تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x
الريبورتاج

أقام الاتحاد السوري لشركات التأمين برعاية الدكتور محمد الحسين وزير المالية في نيسان الماضي وعلى مدار يومين ملتقى دمشق التأميني الخامس تحت شعار "نحو تأمين متطور"، بالتعاون مع الاتحاد العام العربي للتأمين، وإشراف الهيئة العامة للإشراف على التأمين، بمشاركة 500 مهتم وباحث وخبير من جميع أنحاء العالم، وهدف الملتقى لتلافي المعوقات والمشكلات التي تقف في سبيل تطور وتنمية صناعة التأمين داخل سورية، حيث تبرز أهميته من خلال التنسيق وتبادل المعلومات على كافة المستويات.

بدأ حفل الافتتاح بعرض فيلم وثائقي عن نشوء وتطور قطاع التأمين في سورية والإنجازات المالية والاقتصادية التي شهدتها سورية خلال السنوات الماضية.

كانت الكلمة الأولى للأستاذ سليمان الحسن رئيس الاتحاد السوري لشركات التأمين الذي رأى أن الملتقى لم يعد لقاء تأمينياً عادياً بل تقليد سنوي منتظر غدا موعد انعقاده تاريخاً ثابتاً في أجندة القائمين على هذا القطاع والمهتمين به.

وأشار إلى أن ما تحقق في القطاع التأميني في سورية حلقتان أولى وثانية، وحلقة أعلى وصولاً إلى قمة الهرم، هكذا عبر عن الجهد الجماعي الذي أسهمت فيه الأيادي البيضاء لصناعة قطاع التأمين وإنجاحه، فالحلقة الأولى أو القاعدة الأولى الأهم والأكبر التي يرى الحسن أنها صنعت قطاع التأمين هي شركات التأمين والعاملون بها عموماً والقائمون عليها وخصوصاً من يرسم السياسات التي تسير عليها هذه الشركات، ويحدد أسس العمل التي تقوم، وكان لتجاوبهم الكبير، وإدراككم وتفهمكم، بأن مصلحة الشركات تنبثق من تحقق مصلحة السوق وسلامة مساره وصحة نموه –وليس العكس- الدور الأكبر في إنجاح المساعي التي قام بها الاتحاد، والمحفز الأساسي له في اتخاذ خطوات تحديثية جبارة والسرعة في إنجاز هذه الخطوات التي كان أهمها على الإطلاق افتتاح مجمعات التأمين الإلزامي في المراكز الحدودية ومديريات النقل في المحافظات، والتي أثبتت أنها تجربة ناجحة وحضارية في تبسيط الإجراءات وسهولة تعامل المؤمِّنين سواءً من الوافدين أو المقيمين داخل سورية من جهة، وتوزيع العقود على الشركات بأسلوب عادل من جهة أخرى، لتكون بذلك الحل الجذري لأكبر مشكلات القطاع والتي كانت لولا المعالجة الإنقاذية بداية لفوضى عارمة ستكتنف هذه السوق وتتسرب من تأمين السيارات إلى باقي أنواع التأمين.

وأعلن الانتهاء من إنجاز مشروع سيتم إطلاقه في الأيام القليلة القادمة، يختص بإصدار وتجديد عقود التأمين الإلزامي عن طريق الإنترنت وإيصالها للمؤمِّن أو ما سوف يسمى التأمين الإلكتروني وهو ما من شأنه أن يسهم في توفير الجهد والوقت على المؤمِّن، علماً أننا الآن في الاتحاد بصدد اتخاذ العديد من الخطوات الأخرى المماثلة والمرهونة بنجاح تطبيق هذه الخطوة.

أما عن الحلقة الثانية فيتقاسمها كل من الاتحاد السوري لشركات التأمين وهيئة الإشراف على التأمين والتعاون بينهما أدى إلى ضبط إيقاع العمل في السوق، وما تبديه الهيئة من مرونة كبيرة في التعامل مع طروحات الاتحاد والمشكلات التي تعاني منها الشركات.

