تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
مفهوم الاحتفاظ بالخطر

إن الغرض الأساس من قيام شركات التأمين هو الاحتفاظ بالخطر أو بجزء منه في حدود إمكانياتها ومقدرتها المالية، ولولا ظاهرة الاحتفاظ بالخطر لما أمكن اعتبار هذه الشركات إلا وسطاء تأمين يتقاضون عمولاتهم فقط، وقد أجبر المشرِّع في الولايات المتحدة الأميركية شركات التأمين على ألا يقل حد الاحتفاظ فيها عن نسبة معينة من الخطر المكتتب فيه لكي تثبت جديتها في عملية الاكتتاب، كما أن كلاً من ألمانيا وفرنسا تلزم شركات التأمين بإعداد جدول أساسي لحدود الاحتفاظ مع مراقبتها لمنع المغالاة في الاحتفاظ بالتزامات تزيد على إمكانياتها، هذا ويروق لشركات إعادة التأمين العريقة أن ترى حد الاحتفاظ في الشركات التي تتعامل معها يزيد سنة بعد أخرى، حتى تطمئن على سلامة عملية الاكتتاب بها.

والاحتفاظ الصافي المناسب في شركات التأمين يتحدد بقيمة الأقساط الصافية المحتفظ بها، والتي تكفي لتغطية التزامات الشركة من تعويضات ومصروفات، إضافة إلى ضمان عائد فني مناسب يسمح باستقرار المعدل السنوي للخسارة الفنية السنوية بصفة عامة.

حد الاحتفاظ

هناك وجهات نظر متعددة في تعريف حد الاحتفاظ في تأمينات الممتلكات والمسؤولية، وفيما يلي بعض المفاهيم المختلفة لحد الاحتفاظ:

  1. هو الجزء الذي يحتفظ به المؤمِّن المباشر، سواء كان في شكل مقدار أو نسبة من مبلغ التأمين أو من الخسارة الممكن أن تتحقق للأخطار موضوع عقد التأمين سواء لعدة فروع أو نوع واحد أو حتى لخطر واحد منها.
  2. الجزء من الخطر أو المسؤولية أو الخسارة التي تمتد إليها تغطيات إعادة التأمين بالشركة.
  3. المقدار الذي تستطيع أو ترغب شركات التأمين في تحمل مخاطره لحسابها الخاص حينما تكتب في خطر معين أو عدة أخطار.
  4. الحد الأقصى للخسارة التي يمكن لشركة التأمين أن تتحملها لحسابها الخاص، سواء ما يتعلق بخسارة واحدة أو عدة خسائر متراكمة ناشئة عن حادث واحد أو خلال فترة زمنية محددة.
  5. الحد الأقصى للالتزام الذي تحدده إمكانيتها للاحتفاظ في نطاقه بحصة من كل خطر من الأخطار التي تقبلها.

أهداف حدود الاحتفاظ

إن تحديد نسب الاحتفاظ في شركات التأمين المباشر لا تحكمه قواعد ثابتة، ولكن يخضع للتقدير الشخصي من جانب الفنيين، إضافة إلى بعض الاعتبارات العلمية الأخرى، حيث إن تحديد هذه النسبة يواجه تعارضاً أو تضارباً لأنه يتطلب دائماً الموازنة أو التوفيق بين الاحتفاظ بأكبر قدر من الأقساط، وفي الوقت ذاته الرغبة في المحافظة على مستوى معين من نتائج العمليات، ولهذا فإن هذا التوازن يحتاج إلى خبرة من القائمين على عمليات الاكتتاب في إعادة التأمين، أيضاً يتوقف تحديد هذه النسب على عدة اعتبارات موضوعية من أهمها درجة الخطر والمركز المالي للشركة والضمانات المالية الأخرى المتمثلة في رأس المال والاحتياطات والمخصصات الفنية، هذا إضافة إلى هيكل إعادة التأمين وتكاليفه.

