تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
ثقافة تأمينية
تأمين الطيران

يعد تأمين الطيران من أهم أنواع التأمين، حيث يتميز عن باقي فروع التأمين الأخرى (السيارات– الحريق– الهندسي– الممتلكات– المسؤوليات...) بميزات عدة منها:
- على خلاف عقود التأمين الأخرى التي تنحصر حدودها الجغرافية ضمن البلد المؤمِّن، فإن الحدود الجغرافية لعقد الطيران يشمل جميع أنحاء العالم، لكون الدول التي تمر في مجالها الطائرات عرضة لأي حادث أو مطالبة.
- إن عقد تأمين الطيران إلزامي للطائرات التي ستعبر أجواء هذه الدول.
- هو من العقود الكبرى والشاملة لبنود متنوعة حيث يدخل في تأمينه العنصر البشري بشكل أساسي، ويشمل جميع الأخطار من دون استثناءات (هيكل الطائرة– مسؤولية الركاب– مسؤولية الأشخاص خارج الطائرة–الركب الطائر– المخاطر الحربية– المسؤوليات...).
- له سوق إعادة تأمين محدود ومتخصص بأعمال الطيران بهيئة اللويدز في لندن يكتتب ويعمل كمعيد رائد لتغطية تأمين الطيران.
تاريخياً يعد عقد تأمين الطيران من العقود الحديثة التي ظهرت مطلع القرن العشرين، بعد بداية صناعة الطيران في أوائل القرن المذكور. حيث تم اكتتاب أول عقد تأمين طيران لدى هيئة اللويدز في لندن عام 1911،و سرعان ما تم إيقاف هذه العقود في عام 1912 بعد حوادث اصطدامات كثيرة نتيجة الطقس السيئ أثناء عروض للطيران والذي تسبب بحوادث كثيرة أدت إلى خسائر كبيرة على هذه العقود. ويعتقد أن أول هذه العقود قد تم اكتتابها لدى مكتتبي التأمين البحري.
في عام 1929 وبعد أن تم توقيع اتفاقية وارسو لتأمين مسؤولية الطيران، حيث أسست هذه الاتفاقية لبعض بنود مسؤوليات تأمين الطيران مثل: الأسعار– الشروط وحدود المسؤوليات للناقل الجوي. وهذه تعد أولى ظهور صناعة تأمين الطيران التي نعرفها اليوم.
في عام 1933 بدأ التفكير بوجوب إحداث صناعة متخصصة لهذا القطاع بحيث تكون منفصلة عن اتحاد التأمين العالمي للبحري (IUMI) حيث تم تشكيل لجنة متخصصة لدراسة تأمين الطيران، وبحلول عام 1934 ظهرت رسمياً ثماني شركات ومجمعات تأمين طيران أوروبية وبذلك ولد اتحاد التأمين العالمي للطيران (IUAI).
(سوق التأمين في لندن لايزال المركز الوحيد الأكبر لتأمين الطيران) حيث تم تشكيل هذا السوق من مجمعات اللويدز التقليدية في لندن وأسواق التأمين التقليدية الأخرى في السوق. أما في باقي أنحاء العالم هناك أسواق محلية مستقلة أُسست في دول عدة حيث تكتتب بشكل مستقل على أعمال تأمين الطيران ضمن كل بلد.
إن معظم خطوط الطيران تقوم بإعداد بوالص على أسطولها (fleet policies) لتغطية تأمين الطائرات التي تملكها أو تشغلها. ولا تتوافر لأي شركة تأمين بمفردها المصادر والإمكانية للاحتفاظ بتأمين الطيران نظراً لحجم خطر الأسطول الجوي أو حتى بحصة كبيرة من هذه الأخطار. لأن الطبيعة الكارثية لتأمين الطيران ممكن أن تُقاس بعدد الحوادث التي تكلف الملايين من الدولارات، وكمثال على ذلك الحادث الذي حصل مؤخراً على الطائرة الفرنسية قرب البرازيل والمتوقع أن تصل خسائره إلى أكثر من 800 مليون يورو. 