والحلقة الأعلى هي -كما يقول الحسن-: إننا وبالحديث عن أي إنجاز في قطاع التأمين نجده مقروناً باسم سيادة الدكتور محمد الحسين وزير المالية– رئيس مجلس إدارة هيئة الإشراف على التأمين سواء بوصفه ممثلاً لدعم ومتابعة الحكومة السورية، أو كراع شخصي لهذا القطاع أخذ على عاتقه المتابعة الحثيثة لبنائه خطوة بخطوة، وتوفير كل مستلزمات نجاحه، فكان تبنيه لكل الطروحات التجديدية وحماسته ودعمه لتنفيذ كل الأفكار التطويرية التي تجد فيها إعلاء لشأن سوق التأمين السورية ورفعتها.

وبوصوله إلى قمة الهرم: يقدم الحسن العرفان والامتنان الكبيرين للسيد الرئيس بشار الأسد على واسع رعايته التي ظلل بها هذا القطاع، والتي كانت الحافز الأكبر لبذل كل الطاقات والإمكانات ليكون هذا القطاع تجسيداً للصورة الحضارية والسامية التي رسمها، وبحجم العطايا الكبيرة التي وهبها، وكان آخرها المرسوم التشريعي 65 لعام 2009، والذي كان الشرارة الأولى لانطلاقة مشروع وطني كبير، يبدأ في مرحلته الأولى بتأمين العاملين في القطاع الإداري صحياً والبالغ عددهم 750 ألف عامل.

ثم كانت كلمة الأستاذ عبد الخالق رؤوف خليل الأمين العام للاتحاد العام العربي للتأمين، الذي عبر عن اعتزازه بوجوده في هذا الملتقى في سورية وأعرب عن تقديره للجهود المبذولة لأجل استمرار انعقاد هذا الملتقى، ثم ألقى الضوء على الواقع التأميني في البلاد العربية والذي تجاوز 18 مليار دولار في عام 2008، كما حقق هذا العام نمواً بنسبة 16.8 بالمئة مقارنة بـ25 بالمئة في عام 2007، وطرح العديد من التساؤلات حول بعد العقبات التي تواجه القطاع التأميني من أهمها:

هل نحن بحاجة لزيادة رؤوس أموال شركاتنا لاكتتاب أعمال أكثر في ضوء أساليب الرقابة الحديثة على التأمين؟

هل نسبة احتفاظ الشركات من الأخطار التي تقبلها ملائمة؟

هل نتعامل بحرفية العمل التأميني في سوق تنافسية تتسم بها أغلبية أسواق التأمين العربية؟

هل نستطيع تقديم تغطيات تأمينية منافسة؟

هل لدينا إستراتيجية تسويق واضحة؟

ما مدى اهتمامنا ببحوث السوق؟

هل تطبق الشركات معايير الحوكمة بما تتضمنه من شفافية وإفصاح؟

ما إنفاق شركاتنا على تأهيل وتطوير مهارات كوادرها الفنية والعلمية؟

وأنهى كلمته بطرح مجموعة من الإجراءات لتحديث وتطوير صناعة التأمين العربية من أهمها:

تطوير البيئة التشريعية وتعزيز دور مؤسسات التأمين في فض المنازعات، ما يؤدي إلى سرعة الإنجاز واختصار وقت الفصل في الدعاوى القضائية.

دعم تنافسية المنتج التأميني بتخفيض تكلفته من خلال تخفيض الضرائب والرسوم، وتوفير حوافز ضريبية لكل فروع التأمين.

تأسيس بنك معلومات وطني يعمل على خدمة كل سوق تأمين.

التوصل لأسعار استرشادية تعكس صوراً حقيقية للأخطار التي تكتتبها شركات التأمين.

نشر الوعي التأميني من خلال تبني إستراتيجية وطنية.

الاهتمام بتطوير أساليب التسويق وبحوث السوق.

الاهتمام بالدور الذي يؤديه وسطاء التأمين والخدمات الأخرى المساندة لصناعة التأمين.

