العقود الرضائية، حيث ينعقد العقد بمجرد توافق الإيجاب والقبول، إلا أنه يلزم أن تحويه وثيقة تأمين للإثبات.

عقد ملزم للجانبين:
هو العقد الذي ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين، والظاهرة الجوهرية في هذا النوع من العقود هو التقابل القائم بين التزامات أحد الطرفين والتزامات الطرف الآخر.
وفي عقد التأمين يكون كل طرف ملتزماً تجاه الطرف الآخر بسبب الالتزام المقابل للطرف الثاني، والالتزامان الرئيسان المتقابلان هما التزام المؤمَّن له بدفع القسط، وهو التزام محقق، في حين يكون التزام المؤمِّن بدفع مبلغ التأمين التزاماً احتمالياً، وفي الأحوال التي لا يدفع فيها المؤمِّن مبلغاً ينصرف معنى التزامه بتعهده بتقديم الضمان إلى المؤمَّن له طوال فترة التعاقد، إلا أن الصفة الاحتمالية بدفع مبلغ التأمين تنتفي وتصبح التزاماً مؤكداً، وذلك في التأمين على الحياة من خطر الموت الذي يكون مرتبطاً بحادث محقق الوقوع وهو الوفاة.

عقد معاوضة:
يُقصد به أن يأخذ مقابلاً لما أعطى، فالمؤمَّن له يدفع قسط التأمين، ويحصل مقابل ذلك على الضمان والحماية التأمينية من عواقب تحقق خطر معين خلال مدة عقد التأمين. وكذلك فإن المؤمِّن يأخذ قسط التأمين مقابل تعهده بدفع مبلغ التأمين في حالة حصول الواقعة المؤمَّن لها. ملتزماً بأي شيء نحو المؤمَّن له.
وقد يبدو للوهلة الأولى أن المؤمَّن له يدفع قسط التأمين، ولكنه قد لا يعوَّض بالمقابل في حالة عدم وقوع الخطر، والصحيح غير ذلك، حيث إن المقابل الذي يقدمه المؤمِّن هو ليس مبلغ التأمين بحد ذاته، وإنما تحمل المؤمِّن لهذه التبعية ثابت في الحالتين.

عقد احتمالي (عقد غرر):
يعد العقد احتمالياً في حالة يكون فيها أي من الطرفين أو أحدهما غير عارف مقدار ما يأخذ ومقدار ما يعطي عند إبرام العقد. ويتحقق هذا الشأن في مدى كسب أو مدى الخسارة في المستقبل عند تحقق أمر معين لا يكون معلوماً وقت حصوله أو غير محقق في ذاته.
وإذا نظرنا إلى عقد التأمين في النظرة الأولى، نجد أن المؤمِّن لا يعرف مقدار ما يأخذ ولا مقدار ما يعطي، حيث إن ذلك مرهون بوقوع أو عدم وقوع الحادث المؤمَّن منه. وبالمقابل نجد أن المؤمَّن له يكون غير عالم بمقدار ما يأخذ، وهو أمر متوقف على وقوع الكارثة المؤمَّن منها من عدمه. ولكن هل هذا هو الحال من الناحية الفنية؟ إن الجانب الفني يختلف تماماً عن الجانب القانوني الذي ورد تفصيله سلفاً؛ حيث إن هذا الشأن بالنسبة إلى المؤمِّن لا يرتبط بالمؤمَّن له بشكل منفرد، بل يتعدى ذلك إلى مجموع جمهور المؤمَّن لهم، فالمؤمِّن وفقاً لقوانين الإحصاء، واستناداً إلى الخبرة السابقة عن خطر المؤمَّن منه لا يكون عنده الأمر احتمالياً، حيث إنه تتوافر له دراسات تبين مقدار الخسائر الكلية بشكل تقريبي والتي تتحقق خلال فترة محددة نتيجة خطر مؤمَّن منه، فهو يوزع هذه الخسائر التي تصيب مجموعة محددة من المؤمَّن لهم على جميع جمهور المؤمَّن لهم لغرض تشتيتها وتجزئتها لتكون صغيرة في حجمها، بشكل يستطيع الفرد الواحد من كامل المجموع أن يتحمل هذا العبء الصغير، إذن إن المؤمِّن كان يعرف على مستوى جميع الجمهور المؤمَّن لهم مقدار الخسارة المتوقعة بشكل تقريبي، ولكن يبقى الشأن احتمالياً إزاء الفرد الواحد من ذلك الصنف من جمهور المؤمَّن لهم، حيث لا يعرف إن كان هو الذي سيتعرض إلى الخسارة، فيقوم المؤمِّن بتعويضه بدفع مبلغ التأمين، أو يكون الحادث سيتحقق لدى فرد آخر من ذلك المجتمع.
أما المؤمَّن له، فالأمر لا يكون كذلك بالنسبة إلى مجموع المؤمَّن لهم، حيث تكون الخسائر مدروسة. وفقاً لقوانين الإحصاء لصنف معين من الأخطار ضمن فترة زمنية محددة، لأن مقدار الخسائر تظهرها الإحصاءات والخبرة السابقة عن ذلك الخطر ضمن الفترة المحددة لكامل شريحة معينة من جمهور المؤمَّن لهم. لذلك يسعى الفرد الواحد من هذه المجموعة إلى أن يسهم مع الجميع في دفع مساهمات لتُجمع في صندوق يُخصص لهذا الغرض، فتكون مساهمة معلومة في ضوء ذلك، ولكن يبقى الأمر مجهولاً بخصوص من سيكون ضحية ذلك الخطر الذي سيعوَّض من المال المجمَّع في ذلك الصندوق، والذي تخوَّل جهة متخصصة بإدارته وهي شركة التأمين.

