بعد انتشار وباء كورونا واعتباره جائحة عالمية وتأثر معظم الدول بهذه الجائحة، ثم الانتقال إلى التسليم بضرورة عودة الحياة إلى ما كانت عليه، وإعادة افتتاح المطارات، أضحى من الضروري وضع جملة من البروتوكولات لاتباعها في كل من الجهات العامة والشركات والمنافذ الحدودية، وخاصة مع الإعلان أن هذا الفيروس سيجدد نفسه ويصبح من الأمراض الموسمية، وعلى المجتمعات إعادة النظر بالكثير من عاداتها لكون الفيروس سيضحي حالة مستمرة ولن ينتهي بالسهولة المتوقعة.
من الجيد اليوم إصدار دليل إرشادي موحد لكل المؤسسات العامة والخاصة ليستند إليه في الوقاية، وليستند إليه لتوفير تأمين صحي لائق ومناسب لتغطية فيروس كورونا، حيث سبق أن أعلنت الأمم المتحدة أن التأمين الصحي المستفاد منه لموظفيها يغطي فيروس كورونا مثله مثل أي مرض عادي.
تزامن هذا الإعلان مع جملة من الصدمات تلقاها قطاع التأمين في الدول المتقدمة، حيث تمثلت هذه الصدمات بخسائر في أسعار أسهم شركات التأمين على الحياة والتأمين الصحي وبمعاناة بعض الشركات نتيجة الخسائر الكبيرة في محافظها الاستثمارية، بالمقابل يعد الطلب المتزايد للتأمين على الحياة في ظل هذه الجائحة أمراً مقلقاً لشركات التأمين، فقبول هذه الطلبات هو بمنزلة التسليم بحالة من التركز في المخاطر.
فتخيل ما الوضع لو كانت معظم طلبات التأمين على الحياة متركزة في نيويورك أو في ووهان الصينية، لذا ارتأت بعض شركات التأمين على الحياة أن تضيف بنداً لطلب التأمين لإتاحة الفرصة لمقدمي الطلب للتصريح عن زياراتهم لأماكن انتشر فيها الفيروس، فمن أدلى بهذا التصريح كان عليه الانتظار فترة لا تقل عن شهر لقبول طلبه بالحصول على التأمين على الحياة.
في حين أن بعض الشركات أوقفت إصدار وثائق التأمين على الحياة، وخاصة الوثائق التي تغطي الموت لأي سبب لكونها لا تستثني الوفاة بفيروس كورونا، في المقابل أبدى طالبو التأمين الصحي أو التأمين على الحياة تخوفاً من إجراء الفحوصات الطبية خوفاً من التقاط العدوى من مراكز التحاليل أو غيرها، ما دفع البعض منهم للانكفاء وعدم متابعة إجراءات الحصول على التأمين اللازم.
لم يرتبط تأثير الفيروس بالتأمين الصحي أو التأمين على الحياة فقط، بل تعداه لتصدر بعض من المصارف المركزية قرارات بتخفيض معدل الفائدة الممنوح على الودائع في ظل جائحة كورونا، ما رفع بدوره من خسائر شركات التأمين. كما أن للإغلاق الحاصل في الفعاليات الاقتصادية والمنافذ الحدودية وجهين أحدهم سلبي ألا وهو ارتفاع المطالبات نتيجة إلغاء الرحلات الجوية والسفر، ووجه إيجابي ألا وهو الانخفاض في حوادث السير، ما انعكس إيجاباً على نتائج تأمين السيارات.
عانت شركات التأمين من تأجيل سداد الأقساط للكثير من بوالص التأمين، وخاصة بعد قرار الكثير من المصارف تأجيل تحصيل أقساط القروض، وأتت القرارات المتعلقة بعدم توزيع الأرباح على مساهمي شركات التأمين لتخلق حالة من عدم الرضا لدى المساهمين المتأثرين بدورهم بنتائج وباء كورونا.
بدأت شركات التأمين الحرب على كورونا تماماً كباقي القطاعات، رغم البداية الصعبة إلا أنها استطاعت أن تكيّف منصات رقمية لخدمة العملاء، وبدأت بتقديم الخدمات عن بُعد، وعملت على تنمية أدوات التواصل مع العملاء والتواصل الداخلي بين العاملين، فاليوم يحكم الطلب على التأمين مدى قدرة الشركات على التحول الرقمي ومدى كفاية العاملين في هذه الشركات للعمل وفقاً للمنهجيات الجديدة، وخاصةً ما يتعلق بفريق التسويق وخدمات البيع.
البوابة المستقبلية لشركات التأمين ستمر من خلال الدفع الالكتروني وإدراج تغطية الأوبئة في بوالص الشركات التي تستثني نوعاً كهذا من التأمين، ليشعر العميل بمزيد من الطمأنينة، إضافة إلى تغطية الفرق الطبية التي تواجه هذا الوباء، لتكون شركات التأمين شريكاً حقيقياً في الحرب على الفيروس.