لأول مرة في سورية والمنطقة
شركة تؤمِّن على الهاتف الخلوي لقاء قسط شهري 500 ليرة
هل انطلقت شركات التأمين نحو سوق أجهزة الخلوي ذات الـ12 مليون زبون؟
أحمد العمار
إعلامي اقتصادي
تعد سوق الاتصالات بشكل عام، والاتصالات المتنقلة (الخلوية) على وجه الخصوص، من الأسواق السريعة النمو والكثيرة التطور، لأنها تتماشى مع الجديد من التقانات من خدمات وباقات جديدة، لذا فإن أياً من الشركات التي تستهدف في تسويقها هذه السوق الواعدة، ستحصل على نتائج مهمة من شأنها تطوير وتوسيع قاعدة عملائها، ورفع مؤشرات مبيعاتها وأرباحها.
ويتجاوز عدد مشتركي الخلوي في السوق المحلية، وفقاً لبعض التقديرات، الـ12 مليون، ومن ثم فإن أمام شركات التأمين فرصاً قوية لدخول هذه السوق، والحصول على حصة سوقية منها، ولاسيما إذا علمنا أن حاجة السوق المحلية من الأجهزة الخلوية سنوياً تتراوح بين 500-600 ألف جهاز، وأن قيمة هذه الأجهزة مليارات الليرات السورية، ومن ثم فإن شريحة الملاك حريصة على تقليل المخاطر، التي قد تتعرض لها هذه الأجهزة.
وباشرت إحدى شركات التأمين مؤخراً، بطرح منتج التأمين على أجهزة الخلوي، وذلك لقاء قسط شهري 500 ليرة، وضد مخاطر تعرض الجهاز للكسر، وأخطار التماس الكهربائي، وتضرر الجهاز نتيجة سقوطه في الماء، ما يعني أن هذا المنتج لا يشمل شراء مخاطر فقدان الجهاز أو تعرضه لمشكلات فنية وتقنية تخرجه من الخدمة في أغلب الأحيان.
وقال مساعد مدير الاكتتاب في الشركة المعنية جهاد بغدادي: إن المنتج الجديد يحاكي المنتجات التأمينية المتناهية الصغر، وطرحته الشركة بعد دراسة موسعة ومتأنية لسوق الأجهزة الخلوية، ولا تنفرد الشركة بهذا المنتج في السوق المحلية وحسب، بل عربياً وإقليمياً أيضاً، حيث لا تشتري شركات التأمين في المنطقة المخاطر التي قد تتعرض لها هذه الأجهزة، بصرف النظر عن نوعها وقيمتها.
وأضاف بغدادي: إن الشركة أطلقت منتجها الأخير بالتعاون مع إحدى شركات بيع الأجهزة الخلوية، ويمكن للمؤمِّنين الراغبين بالتأمين على أجهزتهم الحصول على هذا التأمين من مراكز بيع ووكلاء الشركة في المحافظات كافة، علماً بأنه يتم إصلاح الجهاز في حال تعرضه لضرر جزئي، أما في حال عدم جدوى الإصلاح، فيتم استبداله كلياً.
وبين معتز أبوالشكر مدير العلاقات العامة في إحدى شركات التأمين أن كل شركة تسعى إلى تمييز نفسها بمنتج غير مطروح لدى الشركات الأخرى، وهي بذلك تطرق باباً جديداً من أبواب المنافسة، بعيداً عن منتجات التأمين التقليدية كتأمين المركبات والحريق والحياة والهندسي وغيرها، ومن ثم فإن نجاح أو فشل هذه المنتج رهن بمدى دقة وجدوى الدراسات التسويقية، التي تسبق عادة طرحه.
وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التأمينات الصغيرة أو ما يعرف بـ micro insuranceسواء على المستوى الرسمي أم الشعبي. ومؤخراً، شجعت هيئة الإشراف على التأمين الشركات على طرح منتجات التأمين الصغيرة، التي تستهدف شريحة واسعة، وتتناسب مع ذوي الدخل المحدود، إذ تنبع أهمية وجود هذه الأنواع من التأمينات من تدني القوة الشرائية لدى عديد الشرائح في المجتمع، ما يستدعي طرح منتجات بأقساط صغيرة تلبي احتياجات السوق، حيث أظهرت تداعيات الأزمة وظروف الحرب حاجة ماسة لمثل هذه التأمينات.
ويشير الرئيس التنفيذي لشركة «إيمبا» لإدارة النفقات الطبية مروان مطره جي إلى أنه لابد من زيادة تفعيل هذه التأمينات، حيث يتمتع التأمين الصغير بطابع الاستثمار للمشروع المؤمَّن له، ويناسب أصحاب المشاريع الزراعية البسيطة كتربية الثروة الحيوانية والمشاريع الحرفية والصناعات اليدوية وغيرها. ويمكن أن يسهم وكيل التأمين في مساعدة المؤمِّن عبر شرح تفاصيل العقود واختيار الأكثر ملاءمة منها للمشروع.
وكانت هيئة الإشراف على التأمين قد شجعت الشركات على طرح مثل هذه المنتجات في سياق طرح منتجات التأمين الصغيرة، حسبما أوضح المدير العام للهيئة المهندس سامر العش، الذي قال: إن الهيئة تدرس إطلاق منتجات تأمين صغيرة جديدة إلى جانب تأمين الخلوي، وبعضها أصبح جاهزاً، لكن أغلب هذه المنتجات ينتمي لفرع التأمين الصحي.