في الحقيقة ليس بمقدار أي شركة تأمين بمفردها مهما بلغت مواردها المالية أن تدفع تأميناً لحادث كهذا والإبقاء على التزاماتها تجاه عقودها في فروع التأمين الأخرى.
ولو تخيلنا أنه سيكون حادث آخر مماثل في هذا العام فإن ذلك سيجهد حتى باقي الشركات العالمية الأخرى التي تكتتب في تأمين الطيران. بالواقع أن هذا الحادث بمفرده قد أثر في أكثر من نصف بدلات تأمين الطيران الواردة في عام 2009، ناهيك عن الحوادث الأخرى المتفرقة التي حصلت خلال عام 2009.
هذا إضافة إلى حادث الاصطدام بنهر هدسون في أميركا لطائرة من طائرات (American Airlines) بسبب الطيور التي تم الاصطدام بها أثناء الإقلاع والذي استطاع الطيار بنجاح الهبوط في النهر دون خسائر بشرية. ويعد عام 1988 من أسوأ الأعوام للكوارث الجوية من حيث العدد وعام 2001 من أسوأ الأعوام من حيث الخسائر المادية والتي فاقت 70 مليار دولار أميركي.
أهم الأخطار المؤمَّنة في عقد تأمين الطيران:
* الهياكل جميع الأخطار (Hull all risks) وهذه تعود إلى شيء مادي (physical damage) حيث يشمل تأمين جسم الطائرة. إن العقود التابعة للهياكل هي مشروطة بوجود حد إعفاء (deductible) يتحمله المؤمَّن له، وهو مبلغ محدد يتراوح بين 50 ألف دولار أميركي للطائرات الصغيرة ومليون دولار أميركي للطائرات الكبيرة، وأيضاً يمكن تخفيض حد الإعفاء هذا بشراء عقد منفصل يسمى:
- حد الإعفاء (deductible insurance) حيث يكون هذا العقد لتخفيض مستوى الخسارة من مليون دولار أميركي على سبيل المثال إلى مئة ألف.
* أخطار الحرب (Hull war risks): إن العقد الأساسي لتأمين هياكل جميع الأخطار يستثني أخطار الحرب، لذلك فإن عقد تأمين الطيران يستوجب شراء عقد منفصل للمخاطر الحربية التي قد تصيب هيكل الطائرة نتيجة أي عمل حربي أو اختطاف للطائرة.
* أخطار الحرب التي تشمل المسؤوليات (AVN52): وهي تغطي الخسائر الناجمة عن الطائرة نتيجة أعمال حربية وتصيب الطرف الآخر ممتلكات أو أشخاص مثل حوادث أيلول/سبتمبر 2001.
* تأمين المسؤوليات وتقسم إلى قسمين:
1- المسؤولية تجاه الركاب والحقائب والشحن المحمولين على الطائرة. وهذه المسؤوليات الناتجة عن تشغيل الطائرة وهي مكتوبة على تذكرة الطائرة ومحددة المسؤولية.
2- المسؤولية تجاه الطرف الآخر (ممتلكات أو أشخاص خارج الطائرة)، وتكون حجم مبالغ التأمين لهذا النوع من التأمين محددة من قبل سلطات الطيران العالمية لكونها تطير فوق أجواء مطاراتها. وعادة يكون مبلغ التأمين محدداً بأكثر من مليار دولار أميركي للمسؤوليات.
بالنتيجة فإن هذا النوع من التأمين يتطور مع تطور صناعة الطيران وازدياد عدد الركاب المنقولين جواً مع تطور حجم الطائرات التي قد تنقل حالياً أكثر من 800 راكب على متن الطائرة الواحدة، الأمر الذي أدى إلى زيادة مبالغ التأمين إلى أكثر من 3 مليارات دولار أميركي كمسؤوليات عن كل طائرة.

بقلم سالم الترك

  • معاون المدير العام
  • مدير إعادة التأمين وتأمين الطيران
  • المؤسسة العامة السورية للتأمين