تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
تسويق التأمين كثقافة

من يهتم بالشأن التسويقي لابد وأن أن يلفت نظره اللوحات الراسخة على جانبي الطريق والمرتبطة معظمها بالمنتجات الغذائية وبالتالي لابد وأن يبدأ مباشرة بالمقارنة بين ما شاهده من إعلانات وبالحقيقة هذه إحدى غايات الإعلان منحك الفرصة للمقارنة بين هذه المنتجات لاختيار الأنسب والأكثر تلبية لحاجاتك أو رغباتك إذا كنت تبحث عن تلبيتها، فالفرق بين الحاجة والرغبة أمر لا يختلف عليه اثنان في عالم التسويق.

إن الاحتكاك المباشر مع الإعلان يحمل تأثيراً غايته حثك على اتخاذ قرار الشراء للمنتج موضوع الإعلان، ومن ثم الدخول في مرحلة تجريب المنتج وهكذا وصولاً للولاء لهذا المنتج من خلال سلوك شرائي متكرر أم غير متكرر. فالسؤال الواجب طرحه ما المانع من طرح الإعلانات لمنتجات التأمين (وكلمة منتج نعني بها كل من المنتجات والخدمات) من خلال اللوحات الطرقية؟ هل سيمتلك هذا الإعلان نفس التأثير ويتجه الشخص لشراء منتجات التأمين؟ أم أن متلقي الإعلان سيبتعدون أكثر وأكثر في حال استخدمت هذه الوسيلة الاعلانية؟ ما هي الوسيلة الأنسب للإعلان عن التأمين؟ وما ..........؟

بصراحة لا يمكن الإجابة على هذه التساؤلات بمقال واحد بل يتوجب كتابة عدد لا بأس به من المقالات للإجابة عليها، لكن الغاية الحقيقة من خلال طرحي لهذه التساؤلات هو التنويه لعدم ملموسية المنتجات التأمينية وصعوبة تسويقها مقارنة بباقي المنتجات الحسية الملموسة. لغاية الآن لم أقدم أي جديد فالجميع يدرك صعوبة تسويق المنتجات غير الملموسة.

إن البعد غير المعلن للتساؤلات السابقة هي الإدراك بأن التأمين هو فكر وثقافة وليس مجرد منتج غير ملموس، التأمين هو وسيلة للحماية من الأخطار وإدارتها بشكل صحيح، التأمين هو علم وأرقام، هو أسس وممارسات، هو حماية للثروات، هو ...... بالتالي يتوجب علينا الاعتراف بصعوبة تسويق هذا الفكر وهذه الثقافة؟ ما أصعب تسويق الأفكار والعلوم والثقافة في زمن تعلو فيه أصوات الأزمات المالية والصعوبات الاقتصادية.

يمكن لأي متابع لسوق التأمين في الجمهورية العربية السورية أن يلحظ حجم الدوران العالي بعمالة فريق التسويق أو ما يسمى مستشاري التأمين لدى شركات التأمين وصعوبة توافر مدراء تسويق مؤهلين وذو دراية للعمل في شركات التأمين للخصوصية العالية لهذا القطاع، كما أنه يمكن لنا شبه التأكيد بأن سوق التدريب والدورات والبرامج التدريبية المنفذة بمجال التسويق لا تراعي ببرامجها تسويق وبيع الأفكار والثقافة (لا أود التعميم لكن بحسب معرفتي المتواضعة بهذا القطاع) بل تركز في برامجها التدريبية على المنتجات الملموسة.

لن أتطرق اليوم للوسيلة الأنسب للإعلان وبيع المنتجات التأمينية لكن العمل في تسويق منتجات التأمين يحتاج إلى قدرة كبيرة وأشخاص ذو تأثير عالي قادرين على حمل ثقافة التأمين للجميع بغض النظر عن طبيعة عملهم أو تواجدهم فبيع الثقافة اليوم أو تعزيز ثقافة التأمين إن وجدت يعتبر مهمة صعبة إن لم نقل شبه مستحيلة. كما أن الوسيلة المنتقاة للإعلان عن هذا الفكر وهذه الثقافة يتوجب أن يعكس الصورة الصحيحة وأن يكون على قدر كبير من المصداقية.

في سياق الحديث نتسأل: هل يتوجب على مدير التسويق في شركات التأمين تبويب التأمين في خانة الثقافة المكتسبة أم الموروثة لتسويقه وبيعه بالشكل الصحيح؟

 أرى أنه من الخطير تسويق التأمين على أنه من ضمن الثقافة الموروثة لما تحمله هذه الثقافة من أخطاء وسلبيات وستكون المهمة الملقاة على عاتق مدير التسويق صعبة وقد لا ينجح في تنقية هذه الثقافة الموروثة من التصورات الضمنية والسلبيات الموروثة ضد النشاط التأميني ومنتجاته بشكل عام، ففي الثقافة الموروثة لا نختار ما نحب وما نكره، أما الطريقة الصحيحة وبغض النظر عن الوسيلة المستخدمة لتسويق المنتجات التأمينية (لوحات طرقية – إذاعة – تلفاز – صحف – مجلات...............)  فهي بناء الثقافة المكتسبة التي قد تتعارض مع الثقافة الموروثة في كثير من الأحيان وقد تتعارض مع الفكر الأحادي فالثقافة المكتسبة المستخدمة للتسويق تعتمد على ما يتعلمه الانسان من تجاربه ومن واقعه وبالطريقة التي تعتبر تصحيحاً لثقافته الموروثة وتصحيحاً لمغالطات الماضي.

كثيراً ما يواجه مدراء التسويق في شركات التأمين أفراداً أو جماعات تحمل من الثقافة الموروثة ما يجعل تقبلها لمنتجات التأمين صعباً للغاية، لذا يصنف مدراء التسويق هؤلاء ضمن فئة العملاء الصعبين لكن المستهدفين والذين يتطلبون برنامج وخطط تسويقية مختلفة ذات وقت طويل وكلف عالية وبالتالي عادةً ما يبدأ مدراء التسويق في شركات التأمين من الأفراد القابلين لاكتساب الثقافة لتحقيق الأهداف التسويقية دون إهمال سوق كبير متمثل بأصحاب الثقافة الموروثة.

الكثيرون واجهوا فكر سقراط وأرسطو بالمهزلة وبالفكر الأحادي والثقافة الموروثة والنتيجة بأن حكمة وفلسفة سقراط وأرسطو استمرت لليوم واختفى الساخرون، دعونا نرفع راية فلسفة ثقافة التأمين ونسوق لها بالطريقة الصحيحة لنستمر أسوةً بإنجازات سقراط وارسطو.


 

بقلم بقلم الاستاذ ماهر سنجر