تفعيل تسويق منتجات التأمين إلكترونياً، وكذلك تسويقها عبر البنوك.

وختام الحفل كان بكلمة راعي الملتقى الدكتور محمد الحسين وزير المالية الذي رأى أن ملتقى دمشق التأميني الخامس خطوة جديدة على الطريق التي تم رسمها نحو تأمين متطور، حيث يأتي شعار الملتقى لهذا العام كما يقول: تجسيداً للمسيرة التي نمضي بها، مع العلم أننا قطعنا أشواطاً وحققنا الكثير من الإنجازات في هذا القطاع مشيراً إلى أننا دوماً في طموح للمزيد.

وأضاف: ما وصلنا إليه من الاستقرار لهذا القطاع هو بالتأكيد ما كان ليحصل لولا ما نحظى من دعم ومتابعة من السيد الرئيس بشار الأسد لقطاع التأمين السوري ومن القيادة السياسية ومن الحكومة السورية، إضافة إلى جهود طيبة بذلها كل من هيئة الإشراف على التأمين والاتحاد السوري لشركات التأمين والشركات العاملة في السوق، ونتاج لعمل مشترك متناغم بين هذه الجهات سواءً لجهة التشريعات والقوانين التي أسهمت في وضع الإطار القانوني والتنظيمي له أو لجهة انتهاج إدارة اقتصادية ومالية ساعدت في خلق أرضية آمنة لنموه، حمته من الآثار الكارثية التي طرأت نتيجة الأزمة المالية العالمية، وآخر ما حرر في هذا السياق إصدار هيئة الإشراف على التأمين نظاماً لإدارة المخاطر في شركات التأمين، بهدف ضبط التأثيرات السلبية للأحداث التي قد تتعرض لها هذه الشركات، والتي من شأنها أن تؤثر في موقعها ونتائجها المالية, أو لجهة ضبط الممارسة والإشراف على التطبيق وتجاوز العقبات والثغرات وتطوير لأساليب العمل.

وقدم إضاءة خاطفة على ما حققه قطاع التأمين في سورية على جميع الصعد حتى عام 2009:

- من حيث الأقساط المحققة: تشير الأرقام إلى تضاعف في حجم الأقساط في عام 2009 مقارنة مع عام 2006 بمعدل ثلاث مرات، ففي نهاية عام 2009 بلغ حجم الأقساط 14.3 مليار ليرة سورية أو ما يعادل أكثر من 310 ملايين دولار، ومازال حجم السوق لا يعبر عن إمكانات الاقتصاد السوري، ونعمل على أن يصل حجم السوق إلى 500 مليون دولار خلال السنوات القليلة القادمة، وطموحنا أن يصل السوق إلى مليار دولار حتى عام 2020, وأن ترتفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 0.5 حالياً إلى حوالي 0.2%.

- فيما يخص الشركات العاملة في السوق: فقد بلغ عدد شركات التأمين في نهاية عام 2009 /14/ شركة منها 13 شركة خاصة، بينها شركتان للتأمين التكافلي, وشركة حكومية واحدة، إضافة إلى شركة واحدة لإعادة التأمين وخمس شركات لإدارة النفقات الطبية، وازداد الانتشار الجغرافي للشركات الخاصة في المحافظات ليصبح لها 29 فرعاً و31 مكتباً، وعدد المنافذ المصرفية المرخصة نحو 20 منفذاً حتى الآن, وما تبع ذلك من خلق فرص عمل جديدة في هذه الشركات وصلت إلى 1400 وظيفة تبلغ نسبة السوريين منهم نحو 97.5%.

