تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
حلقة الوصل ... مفقودة !!



يشكل نظام التأمين أساساً داعماً للقطاعات الاقتصادية المختلفة نظراً للدور الحيوي والمهم الذي تلعبه في توفير الحماية الكاملة للقطاعات الأخرى بشتى أنواعها, كما يؤدي بأشكاله المختلفة دوراً اقتصادياً واجتماعياً مهماً, ويشكل عامل استقرار للأفراد, حيث تقوم فكرته على تحمل مجموعة متضامنة من الأشخاص الأخطار التي قد يتعرض لها فرد أو عدة أفراد , ويظهر دوره الاجتماعي من خلال ما يوفره للمؤمِّنين من شعور بالثقة والأمان تجاه الأخطار والحوادث التي تهدد مستقبلهم أو تهدد أموالهم, في حين يتجلى دور التأمين الاقتصادي في أنه وسيلة لتكوين رؤوس أموال ضخمة من خلال جمع الأقساط وبدلات التأمين لدى الشركات والاستفادة منها في تلبية حاجات الدول الخاصة والعامة ودعم الاقتصاد الوطني.
ولا شك في أن مفهوم التأمين في المجتمع تطور بشكل عام خلال السنوات الماضية ولو بشكل طفيف، نظراً إلى إلزامية بعض أنواعه مثل التأمين الصحي والتأمين على المركبات (ضد الغير)، إلا أننا لا نستطيع الادعاء بأن مستوى الثقافة التأمينية يتواكب مع النمو الاقتصادي الضخم للتأمين، أو إنه وصل إلى المستوى المطلوب والمأمول، فنحن مازلنا بحاجة ماسة إلى تنمية الثقافة التأمينية في المجتمع, وهي مسؤولية مشتركة بين عدد من الجهات الحكومية والخاصة... وخصوصاً أن ضعف الوعي التأميني يجعل شرائح واسعة من المجتمع بعيدة كلياً عن الخدمات المهمة والضرورية بالنسبة لها، باستثناء التأمين (ضد الغير) على المركبات بسبب إلزاميته وانتشاره بين الناس بحكم نص القانون.
وحسب تصريح سابق صادر عن المؤسسة العامة السورية للتأمين بلغت قيمة التعويضات المقدمة للمؤّمنين نحو 12 مليار ليرة خلال العام الماضي, منها نحو 10 مليارات ليرة للتأمين الصحي, في حين وصلت قيمة الأقساط في شركات التأمين الخاصة في العام ذاته إلى 9,9 مليارات ليرة, منها 2,9 مليار للتأمين الصحي الذي تصدر الأقساط المحصلة ويليها التأمين الإلزامي للسيارات.
والأرقام السابقة تدل على أن كلاً من التأمينين الصحي والإلزامي للسيارات شكلا الصدارة في عقود التأمين، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى أنهما إلزاميان.
وبحكم التطور تحتاج السوق التأمينية السورية إلى بذل مزيد من الجهد على كل  المستويات الإدارية والتنظيمية لنقلها لمستقبل أفضل حيث تسهم إسهاماً كبيراً في عملية التنمية من خلال آليات الادخار، لأنها توفر الوعاء الادخاري المناسب للمؤمِّنين.
وتُطالَب اليوم شركات التأمين بتحقيق التكاتف بينها لتنظيم حملات نشر الثقافة التأمينية، والإعلان عن برامجها المختلفة وبطريقة تثقيفية بحتة بعيداً عن الدعاية، إلى جانب العمل على تدريب موظفي أقسام الاكتتاب ومتابعتهم في شرح التغطيات التأمينية للعملاء، ووضع اللوحات الإعلانية والنشرات التي توضح أهم الشروط والواجبات والحقوق والإجراءات المتبعة لتسجيل المطالبات.
كما أن التوعية بأهمية التأمين عن طريق الإعلام السمعي والبصري تتم حالياً بوساطة برامج ووصلات توعوية وكذلك استعمال مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم شروحات مبسطة ومفصلة عن أنواع التأمينات وضرورتها.
ولكن يعد وسيط التأمين حلقة الوصل الحقيقية بين شركات التأمين والمؤمِّن، ومن هذا المنطلق يلعب الوسيط دوراً جوهرياً في التوعية والإرشاد والتسويق أيضاً، لأنه القادر على تعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسة، ولا يتم ذلك إلا بتوضيح كل الحقوق والواجبات من الوسيط, ومعرفة المؤمِّن بأن كل حقوقه محفوظة في الاستفادة من التعويضات في حالة وقوع حادثة بعيداً عن المتاهات التي يدخل بها بسبب المحامين أو غيرهم.
إذاً هي صلة الوصل التي يجب العمل على تفعيل وجودها ودورها.. وفي حمص على سبيل المثال كان التسويق للعقود يتم إما بطريقة مباشرة أو عبر جهاز تسويقي (وكلاء) يسهمون في عملية التشجيع ونشر ثقافة التأمين, ومنذ سنوات سبقت الحرب كان عددهم يصل إلى عشرة، إلا أن العدد اليوم تناقص إلى اثنين وهو رقم غير كاف لنشر ثقافة تأمينية صحيحة ضعيفة بالأصل.
فهل ستقوم شركات التأمين على اختلاف أنواعها في القطاعين العام والخاص بالتنبه لأهمية وجود وسطاء يحققون الفائدة للطرفين..؟ وهل سنشهد في المستقبل القريب ازدياداً في أعداد الوكلاء (المتخصصين) ليكونوا حلقة الوصل الفعالة؟


 

بقلم بقلم الصحفية هنادي سلامة