عقد زمني:
يلعب الزمن دوراً مهماً في عقد التأمين، سواء في تكوينه أو في تحديد ما ينشأ عنه من التزامات. فالزمن فيه عنصر جوهري نجد أن المؤمِّن يلتزم مدة معينة (وهي مدة التأمين) يتحمل فيها تبعة الخطر المؤمَّن منه، بدءاً من تاريخ معين وهو تاريخ بدء سريان وثيقة التأمين، وانتهاءً بتاريخ معين هو انتهاء التأمين.
بالمقابل يلتزم المؤمَّن له خلال فترة التأمين بسداد قسط التأمين، وكذلك بالالتزام بعدم القيام بعمل يؤدي إلى تفاقم الخطر.
ومن النتائج المترتبة عن الصفة الزمنية:
المطلب الأول: النتيجة الأولى: من حيث أثر الفسخ:
لا يترتب أي أثر رجعي على فسخ عقد التأمين، حيث ينفسخ العقد من تاريخ الحكم بالفسخ، وتبقى الالتزامات المقابلة قبل تاريخ الفسخ باقية. لذلك لا يرجع إلى المؤمَّن له سوى الجزء المقابل للفترة الزمنية المتبقية من العقد من تاريخ الحكم بالفسخ، بالمقابل تكون التزامات المؤمِّن باقية عن أي مطالبة بالتعويض تسبق تاريخ الفسخ.
المطلب الثاني: النتيجة الثانية: من حيث الانتهاء:
ينتهي عقد التأمين في حالة استحالة تنفيذ أحد الطرفين لالتزاماته التعاقدية بحكم القانون (وعلى سبيل المثال، هلاك محل التأمين، أو التحقق من سلامة وصوله إلى وجهة الوصول النهائية وهي نتيجة منطقية لانتماء عقد التأمين إلى صنف العقود الملزمة للطرفين).