تقوم شركات التأمين بتحديد حدود الاحتفاظ لتحقيق مجموعة من الأهداف نذكر منها:

  1. تقليل التقلبات بالنسبة للأعمال المكتتب فيها، وذلك عن طريق التوزيع الأمثل للأخطار التي تقوم الشركة بتغطيتها، حيث تحتفظ من مبالغ التأمين التي تقبلها بالقدر الذي يتناسب مع قدرتها الاستيعابية، ويتفق مع الأسس الفنية التي تحكم عمليات التأمين.
  2. تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح من عمليات إعادة التأمين، حيث إن وضع حدود الاحتفاظ أقل من تلك التي تتناسب مع المقدرة المالية للشركة، ولا تتفق مع الأسس الفنية يضيع على الشركة فرصة الحصول على أرباح تذهب إلى شركة إعادة التأمين.
  3. استقرار النتائج السنوية التي تحققها الشركة عن طريق المحافظة على معدل سنوي ثابت (مستقر) للخسارة.

وحتى يمكن للشركة تحقيق الأهداف السابقة فإن إدارة الشركة عليها أن تقوم بتحديد حدود الاحتفاظ الصافي عند المستوى الذي لا يسمح بأن تغطي الأقساط الصافية عنه العمليات المحتفظ بها، إضافة إلى الاحتياطات والأموال المتاحة للشركة، التعويضات والخسائر التي قد تطالب بها.

ومما سبق يتضح أن الهدف الرئيس لشركات التأمين في تحديد حد الاحتفاظ هو السيطرة على كل التقلبات في معدلات الخسائر السنوية ونتائج أعمال الشركة السنوية والسيولة النقدية، ولذلك فإن كل شركة تأمين تواجه بديلين هما: الاكتتاب بما أمكن من أعمال لحسابها الخاص والبديل الثاني محاولة الحد من التقلبات في نتائج الأعمال.

ولعرض تقليل التقلبات في معدلات الخسائر والعمل على استقرار نتائج الأعمال، على شركة التأمين أن تحدد احتفاظها بمستوى كاف حيث إن الأقساط المحتفظ بها لحسابها الخاص، إضافة إلى الاحتياطات الموجودة ستكون على الأقل كافية لتغطية الخسائر التي تكون الشركة مسؤولة عن دفعها.

ويختلف تحديد حد الاحتفاظ حسب نوعية اتفاقيات إعادة التأمين التي يتضمنها برنامج إعادة التأمين للشركة، فعلى سبيل المثال فإن الاحتفاظ الصافي يتحدد بالنسبة للخطر الواحد (a per risk retention) في اتفاقيات إعادة التأمين على أساس الفائض (surplus) وبالنسبة للتعويض الواحد، وبالنسبة للتعويض الواحد (a per claim retention) أو ما يسمى الأولوية  (priority) في اتفاقيات إعادة التأمين على أساس تجاوز الخسارة (excess of loss covers).

في ضوء ما سبق فإن سياسة الاحتفاظ التي تنتجها شركة التأمين هي التي تحدد أساس الحاجة إلى تغطيات إعادة التأمين سواء كانت محلية أو خارجية، ومن ثم فإن البناء السليم لحدود الاحتفاظ يؤدي إلى زيادة الطاقة الاحتفاظية والإقلال من الحاجة إلى إعادة التأمين، وذلك لما لحد الاحتفاظ من آثار عميقة على نتائج أعمال الشركة وملاءتها المالية، ولهذا فإن عملية تحديد حد الاحتفاظ ليس قراراً فردياً لأي مستوى إداري، وليس اختياراً عشوائياً، إنما هو قرار تشارك فيه مستويات عديدة (إدارة الاكتتاب، الإدارة العليا للشركة، شركة إعادة التأمين) وذلك لم يكتنف عملية التحديد من صعوبات عدة ليس مرجعها عدم وضوح المفاهيم أو ندرة النماذج الرياضية التي يُستفاد بها عند تحديد حدود الاحتفاظ، وترجع هذه الصعوبات إلى:

  1. تعدد العوامل المرتبطة بحد الاحتفاظ.
  2. عدم توافر معلومات كافية عن بعض العوامل الرئيسة.
  3. عدم التأكد من عدد وحجم المطالبات ومن ثم إجمالي تكاليفها التي سيتحملها المؤمِّن خلال سنوات الاكتتاب الحالية والمستقبلية.

بقلم د.عيد أحمد أبو بكر -كتاب إدارة أخطار شركات التأمين