ولعل من أهم الإنجازات -يقول الحسين- التي تحققت في عام 2009 والتي يجدر الإشارة إليها هو إحداث مجمعات للتأمين الإلزامي في المراكز الحدودية ومديريات النقل في المحافظات مجهزة بتقنية عالية والتي وضعت حداً للخلافات بين الشركات على عقود التأمين الإلزامي، وبالوقت ذاته عملت علة تبسيط الإجراءات سواء للوافدين من دول الجوار أو للمواطنين داخل سورية, علماً أن هذا الإجراء ارتبط به خلق فرص عمل جديدة حيث وصل عدد العاملين في الاتحاد السوري ومجمعات التأمين الإلزامي إلى 190 عاملاً.

الحسين رأى أن سورية تمر اليوم بظروف سياسية إيجابية بفضل حكمة قائدها ونجاح سياستها، ما أعاد لها دورها الطبيعي لأن تكون لاعباً أساسياً في صنع الحلول لقضايا المنطقة بعد سنوات من محاولات عزل وحصار سورية باءت بالفشل لأنها لم تكن مبنية على المنطق، وسورية تشهد اليوم وضعاً اقتصادياً واستثمارياً جيداً فقد حقق الاقتصاد السوري معدلات نمو جيدة خلال السنوات الماضية، وازدادت أحجام الاستثمار والسياحة والصادرات وفرص العمل وزاد الإنفاق الحكومي اعتماداً على الموارد المحلية، ولم يتجاوز عجز الموازنة العامة للدولة حاجز الـ4% في أي من السنوات السابقة بما فيها عام 2009, وحافظ الدين العام في نهاية عام 2009 على نسبة تقدر بنحو 2,6% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009, هذه هي الصورة الحقيقية للاقتصاد السوري في وقت تشهد فيه بعض اقتصاديات العالم أزمات مالية حادة.

هذا وحرص قبل ختام كلمته على تجديد العهد بأن يكون شخصياً على استعداد دائم لأي مساعدة أو دعم غايته تعزيز مكانة قطاع التأمين أو تذليل أي عقبات قد تعترض مسيرته، موجهاً الشكر والتقدير للجهود المخلصة والبناءة التي تبذلها كل من هيئة الإشراف على التأمين والاتحاد السوري لشركات التأمين في سبيل إعلاء شأن هذا القطاع ورفعته.

 

جلسات العمل

عقدت الجلسة الأولى تحت عنوان تطور التشريعات وتأثيرها في التأمين، وكانت برئاسة المهندس إياد زهراء، مدير عام هيئة الإشراف على التأمين إذ أشار إلى أن سورية "شهدت في العقد الأخير ثورة تشريعية متكاملة في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتنموية، حيث صدرت مجموعة هائلة من القوانين في مختلف المجالات، أهمها القوانين المتعلقة بالانفتاح التعليمي والترخيص لجامعات ومؤسسات التعليم الخاصة، إضافة إلى العامة والقوانين الخاصة بالترخيص للمصارف الخاصة إلى جانب المصارف العامة وإحداث هيئة الأوراق المالية وافتتاح سوق دمشق للأوراق المالية وقانون التطوير والاستثمار العقاري وقانون الإجارات" ثم تحدث عن التشريعات الخاصة بالتأمين حيث أوضح أنه لابد من وجود غطاء تأميني يوفر للشركات والاستثمارات القدرة على مواجهة الأخطار المحتملة وتوفير الضمانات الكافية، وبالفعل لقد صدر المرسوم التشريعي رقم 68 لعام 2004 الخاص بإحداث هيئة الإشراف على التأمين. والمرسوم التشريعي رقم 43 لعام 2005 وهو الناظم لأعمال التأمين في سورية، وبموجب المادة 40 منه تم إحداث الاتحاد السوري لشركات التأمين، كما تم إحداث صندوق التعويض على المتضررين.

ولفت زهراء إلى أن الهيئة تمكنت من استصدار معظم التشريعات الناظمة للعمل التأميني ومنها تطبيق مبدأ الحوكمة في إدارة الشركات والترخيص لشركات إدارة النفقات والتعليمات التنفيذية لنظام التأمين الإلزامي والتعليمات الخاصة بصندوق التعويض من متضرري حوادث السير ونظام أسس الممارسة وأنظمة مسوي الخسائر والاكتورايين والاستشاريين والوسطاء والوكلاء وأنظمة هامش الملاءة ونظام الاستثمار ونظام إدارة المخاطر.