عقد إذعان:
برز من ناحية التطبيق العلمي أن عقد التأمين هو عقد إذعان. حيث من التعارف عليه أن المؤمِّن يعرض على طالب التأمين مجموعة نماذج من وثائق التأمين المطبوعة مسبقاً، ويوفر له حرية الاختيار بينها، ولكنه يحرِّم عليه حق مناقشة أي من بنودها.
وينتهي الموقف بالنسبة إلى طالب التأمين بأحد أمرين إما:
أ. قبول وثيقة التأمين كما هي.
ب. أو أن يرفضها كما هي.
وهذا الموقف يجسد المركز المتفوق الذي يتمتع به المؤمِّن في مواجهة المؤمَّن له.
لذلك تدخَّل المشرِّع صراحة ليعيد التوازن إلى كفتي العقد ويحفظ حرية التعاقد، وأراد المشرِّع بذلك تأكيد أن دور المؤمِّن في العملية التأمينية ما هو إلا وسيط منظِّم لعملية التعاقد بين المتعاقدين. ويبرز تدخل المشرِّع في الأمور التالية:
أولاً: اعتبار النصوص التشريعية الخاصة بالتأمين آمرة للمؤمِّن، وإجازة النزول عنها لمصلحة المؤمَّن له (كما جاء ذلك في المادة 924 من القانون المدني الأردني، وكذلك القانون المدني اليمني في المادة (1069)، وكذلك المادة (716) من القانون المدني السوري، والمادة (985) من القانون المدني العراقي.
ثانياً: إبطال بعض البنود التي يتم الاتفاق عليها في وثيقة التأمين لمصلحة المؤمَّن له (كما جاء ذلك في المادة 924 من القانون المدني الأردني والمادة 716 من القانون المدني السوري والمادة 985 من القانون المدني العراقي والمادة 1069 من القانون المدني اليمني). حيث نصت على ما يلي:
"يقع باطلاً كل ما يرد في وثيقة التأمين في الشروط التالية:
1– الشرط الذي يقضي بسقوط الحق في التأمين بسبب مخالفة القوانين، إلا إذا انطوت المخالفة على جناية أو جنحة قصدية.
2– الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمَّن له بسبب تأخره في إعلان الحادث المؤمَّن منه إلى الجهات المطلوب إخبارها، أو في تقديم المستندات إذا تبين أن التأخير كان لعذر مقبول.
3– كل شرط مطبوع لم يبرز بشكل ظاهر إذا كان متعلقاً بحالة من الأحوال التي تؤدي إلى بطلان العقد أو سقوط حق المؤمَّن له.
4– كل شرط تعسفي يتبين أنه لم يكن لمخالفته أثر في وقوع إلحاق المؤمَّن منه".
ولمزيد من الاستفادة ندرج أدناه نص المادة 1069 من القانون المدني اليمني:
يقع باطلاً كل ما يرد في وثيقة التأمين من الشروط التالية:
1– الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمَّن له بسبب مخالفة القوانين، إلا إذا انطوت المخالفة على جريمة عمدية.
2– الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمَّن له بسبب تأخره في إعلان الحادث المؤمَّن منه إلى الجهات المطلوب إخبارها، أو في تقديم المستندات، إلا إذا تبين أن التأخير كان لعذر مقبول.
3- كل شرط مطبوع لم يبرز بشكل ظاهر إذا كان متعلقاً بحالة من الأحوال التي تؤدي إلى بطلان العقد أو سقوط حق المؤمَّن له.
4– كل شرط تعسفي يتبين أنه لم يكن لمخالفته أثر في وقوع الحادث المؤمَّن منه.
ثالثاً: انطباق أحكام عقود الإذعان عليها، حيث يفسر الشك لمصلحة الطرف المذعَن ولم يكن مديناً باعتبار أن المؤمِّن هو الذي أعد نصوص العقد، ويقع عليه منفرداً تبعة غموضه.

عقد من عقود حسن النية المتناهية:
إن عنصر حسن النية، وإن كان مفترضاً وجوده بالنسبة إلى كل العقود إلا أنه ينبغي ظهوره بصورة أكثر جلاء فيما يتعلق بعقود التأمين، لأنها من العقود التي يتعين تنفيذها حرفياً وبمنتهى حسن النية.
ويلعب مبدأ منتهى حسن النية دوراً في عقد التأمين سواء بالنسبة إلى المؤمِّن أو المؤمَّن له. ويبدأ الالتزام به منذ التعاقد ويستمر أثناء التنفيذ وكما يلي:
المطلب الأول: الالتزام بمبدأ منتهى حسن النية عند التعاقد:
لما كانت المعلومات عن الخطر معلومة لدى طرف واحد وهو المؤمَّن له، لذلك يعتمد المؤمِّن إلى حد كبير على ما يدلي به طالب التأمين من بيانات متعلقة بالظروف المتعلقة بالخطر.
المطلب الثاني: الالتزام بمبدأ منتهى حسن النية أثناء سريان التأمين:
1- يلتزم المؤمَّن له بإخطار المؤمِّن عن أي تغيرات تطرأ على الخطر المؤمَّن منه أثناء فترة التامين، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الخطر منه سواء بزيادة فرص تحققه أو بتضخيم جسامته.
2- كما يلتزم المؤمَّن له بألا يعمل أي عمل يؤدي إلى تفاقم الخطر المؤمَّن منه، وذلك بزيادة فرص تحققه أو بتضخيم جسامته.