وبدأت الهيئة منذ نهاية العام الفائت، دراسة تعديل قانون التأمين، بما يسمح بالتأمين على المنتجات الصغيرة مثل الهاتف المحمول، إلى جانب فروع التأمين على المركبات السورية والأجنبية العابرة، وعلى أخطار النقل البري والبحري والجوي، إضافة إلى التأمين ضد أخطار الحريق والسرقة والمسؤولية المدنية.
وتفتقر شركات التأمين للتصنيف العلمي المدروس، ما حدا بالهيئة لإيجاد معايير عالمية، وتطبيقها على سوق التأمين المحلية بعد دراستها واختيار ما يتناسب مع واقعها، حيث تحفز هذه المعايير الشركات على النشاط بعد الأزمة، ولاسيما أنه يُنتظر منها دور مهم في مرحلة إعادة الإعمار. وثمة معايير عالمية معروفة ومختبرة، ولكن أكثرها أهمية للشركات المحلية معيارا (الملاءمة المالية والمديونية) و(السيولة)، اللذان يكشفان الملاءمة المالية، ما يعني قابليتها للاستمرار، طبعاً إلى جانب عديد المعايير الأخرى.
وكانت الهيئة اعتمدت سبعة معايير تتعلق بالاكتتاب وإعادة التأمين والربحية والمصاريف والاستثمارات والسيولة والملاءة والمديونية، إضافة إلى 17 مؤشراً للأداء، علماً بأن معيار الاكتتاب يتضمن مؤشرين (إجمالي الاكتتاب ونمو الأقساط المكتتبة)، ومعيار إعادة التأمين يتعلق بقيمة أقساط المعيد، ويشمل معيار الربحية على أربعة مؤشرات، وتتبع لمعيار المصاريف أربعة مؤشرات أيضاً.
وتنتظر أوساط التأمين إقرار قانون التأمين الجديد، بعدما أنجزت الهيئة مؤخراً التعديلات المطلوبة عليه، ورفعته إلى وزارة المالية، التي بينت أن القانون يهدف لمنح المرونة الكافية لقطاع التأمين، ما يسمح له بتجديد وتوسيع الخدمات المقدمة للمؤمِّنين، وخاصة لجهة رساميل الشركات بما يتلاءم مع التذبذبات الحاصلة في أسعار الصرف، حيث يتراوح رساميلها حالياً بين 850 مليون سورية إلى ملياري ليرة، على أن يتم تقييم الأصول الثابتة لهذه الشركات، وخاصة العقارات المملوكة لها، ما يسمح بتقييم أفضل لملاءتها المالية، إضافة إلى تأسيس شركة استثمارية مساهمة عامة مغفلة.
وتنطلق الهيئة في تأسيس هذه الشركة من وجود فائض أموال لدى الشركات يسمح لها بالمساهمة في دعم وتمويل مشاريع مختلفة في عديد القطاعات، ولاسيما قطاعات الإنتاج الحقيقي (الصناعة والزراعة والبنى التحتية)، ما يسهم في تنمية حقوق المؤسسين والمساهمين في الشركات، وينوع سلة الاستثمار سعياً إلى تحقيق عوائد مجزية، وتقليلاً لمخاطر حصر الاستثمار في قطاع التأمين، الذي مُني بخسائر كبيرة نتيجة الأزمة.
وستكون أسهم الشركة قابلة للتداول، بعد إدراجها في سوق دمشق للأوراق المالية، على ألا يقل رأسمالها عن ملياري ليرة، تسهم شركات التأمين فيها بنسبة 51 بالمئة، ما يمكنها من تولي الإدارة، بينما يطرح 49 بالمئة للاكتتاب العام (أشخاص طبيعيون واعتباريون)، مع الحرص على توسيع قاعدة المساهمين لخلق تداول نشط على أسهمها.
وتستهدف الشركة المزمع إنشاؤها، جملة من الأهداف أبرزها.. تعظيم العائد الاستثماري للإيداعات الطويلة الأجل (أكثر من سنة)، والتي قدرت لدى الشركات بـ11 مليار ليرة، وضخ هذه الأموال في شريان الاقتصاد الوطني، ما يرفع التوظيفات، ويخلق فرص عمل جديدة، وخاصة أن هذه الشركة ستؤمِّن قناة استثمارية يمكن للنقابات والاتحادات والهيئات استثمار فوائض أموالها فيها، كما تأتي هذه الشركة بديلاً استثمارياً لمواجهة الخفض المتوقع لفوائد المصارف في المرحلة المقبلة.
وتتوقع أوساط شركات التأمين أن يتم استثمار الجزء الأكبر من أموال هذه الشركة في تأسيس مشاريع حيوية في الاقتصاد الحقيقي، ولاسيما تلك المتوافقة مع متطلبات مرحلة الإعمار (مصانع الإسمنت ومواد البناء)، ومشاريع التقانة والمعلومات، والتشييد (التطوير العقاري والإسكان والبنى التحتية والمرافق)، ومشاريع الخدمات (فنادق وجامعات ومراكز طبية واتصالات)، إضافة إلى الاستثمار في شراء أوراق وأدوات مالية.
*