وإدراكاً من الهيئة بأهمية دور قطاع التأمين في تنمية الاقتصاد الوطني، باعتباره يشكل أحد أهم المدخلات الإستراتيجية في الاقتصاد، فمن أول اهتماماتها التركيز على تنمية كل فروع التأمين الرئيسية من حيث الموضوع والخطر المؤمَّن منه الذي يمكن أن نقسمه إلى ثلاثة أنواع رئيسية: تأمينات الأشخاص، تأمينات الممتلكات، تأمينات المسؤولية المدنية.

كما تعكف الهيئة حالياً على استصدار مشروع خاص بنظام التحكيم في شركات التأمين السورية بشكل يتوافق مع قانون التحكيم رقم 4 لعام 2008.

محدداً رؤية الهيئة للمستقبل ولاسيما استكمال تطوير المنظومة التشريعية لقطاع التأمين ومراجعة جميع الأنظمة والقواعد المتبعة- الاهتمام بالتأمين على المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتأمين متناهي الصغر- تطوير قواعد الإشراف والرقابة على شركات التأمين- العمل على تطوير المنتجات التأمينية- التوسع في تقديم الخدمات التأمينية في كل المحافظات- التنسيق بين هيئة الإشراف على التأمين وهيئات التأمين العربية وتبادل الخبرات والمعلومات- تعزيز التعاون بين الهيئة والاتحاد السوري لشركات التأمين للتوصل إلى قرارات تخدم السوق والمواطنين- أهمية العمل على الارتقاء المستمر بالخبرات والكوادر البشرية العاملة في هذا القطاع.

الأستاذ أحمد حداد، محام في مركز دمشق للتحكيم الدولي كانت له كلمة تحدث فيها عن مبادئ التحكيم وضرورة ثبات التشريع وعدم تعديل وتبديل القوانين التي ترعى الاستثمار، وأن تكون هذه القوانين التي ترعى الاستثمار شفافة "لأن الحوافز والتخفيضات لا تكفي وحدها لخلق الثقة" وعرض لأمثلة عن التحكيم في كل من مصر (قناة السويس) فرنسا (مشروع يورو ديزني) ولبنان (شبكتا الخليوي) وبعد أن شرح خصائص التحكيم (حرية الأطراف في اختيار القاضي والقانون- السرعة- التكاليف القليلة)، وتحدث عن قانون التحكيم السوري لعام 2008 الذي استمد نصوصه من القوانين والأنظمة العالمية، وختم كلمته معتبراً أن الاستثمار والتحكيم صنوان لا ينفصلان لأن المستثمر يريد تشريعاً مناسباً له.

استعرض في الجلسة أيضاً الأستاذ حسين خضور، مستشار قانوني في غرفة التجارة الدولية مجموعة من القوانين الناظمة لعمل الشركات وسوق التأمين في سورية والقوانين الناظمة لعمل الشركات في علاقاتها مع الآخرين ولاسيما القانون المدني، قانون التجارة البحرية، قانون السير، والقرارات الناظمة لاستثمارات الشركات والحوكمة والوسطاء، لافتاً إلى تشابه بيئة العمل في القطاع التأميني بين الدول العربية والتي تعاني من ضعف الثقافة التأمينية والمنافسة الحادة بين الشركات ونظرة القضاء إلى الشركات ودور الخبراء ونقص في التشريعات الناظمة. ورأى خضور ضرورة إصدار تشريعات جديدة تغطي النقص الراهن وتوحيد عقود التأمين بين الدول العربية والعمل على نشر الوعي بين رجال القانون بأهمية التأمين في السياسة الاقتصادية للدولة ونشر الأحكام القضائية الصادرة عن مختلف المحاكم في الدول العربية.

