تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
الاعلان في شركات التأمين

للإجابة عن السؤال المفتاحي:
كيف قدمت شركات التأمين نفسها للعملاء وللجمهور؟
إنفاق إعلاني متدن لن يصل بالشركة إلى تحقيق استراتيجيتها
من الضروري تخصيص إدارات إعلان وترويج كفؤة ومدربة
من الطبيعي أن تسبق أي عمل تطويري دراسات معمقة للأسواق
قياس تأثير الحملات الإعلانية والإعلامية يوازي إن لم يزد على إطلاقها

كتب أحمد العمار:*

تركز أدبيات التسويق والإعلان في المنشآت على اتجاه مهم، لابد أن تتبناه الشركات في طريقها لتحقيق تواصل فاعل مع البيئة المحيطة بالمنشأة (العملاء، المستهلكون، الجمهور، المنشآت والجهات الأخرى..)، ويتلخص بالصورة الذهنية التي يجب أن تقدم بها المنشأة نفسها لهؤلاء جميعاً، حتى بصرف النظر عن تطابقها أو عدم تطابقها مع الوضع الداخلي لها، بمعنى: كيف يرغب القائمون عليها أن يُروا- (بضم الياء)- الشرائح المستهدفة هذه الصورة.

إدارات مختصة..

وعند الحديث عن المنشآت الخاصة المحلية، فإن مثل هذه الرؤية غير واضحة لدى صانعي القرار في أغلب هذه المنشآت، ولاسيما تلك التي يتطلب عملها احتكاكاً كبيراً ومباشراً بشرائح كبيرة من المستهدفين، وهنا لا تبرز أهمية وجود أقسام وإدارات تعنى بأنشطة الإعلان والترويج والعلاقات العامة وحسب، بل لا مناص من أن تكون أقساماً وإدارات فاعلة ومؤثرة، إذ لا يكفي إطلاق الحملات الإعلانية والإعلامية و(ترك الحبل على الغارب)، لأن قياس نتائج وأداء مثل هذه الحملات يحتاج إلى الكثير من التدقيق والمتابعة ورصد المتغيرات، وهكذا يعرف صانعو القرار في المنشآت: أين كنا، وأين أصبحنا، وما الذي ينبغي علينا فعله لنكون في المستقبل القريب والبعيد.

شركات التأمين في السوق المحلية- كحالة دراسية- لديها المشكلات والتحديات ذاتها، فمثلاً يفتقر أغلب الشركات لوجود أقسام مختصة بهذا النوع من النشاط، ويكتفي بقسم للعلاقات العامة، وعلى أهمية الدور الذي يقدمه هذا القسم، فإنه ليس بديلا من أنشطة الترويج والإعلان وبحوث التسويق وقياس الأداء وتحسين الصورة الذهنية وغيرها. وذلك لن يكون من دون وجود كوادر مختصة أكاديمياً وعملياً في تقنيات التوصيل والتأثير ورجع الصدى، أو ما يعرف بالتغذية الراجعة.

لابد من (أكشن)..
من الطبيعي أن تسبق أي عمل تطويري دراسات معمقة بهدف تشخيص الواقع، لذا كان من الضرورة إجراء دراسات وأبحاث مسبقة عن الترويج، وحاجات ورغبات وميول شرائح الأفراد، وحاجتهم للمنتجات التأمينية، واختيار عناصر الترويج المناسبة لكل فرع تأميني، ولكل برنامج أو منتج تأميني للوصول للأهداف المرجوة منه بأقل تكلفة وجهد ووقت ممكن.
ومطلوب من شركات التأمين العمل على طرح إعلانات تُعنى بالنشاط التأميني لقطاع التأمين بشكل عام، من خلال التعاون مع هيئة الإشراف على التأمين والاتحاد السوري لشركات التأمين، والتركيز على الأنواع الإعلانية كافة كالإعلان الإعلامي والإرشادي والتعليمي، وعدم الاقتصار على الإعلان التنافسي، وذلك لنشر الوعي والثقافة التأمينيين، ما يرفع مستوى أداء القطاع كله، إضافة إلى إقامة ندوات وورش عمل لتدريب وتأهيل القائمين على النشاط الترويجي، وذلك لتحسين قدراتهم للتواصل مع المستهدفين بترويج التأمين.

إنفاق متواضع..!
المراقب لدخول شركات التأمين إلى السوق السورية خلال السنوات التي سبقت الأزمة، يجد أنها اعتمدت على الإعلان بشكل واسع لتقديم رسالتها ومنتجاتها وخدماتها، وخاصة أن سوقها تختلف عن الكثير من الأسواق من عدة أوجه: فهي شركات جديدة كليا في السوق المحلية، وأدخلت منتجات جديدة لم تكن معروفة للجمهور المحلي، كما أن دخولها أتى متزامناً مع ظهور وتوسع قطاعات لم يألفها السوريون فيما مضى كالمصارف والمؤسسات المالية والاتصالات الخلوية وغيرها، ما أدى إلى استحداث منتجات وخدمات تلبي احتياجات هذه القطاعات.
والملاحظ أن الإنفاق الإعلاني لشركات التأمين كان يركز على المنتجات التأمينية التي يجهلها المؤمِّنون المحليون، على الرغم من ضعف حصتها من السوق (التأمين على الحياة)، مقابل ضعف التركيز على المنتج الأكثر شهرة في السوق (التأمين على السيارة)، ولعل مرد ذلك إلى معرفة المؤمِّنين بهذا المنتج، إضافة إلى أن القسم الأكبر منه أصبح إلزامياً تتقاسم الشركات أقساطه وفق مبدأ المحاصصة، ما يعني أنه أصبح صيداً سهلاً لها، ومن ثم لا ضرورة كبيرة للإنفاق الإعلاني في هذا الجانب.
وتنفق عشر شركات التأمين على الإعلان والدعاية والعلاقات العامة خلال العام نحو 40-45 مليون ليرة سورية، أي بمتوسط سنوي للشركة الواحدة بين 4-4،5 ملايين ليرة- هذا إذا سلمنا بأن ليس هناك مصاريف أخرى قيدت في باب الإنفاق الإعلاني- وباحتساب الأقساط والأرباح التي حققتها الشركات، وبناء على ما هو متبع إقليمياً وعالمياً، فإن هذا الإنفاق يعتبر متواضعاً جداً، ولاسيما مع أهمية الأهداف والاستراتيجية المطلوب تحقيقها.

هذه الاتجاهات..
وإزاء هذا الوضع، من الضروري العمل على عديد الاتجاهات، التي يمكن إجمالها في الآتي:

-زيادة مخصصات الإنفاق الإعلاني عما هي عليه بنسبة لا تقل عن 25 بالمئة.
-إحداث إدارات مختصة بممارسة النشاط الترويجي في الشركة تديرها كوادر كفؤة ومدربة.
-استحضار أهمية زيادة الوعي التأميني للجمهور المستهدف عند تصميم الأنشطة الترويجية.
-التركيز على العناصر الأكثر جذباً للشرائح المستهدفة، فما قد يهم رجال الأعمال، قد لا يهم الأطباء أو المهندسين أو غيرهم.
-تنشيط البحوث التي تعنى بدراسة أنماط التفكير وعادات وتقاليد وميول واهتمامات الشرائح المستهدفة.
-دراسة عوامل نشوء الطلب وقرار الشراء والمنافسة في سوق التأمين المحلية.

*إعلامي اقتصادي