 

الجلسة الثانية:

عقدت الجلسة الثانية تحت عنوان "الكوادر التأمينية.. تأهيل وارتقاء" ترأس الجلسة الأستاذ طاهر الحراكي، نائب رئيس الاتحاد السوري لشركات التأمين.

وتحدث الأستاذ جعفر مزعل المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي في معهد (CII) للتأمين– بريطانيا، فأكد ضرورة إيلاء التدريب والتأهيل للعاملين في شركات التأمين الأهمية الكبرى نظراً للإيجابيات الكبيرة التي توفرها الكوادر المؤهلة والمدربة، ولا يمكن لأي شركة أن تتجاهل أهمية هذا العامل بعيداً عن منطق الربح والخسارة أو التكلفة المالية وعامل الوقت، لأن العنصر البشري المدرب يمتلك رؤية وقدرة على التفاعل مع القضايا التي يواجهها في عمله ومن ثم يجب أن يأتي التدريب في مقدمة المتطلبات لعمل تأميني ناجح ومزدهر. مشدداً على توفير موارد مالية لقسم الموارد البشرية ليقوم بعمله مع ضرورة اعتماد مناهج وبرامج تدريبية جديدة للتعليم الإلكتروني الذي يبدو من الآمال البراقة في الصناعة التأمينية منوهاً بضرورة اعتماد أساليب جديدة كالإنصات والتواصل والحوار بين مختلف الأقسام وصولاًَ إلى بلورة منتجات تأمينية تأخذ بالحسبان حاجات السكان والسوق فلا يكون التأمين إلا انبثاقاً وتعبيراً عن الحاجة في التطور والتقدم المجتمعي.

بدوره الأستاذ سميح سعد الله جحا، مستشار وخبير اكتواري– لبنان، تحدث عن مبدأ الربحية والمخاطرة لدى شركات التأمين حيث إن القرارات تؤخذ بالتناسب والموازاة بين القيمة المضافة للشركة ورأس المال المطلوب، مشيراً إلى أن قياس المخاطر التأمينية يتكون من شقين: احتمالات وقوع الخطر، والخسارة المتوقعة، مستعرضاً بعض الأمثلة والاحتمالات التي تطرحها في اختيار النموذج الأمثل من المشروعات.

وأشار جحا إلى أن إدارة المخاطر تحتاج إلى كفاءات عالية والعمل على زيادة الوعي بثقافة المخاطر لضمان نمو صلب ومستديم في قطاع التأمين، إذ لابد من تسعير المنتجات التأمينية بما يتناسب مع المخاطر، وتقدير نمو المحفظة التأمينية، واستشراف الحاجات بالنسبة للمستفيدين، مؤكداً ضرورة توفر خبرات تأمينية وفنية تتكفل بعمليات التأمين والتحليل وإعداد التقارير والحوكمة والالتزام وعمليات الاستثمار.

وتحدث البرفوسور كريستوفر بارسونز أستاذ في كلية كاس للأعمال– بريطانيا فعرض لصورتين الأولى: تمثل مصرفيين بريطانيين يتم استجوابهم في مجلس العموم البريطاني وهم يعتذرون عن الفشل الذي أصاب النظام المصرفي نتيجة فشلهم، والثانية: لمدير شركة يابانية يعتذر عن فشله في أداء عمله، وعرض الدروس المستقاة من الأزمة الاقتصادية العالمية وهي:

الفشل في فهم المنتجات التي يتم استعمالها أدى إلى أمور كارثية

الفشل في اتباع المبادئ الأساسية المصرفية

التعلم من دروس التاريخ.

وفي سياق كلمته تطرق إلى أزمة بنك لويدز وتعرضه للفشل، لأنه تحمل بعض المخاطر التي كان يجب ألا يتحملها، وقد بين أهمية التعليم التأميني الأكاديمي الذي يهدف إلى زيادة رفعة المهارات التأمينية وضرورة التوجه نحو البحوث والإحصائيات.

وفي سرده بين وجود رابط بين التعليم المهني والبرامج الأكاديمية فالتعليم المهني يركز على مبادئ التأمين والدورات الأكاديمية تؤكد على ما هو منشور حول موضوع التأمين، وقد حدد خمسة أعمدة يقوم عليها التأمين وهي:

فهم ما يدور في صناعة التأمين والاعتماد على الإحصائيات والرياضيات.

القانون وأهمية الحاجة لفهم المبادئ والقواعد القانونية.

الاقتصاد إذ إن هناك أجزاء محددة في الاقتصاد كاقتصاد المعلومات التي توفر لنا المعرفة التامة بحقيقة السوق.

التمويل والمحاسبة.

علم الإدارة.

وقد أكد في كلمته "أن سوق التأمين السورية لاتزال سوقاً واعدة توفر فرصاً جيدة لكونها لم تصل إلى حد الإشباع".

وعلى هامش الملتقى، عقدت اللجنة الفنية للصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب اجتماعها السنوي الذي ضم كلاً من السادة:

طاهر طالب الحراكي (رئيس اللجنة الفنية) أشرف بسيسو (نائب اللجنة الفنية) بسام جلميران (عضواً) بسام حسين (عضواً) فادي شماس (عضواً) خالد سعود الحسن (عضواً) محمد مظهر حمادة (عضواً) سليمان الحسن (عضواً) صلاح الدين موسى سليمان (عضواً(.

جلسة العمل الثالثة

في اليوم الثاني لأعمال المؤتمر، وتحت عنوان "إعادة التأمين، دروس وعبر" أشار رئيس جمعية الضمان اللبنانية أبراهام ماتوسيان إلى أن شركات إعادة التأمين شهدت تطوراً كبيراً من خلال انفتاحها وتفاعلها على نطاق عالمي مستفيدة من الخبرات والديناميكية المتسارعة في تلبية حاجات كل مرحلة لافتاً إلى أن إعادة التأمين مكنت اقتصاديات قومية من مواجهة كوارث طبيعية.

وأوضح ماتوسيان أن إعادة التأمين ساعدت في إتاحة الإمكانيات اللازمة بما يتلاءم مع التطور العلمي من خلال الإحصاءات لتقييم الأخطار في المنحى الأقل إيجابية مؤكداً الحاجة إلى التخصصية في التأمين وإعادة التأمين.

بدوره رأى المدير التنفيذي لصندوق التأمين العربي لأخطار الحرب قيس المدرس أن مهنة إعادة التأمين تستند إلى أربعة محاور وهي: الشفافية والمهنية والكفاءة أو التخصص والتدرج في الوظيفة والتأهيل مؤكداً أن الاستثمار في الجانب البشري في إعادة التأمين هو الاستثمار الأنجع.

وقدم المدرس لمحة مكثفة عن صندوق التأمين العربي لأخطار الحرب الذي كان الالتزام والمهنية إحدى سماته وهذا ما أدى إلى ارتفاع عدد الشركات المنتسبة إليه من 27 شركة إلى 170 شركة وبلغ رأسماله 110 ملايين دولار.

من جانبه تناول مدير عام شركة المتحدة لوسطاء التأمين جورج قبان بعض الدروس والعبر التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية، وإن كانت آثارها بنسب متفاوتة بين دولة وأخرى، مشيراً إلى أن الأزمة -وإن تفردت في نوعها- فلن تكون الأخيرة، حيث شهد العالم منذ القرن التاسع عشر سلسلة من الأزمات المالية والاقتصادية.

ودعا شركات إعادة التأمين إلى التركيز على حوكمة الشركات باعتباره المبدأ الأهم في عملها، مشيراً إلى أن المستقبل سيشهد نمواً في دور وسطاء التأمين وإعادة التأمين المحترفين.

وتركزت مناقشات الجلسة الختامية لملتقى دمشق التأميني الخامس حول الثقافة والوعي التأميني ودور الإعلام وسبل الاستفادة من التكنولوجيا في إيصال الرسائل التأمينية إلى المواطنين بهدف زيادة الإقبال على التأمين بمختلف فروعه.

ترأس الجلسة الأمين العام للاتحاد العام العربي للتأمين عبد الخالق رؤوف خليل حيث أشار إلى أهمية الإعلام في نجاح قطاع التأمين وزيادة عدد الأفراد الذين تشملهم المظلة التأمينية من خلال نقل الرسالة الإعلانية لشركات التأمين وأهدافها والخدمات والمنتجات التي تقدمها صناعة التأمين.

ولفت خليل إلى ضرورة إيلاء الكادر العامل في شركات ومؤسسات التأمين الاهتمام اللازم لجهة التدريب والتأهيل لتمكينهم من التعامل بحرفية العمل التأميني في سوق تنافسية تتسم بها أغلبية أسواق التأمين العربية وتقديم تغطيات تأمينية ووضع إستراتيجية تسويق واضحة مع تطبيق معايير الحوكمة وتأهيل كوادرها الفنية والعلمية.

من جانبه رأى مدير تأمينات الحياة والصحة في شركة غزال للتأمين الأستاذ مصطفى السيد أن ضعف الوعي التأميني في الدول العربية يعود إلى عدم الاهتمام بقطاع التأمين وضعف البنية الاقتصادية لبعض هذه البلدان وعدم قناعة الكثيرين بالتأمين وانحسار شراء وثائق التأمين في الأوساط التجارية والطبقات الغنية وإهمال نشر الوعي التأميني لدي الجمهور سواء بحاجاتهم والتغطيات التأمينية المتاحة وتوعية الأفراد بحقوقهم التأمينية وعدم الاهتمام من شركات التأمين العربية بتأمينات الحياة أو تأمينات الأشخاص والتي تمثل نحو 60 بالمئة من حجم أقساط التأمين في العالم.

وأكد الأستاذ هراير كويومجيان رئيس قسم التدريب والتوظيف في شركة أليانز اللبنانية ضرورة الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها وسائل الإعلام في نشر ثقافة التأمين في المجتمع لافتاً إلى ما يوفره الإعلام من فرص واسعة لتطوير رؤية الآخرين في هذا المجال ومن ثم الوصول الى توصيات تساعد في الارتقاء بمستوى إسهام الإعلام في التوعية التأمينية.

ودعا كويومجيان شركات التأمين العاملة في الدول العربية إلى دراسة الشروط العامة لعقود التأمين المختلفة قبل طرحها على العملاء من النواحي الفنية المختلفة بمجال التغطيات التأمينية الممنوحة للعملاء أو الأشخاص، فضلاً عن النواحي القانونية التي غالباً ما تكون في مصلحة شركات التأمين في مواجهة عملائها لافتاً إلى أن رفع مستوى الوعي التأميني لدى العملاء في الدول العربية بشكل عام يعد هدفاً في حد ذاته يستلزم أموراً متعددة لتحقيقه واستدامته وجهوداً متضافرة لإمكان المساهمة في نجاحه والارتقاء به إلى المستوى الذي يحقق جودة الخدمة الشاملة.

بدوره أشار المدير التنفيذي لمركز رويال للدراسات القانونية والتدريب الأستاذ آلان هنري إلى أهمية الدور الذي يقوم به الإعلام من خلال البرامج التلفزيونية والمواقع الإلكترونية وإقامة الندوات والبرامج التثقيفية والملتقيات حول الموضوعات التأمينية والمجالات التأمينية، إضافة إلى دور المؤسسات التعليمية في وضع برنامج تعليمي لطلاب المدارس في مختلف المراحل التعليمية.

ولفت هنري إلى ضرورة الاهتمام بالتطبيق العلمي للبحث في تطوير الأداء المهني للتأمين والاستفادة من الدراسات والأبحاث المتخصصة في هذا المجال.

وعلى هامش فعاليات اليوم الثاني عقد الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب جمعيته العمومية.

يذكر أن الصندوق يضم حالياً 170 عضواً يمثلون أغلبية منتسبي جامعة الدول العربية الـ19.